Fairy Of Shampoo

291 34 19
                                    


"بدونِك تموتُ الأيام، أمّا معك فيُزهِرُ كلّ شيء."
ألبير كامو


لم تكن الأيام هي الشيء الوحيد الذي يمر ببطء كالشتاء
يكاد العلاج البطيء يقتل آيسا يوم بعد يوم، جرعات يومية من البؤس بلا أمل

لم تكن الساعات والدقائق ثقيلة عليها وحدها، بل يكاد القلق يقضي على جاي الذي كان ينتظر من ايسا خبرًا، لم يتواصلا معا مذ ذلك اليوم أبدًا

قادته قدميه للمقرها البارد كثيرًا، قلبه يتوق لمعرفة حالها
بينما عقله لايزال يتسائل عن ماهو اسمها؟

طرق الطاولة التي تفصل بينه وبين موظف الإستقبال، بقي لنصف ساعة يصف له الزهرة التي تُشغل عقله وباله، كيف يمكن ألا تكون هنا!

قصيرة بعض الشيء، شعرها طويل وأسود كعامة الليل، لم ينظر لعينيها قط إلا وقد وجد بها نجومًا بريقها يُغطي السماء، رائحتها مُنعشة كالشامبو برائحة أزهار تفتحت للتو، ترتدي الأبيض دائمًا كزهرة قطن وندفة ثلج، أقصر منه وكأنها نجمة لم يكتمل نموها بعد، يديها صغيرة وأنفها دائم الحمرة من البرد...

"تملك صوت ناعم كغناء الفراشات.. ألم تتعرف عليها بعد؟" سأل راجيًا من الموظف أن يعرفها، لكنه يستمر بالنفي ويردد بلم يفعل، ولن يتركه يدور في المستشفى باحثًا عنها

استدار يغادر مُنخفض الكتفين، ارتدى خوذته ولايزال قلبه يرغب بالعودة وإقتحام قلعته لإيجادها، لكن ما لايرغب به عقله هو أن يُطرد من هنا، قد يخسر فرصة رؤيتها للأبد

"مهلًا.. جاي"
سمع صوتها المفضل لقلبه قبل أذنيه، وجدها من بين كل الصخب المحيط به مثل نجمة وحيدة في إتساع السماء، ازال الخوذة من على رأسه واستدار يُحدق بالواقفة خلفه امام المخرج، لاتزال كالملاك ترتدي الأبيض كعادتها

كما اعتاد عليها، شعرها الطويل يُراقصه الهواء وينادي كفيه لتُربت عليه، ترك مابيده وركض نحوها كما لو أنها هنا للحظة وقد تختفي بعدها قبل أن يصل، احاطها بذراعيه وكأن حياته تعتمد عليها، هي كل شيء

"آسفة، حدثت بعض الأمور"
تحدثت هي بصوت خافت، وهو يُحدق بالثلج الذي يتساقط فوق شعرها، ولايزال يحيطها بين ذراعيه بقوة غريبة، لم يبتعد بقدر انملة، كيف له أن يفعل؟

انفلتت من بين ذراعيه كندفة ثلج ذائبة، تُحدق بوجهه بعد ايام من انعدام التواصل، وهو كل ماجاء في باله، ان يبصق ماكان عالق في لسانه لفترة

"ماهو اسمكِ؟"

هل استطاعت ان تُشغل حيز واسع داخل قلبه وعقله من دون اسم؟ بالطبع، هي فعلت، ولهذا شفاهها ابتسمت، ثم فعلت شفتيه، ويده تنهش مؤخرة عنقه بإحراج

"اسف، كان علي أن أقول شئ لائق أولًا.. لكنكِ لم تخبريني به، لم أستطع ايجادكِ، رغم اني وصفتكِ للم.."
برر كثيرًا وبلا توقف، بدا لها أن الليل قد يحل وهو لاينوي التوقف، أمسكت بيده لتُخفضها بعد ان عنف بها عنقه كثيرًا بسبب مايشعر به من إحراج

"ليزلي"

ابتسمت هي بينما تنطق إفتراءًا، تصنع كذبة وراء كذبة، تحاول الهرب من ذاتها التي لا تُطيقها، ترغب بأن تبتعد عن كل مايُذكرها بنفسها ويُبقيها عالقة بجيد واهن، تطمع بأن تكون شخص أخر، تريد أن تخلق عالم جديد، حين تكون معه

لم يتعلم يومًا كيف يبتلع ابتسامته، بدا له أن العالم بأكمله صغير كحجم كفيها على أن يحتوي سعادته، هو يعرف اسمها، أخيرًا! بعثر شعره بسعادة،
كما لو أنه انتهى من قيادة دراجته لمسافة طويلة اسفل المطر

"لطيف، هل أستطيع إختيار موعدنا القادم؟"
سأل بينما يقترب منها مجددًا، يرتب خصلات شعرها التي بعثرها الهواء،
لم يقصد أن يُسمي لقائهما بالموعد، لكن الكلمة خرجت رغمًا عنه، أعجبته

"بالطبع، لنتفق لاحقًا"
اومأت بينما تُبعد خصلات شعرها السوداء عن شحوب وجهها، أخذت خطوة صغيرة للخلف ثم غادرت بسرعة، هربت خوفًا من أن يلاحظ تورد وجنتيها مجددًا

قلقة من أن قد يلاحظ أحد لقائها به
أن يعرفوا بحقيقة تمردها على عالمها الذي لا يتعدا حدود المستشفى

أن ينظر الجميع لآيسا التي خلقت لها عالم جديد، مزيف
لا يختلف عن القصص التي لاتنتهي داخل مخيلتها كل ليلة قبل النوم.



To Be Continued...

ETOILE | JAYحيث تعيش القصص. اكتشف الآن