"وسط الزحام، تتقاطع الأقدار وتلتقي الأرواح في لحظات عابرة، حيث يصبح كل شيء كحلمٍ بعيد في عالمٍ مليء بالألوان الزائفة."-مارسيل بروس
احتشدت الألوان الزاهية والهتافات السعيدة في كل زاوية من العالم، حيث حل الربيع أخيرًا على الأرض. جاء مهرجان استقبال الربيع إلى نهايته، وها هو يقف وسط الزحام، وحيدًا، ينتظر وقتًا بدا له كالدهر للقاءها.
هذا اللقاء الذي انتظره طويلاً، وقد قطع وعدًا بأن يزرع لها الربيع حتى في أوج تساقط حُمرة الخريف وشحوب الشتاء.
قطع وعدًا ألا تُذرف دموعها مادام حيًا، مادامت من حولهما تنبض روح الحياة. عازِمٌ على اكتشاف ما يؤرق أيامها، وإضاءة الطريق نحو بهجتها، ومنحها ما يُسعد روحها.
في آخر يوم للمهرجان، قطعا وعدًا بأن يلتقيا، أن يُشاهدا النجوم معًا في السماء الصافية قبل أن تُغطي الألعاب النارية العملاقة السماء، وأن يتمنيا أُمنية معًا، تُحلّق أُمنيتهما في السماء وتتحقق غدًا، قبل أن يعود الشتاء.
أن يتمنيا أن تبقى أيديهما متشابكة ما دامت النجوم تُضيء في السماء.
لكن الآن، هو واقف وحيدًا وسط الزحام، يده فارغة والنصف الآخر من أمنيته انفجر مع الألعاب في السماء. تساءل أين هي، وكيف يمكنه أن يميز بريق عينيها الحزينتين وسط كل هذه الأضواء الساطعة في كل مكان.
وعدت أن تأتي، ولا زالت برودة خنصرها الصغير تتردد في يده.
أمنيته هي ألا يُنكث هذا الوعد "أن تأتي، أرجوك، يا إلهي، اجعلها تأتي"ترك العالم كله خلفه، النجوم التي لا تزال تتلألأ وسط كل الصخب السعيد في السماء، حين لمح قلبه طيفها الحزين، هناك على مسافة بعيدة وسط الزحام. وجدها، أمنيته وجدت طريقها عبر السماء، ها هي هنا قريبة بما يكفي أن يراها بعينيه، لكنها بعيدة عن يديه كالنجوم البعيدة في السماء.
ناداها باسمها الذي لقنته إياه، ردده كأُمنية أطلقها في عرض السماء، وعادت له الأمنية وحيدة لم تُجاب. ازدادت المسافة بينهما كهوةٍ عميقة، وهو يراها تقف وحدها، تنظر نحو السماء، وقلبه يسقط للقاع عميقًا كلما اصطدم بجسد ما، يفقد نبضة مع كل خطوة يتعثر بها حتى يصير جسده خاوٍ من كل الحياة
"ليزلي..." نادى، وبدا له العالم أكثر صُخبًا لحجب صوته من الوصول لها، لأن المستحيل هو أن تسمعه دون أن تجيبه، فهي تعرف صوته كما لو أنه خُلق لها وحدها. لكنها بدت وكأنها لا تعرف اسمها، خيمت الغرابة على صدره مع كل خطوة، بدا له كأن العالم كله ينظر إليه سواها.
ثم اهتز هاتفه في جيب معطفه، صار ينظر إلى الرسالة القصيرة في طريقه لها، وكلما شعر بقدميه تتحركان للأمام، يقرأ سطرًا يُعيده مجبرًا إلى الوراء. كان يقف عاجزًا حتى عن النظر إليها، بدت كنجمة تتفجر وحيدة بين الألعاب في السماء، ولا أحد ينظر إليها.
"هل آيسا برفقتك؟ وجدنا لها مُتبرعًا بالقلب، جاي..
أعِدها للمستشفى قبل أن تفقد الفرصة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة""آيسا..."
نادى بإسمها الذي لا يألفه، وهي التفتت نحوه ونظرها مُعلق نحو السماء، حيث الألوان تتراقص عاليًا وتلبث قليلًا قبل أن تتبخر ببطء في الظلام.
ثم حينها إلتقت أعينهما ببعضها البعض، لم يكن واضحًا إذا كانت قد تذكرت صوته، لكن كان واضحًا أنها تعرف أن هذا هو اسمها.وأن هناك شيئ قد تغير في هذه اللحظة بينهما، للأبد.
To Be Continued...