غروب شمس

428 22 12
                                    

عائلتي خط أحمر .. هذا ما علمني إياه والدي عند موته ..

أتذكره جيدا عندما غربت الشمس  آخذة والدي معها  , يغطى ضوؤها البرتقالي الكئيب جو غرفة المشفى .

" لتكن أمك و أختك .. تحت رعايتك  "

وفي اليوم الثاني صباحا :  عند دفنه شعرت بيد وهمية ربتت على كتفي و تعصره .. إنه هو .. أبي .. لن أجعله يقلق أبدا ..

لهذا لم تنزل دمعة واحدة من عيناي هذا ما جعل أمي تضربني بشدة وهي تصرخ : " أنت ما زلت طفلا !! إبكي !! "

رغم ذلك .. لم تنزل .

--

منذ وفاه أبي وهي أصبحت متخبطة تنسى كثيرا و تتوه في منزلها تتخيله يجلس على الأريكة يراقب الأخبار ينتظر منها إعداد قهوته , ليست مجنونة أبدا ولكن هي تشتاق له كثيرا . لهذا عاشت معنا  العمة ميسون , وهي شابة عاطلة في الثلاثين من عمرها تعمل في قهوة قريبة من الحي .

أختي ترتب أغراضها لتذهب إلى جامعة أحلاما . أما أنا أنتظر بفارغ الصبر لأنتهي من الابتدائية . و بينما أنا أنتظر الإبتدائية تنتهي إلا و تدخل علينا أختي تبكي بجنون و تصعد فورا لغرفتها  !!

لم تبكي بهذه الهستيريه منذ وفاه أبي  , وقتها لحقت بها و أنا عازم لمعرفة من فعل بها هذا أكثر من السبب نفسه !!

طرقت الباب بشدة : " كارلا !! افتحي الباب !! كارلا !! "

وقتها أتت العمة ميسون وهي تبعدني قائلة : " ابتعد من هنا يا ولد .. دعني أتحدث معها "

: " لا لن أبتعد .. أريد أن أعرف من جعلها تبكي !! كارلا افتحي الباب أنا أرجوك !! " 

فتحت قفل الباب و انتظرت ثواني لأدخل و لكن قبل أن أمسك المقبض حتى تفتحه على مصرعيه و احتضنتني فجأة !!

و أخذت تبكي على كتفي و تعصرني .. كدت أن أختنق .

: " كآ..ر.لا "

فنطقت أخيرا وسط هذا البكاء : " توماس .. هجرني !! "

: " هذا هو الأمر .. توماس هجرك ؟ تبكي من أجله "

كانت ردة فعلي الصدمة .. لهذه الدرجة أختي سخيفة !!  حتى أكملت جملتها قائلة : " فتذكرت والدي .. جيمي .. أنا لم أستطع نسيان أبي "

جلست عمتى على ركبتها وهي تطبطب على كتف كارلا قائلة  : " من الصعب نسيان رجل عظيم كوالدك .. "

فضمتها إلى صدرها

في نفس الليلة لم تكن صعبة على كارلا لوحدها بل كانت أكثر صعوبة على أمي أيضا حيث كانت تلوم نفسها أنها لم تكن موجودة بجانب ابنتها عند انهيارها .

هديتي لأختيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن