رقم واحد
مبنساش اليوم ده أبداً ومظنش عمري هنساه..
أنا اسمي ندى وبشتغل في شركة مشهورة موظفة خدمة عملا..
في اليوم ده كانت أول مرة ليا أشتغل في الشفت المسائي وكان آخر معاد ليا الساعة 11 بس للأسف يومها المدير الله يسامحه طلب مني شغل كتير أعمله..
أرقام كتير كلمتها ده غير إني كنت بعمل قوائم بأرقام لتاني يوم وبسبب كل ده اتأخرت عن المعاد اللي المفروض بخلص فيه..
كنت لوحدي في الدور ومفيش حد معايا معظم زمايلي كانوا مشيوا
الساعة جات 12 ونص وأنا أخيراً خلصت كل شغلي شيلت السماعة من ودني ورجعت ضهري لورا اسند على ضهر الكرسي وانا بتنهد بتعب واقول "أخيرااً"
أخدت نفس عميق وأنا مقررة إني مش هشيل لحد شفت مسائي تاني لأنه مجهد أكتر من الصباحي ده غير إنه بياكل الوقت حرفياً
أساساً أنا شفتي صباحي بس في اليوم ده زميلتي اللي بتستلم مني اترجتني نبدل سوا عشان عندها مناسبة ومش عاوزة تغيب عن الشغل ويتخصملها لأن أجازاتها خلصت وأنا للأسف وافقت..
اتعدلت في قعدتي وبدأت أجمع حاجتي وقفلت جهاز الكمبيوتر وقمت من مكاني وأنا ناوية أخرج من الشركة عالبيت عالسرير وإني حتى مش هدخل الحمام اتأكد من إن الطرحة معدولة
والدتي كانت عمالة تبعتلي رسايل تطلب مني إني أروح فعرفت إني أكيد هاخد دش ساقع من التهزيق أول ما اوصل البيت..
"آدي آخرة اللي بيستجدع مع زمايله"
اتحركت بسرعة أخرج من أوضة خدمة العملا الواسعة جداً بس وقفت فجأة لما لقيت واحد من التليفونات بيرن..
فكرت أتجاهله وأمشي بس قبل ما آخد القرار لقيت نفسي برجع تاني وبمشي ناحية التليفون
وصدقوني أنا لدلوقتي مش عارفة هل أنا رجعت بتصرف تلقائي ولا حاجة هي اللي رجعتني
ولو بتسألوا إيه الحاجة اللي ممكن تكون رجعتني فاستنوا وهتعرفوا..
مشيت ناحية التليفون ورفعت السماعة
"مساء الخير.. شركة (كذا).. مع حضرتك ندى من خدمة العملا أقدر أساعد حضرتك في حاجة"
صمت هو اللي رد عليا فاستغربت وقلت لنفسي ممكن مشكلة في الشبكة ورجعت أعيد كلامي تاني
"مساء الخير يا فندم.. حضرتك سامعني؟!"
برده مفيش رد فقررت إني هقفل وخلاص لكن فجأة سمعت همهمة على الخط التاني
كانت أكن حد بيهمس بكلام بس الكلام مش مفهوم
ركزت فيه بشكل تلقائي وياريتني ما ركزت
لما كنت منتبهة جداً عشان أحاول أفسر اللي بيتقال فجأة وبدون سابق انذار طلعت صرخة عالية ومرعبة من التليفون
من الفزع رميت السماعة بعيد ولثواني استمر الصريخ بدون توقف وأنا كنت واقفة ببص للتليفون برعب قبل ما فجأة يتقطع الصراخ..
وقفت ثواني بحاول استوعب اللي حصل وبعدين قربت من الترابيزة ورفعت السماعة وحطيتها عالتليفون وقررت إني أمشي وحتى لو رن تاني مش راجعة..
خرجت من الأوضة ومشيت في الطرقة وأنا حاسة برهبة وبرودة غريبة..
كنت بحاول أقنع نفسي إن ديه معاكسة من حد سخيف ما فيه منهم كتير وياما بقابلهم في شغلانتي...
بس طول مانا ماشية سامعة الهمس بتاع البنت بيتردد في دماغي
أنا فعلاً مكنتش فاهمة منه حاجة بس لقطت كام كلمة من اللي قالته
(بهطق.. كازو.. طهشزم.. عفق)
الكلمات ديه بالذات كانت بتتكرر في دماغي كتير جداً ومع ذلك أنا تجاهلت الموضوع وفضلت ماشية لحد ما فجأة قطع الصمت في المكان صوت رعبني وجمدني في مكاني..
صوت عياط طفلة صغيرة..
أنا فضلت ثواني بحاول استوعب إن اللي سمعته فعلاً صوت طفلة صغيرة..
ومن غير وعي اتلفت ورايا أبص حواليا واتأكدت إنه الصوت موجود فعلاً..
فجأة غاب عن دماغي أي رعب وتخيلت إنه يكون فيه طفلة هنا تاهت مثلاً من أهلها
أصل الشركة بتاعتنا في عمارة سكنية وفيه كمان عيادة دكتور أطفال في الدور اللي فوقينا على طول واللي اعرفه إنه بيفتح لوقت متأخر
معقولة تكون البنت نزلت وتاهت من أهلها؟!..
اتحركت في المكان بدور على مكان الصوت واتصدمت لما لقيت المكان اللي طالع منه
الصوت كان طالع من أوضة خدمة العملا اللي أنا لسه طالعة منها من ثواني بس..
خطواتي اتباطئت قبل ما أوصل لباب الأوضة وأبص جواها..
وجنب نفس المكتب وعند نفس التليفون اللي وصلتني منه المكالمة المفزعة لقيت بنت صغيرة عادية شعرها أسود ولابسة فستان لونه أصفر واقفة بثبات وهي بتبتسم
فضلت أبصيلها برعب.. شكلها كان عادي بس ابتسامتها كانت مريبة
الموقف كله كان مريب بس أنا حاولت أتجاهل النقطة ديه
"إنتي مين؟"
سألتها أول ما استرجعت جزء من ثباتي فردت بهدوء "أنا اسمي ملك"
ردها الهادي خرجني من الرعب اللي عايشاه شوية وقربت منها وأنا بقول "وجيتي هنا ازاي يا ملك وفين مامتك؟"
البنت مردتش وفجأة ظهر على ملامحها رعب وحزن ممتزجين مع بعض
"تعالي أنزلك للأمن عشان يوديكي لمامتك"
قلتلها الكلمة ديه وأنا بمديلها إيدي بس هي ممدتش إيدها وفضلت ثابتة في مكانها قبل ما ترفعلي وشها وتقولي "أنا مقدرش أطلع من هنا وانتي لازم تمشي قبل ما مامتي تيجي"
بصيتلها باستغراب بس طريقتها وهي بتقولي إني لازم أمشي قبل ما مامتها تيجي قلقتني
وقبل ما اسألها سمعت صوت حاجة بتتجر عالأرض
اترعبت وبصيت ناحية الباب بخوف
"امشي قبل ما تيجي بسرعة"
رجعت بصيتلها والمرادي شفت على ملامح وشها تحذير وكمان صوتها كان أعلى أكنها بتؤمرني
ومع صوت الحاجة اللي بتتجر عالأرض جريت من غير ما أحس لحد ما وصلت للأسانسير الداخلي للشركة
ضغطت عالزرار عشان أطلبه وأنا سامعة صوت الحاجة اللي بتتجر بتقرب أكتر وأكتر
اتلفت أبص ورايا لقيت النور اللي في آخر الطرقة بيترعش وبعدين فجأة اتقفل
ومن بين الضلمة اللي في آخر الطرقة شوفت واحدة واقفة
عرفت إنها واحدة من شعرها الطويل الضلمة مخلتنيش أشوف لابسة إيه أنا بس شوفت هيئتها وشعرها الطويل وكمان كان فيه حاجتين بيلمعوا في وشها
عينيها كانت بتلمع زي عيون القطط
بقيت أضغط على زرار الأسانسير زي المجنونة وفجأة بدأت تتحرك ومعاها صوت الحاجة اللي بتتجر ومع تقدمها ناحيتي كان كل نور تيجي عليه يتقفل
كنت مش قادرة اصرخ من الرعب ولحسن حظي الأسانسير وصل فدخلته وقعدت أضغط على الزرار اللي هيوصلني للدور الأول ويبعدني عن الكابوس ده وقبل ما الست ديه توصل لآخر بقعة ضوء اتقفل الأسانسير وابتدى ينزل استندت على حيطة الأسانسير وأنا مغمضة عيني وبسأل نفسي
"هو أنا بحلم؟!"
مستحيل ده يكون حلم ولا حتى كابوس
قررت إني هنزل وأحكي لفرد الأمن كل حاجة وأمشي عالبيت على طول بس الأسانسير وقف فجأة..
فتحت عيني أبص حواليا لقيته اتهز هزة خفيفة والنور بتاعه اتطفى لثواني قليلة مرت عليا أكنها سنين..
الرعب زاد في قلبي واتحول لفزع كنت حرفياً بتنفض في مكاني بالذات لما حسيت إني مش لوحدي وإنه فيه نفس حد معايا في الأسانسير
كان قريب جداً مني لدرجة إني حسيت إنه بينفخ في وشي غمضت عيني وأنا بقول لنفسي إنه أكيد تهيؤات..
وفعلاً بعد ثواني معدتش سامعة أنفاس حواليا
مش بس كده ده النور كمان رجع بس الأسانسير متحركش..
فتحت عيني عشان أضغط عالأزرار بس لقيتها في وشي..
شهقت برعب وأنا بشوف وشها المخيف
بشرتها كان لونها أزرق شاحب ومجعدة لبسها كان مقطع وجسمها متغطى بحاجة شبه الطين وعينيها كان لونها كلها أسود داكن..
مكنتش قادرة اتنفس ولا أنطق وقبل ما افكر إني أصرخ مسكت هي رقبتي بقوة ورفعتني عن الأرض وبصوت مرعب قريب من أصوات الوحوش قالتلي
"ماتجيش ناحية بنتي تاني.. ماتجيش ناحية بنتي تاني.. ماتجيش ناحية بنتي تاني"
مكنتش قادرة أستحمل اللي بيجرالي ولا قادرة أتنفس فأغمى عليا بعد لحظات وأنا سامعاها بتقولي الجملة ديه وبتكررها من غير توقف....
يُتبَع.....#في_منتصف_الليل #لست_وحدك
#ريم_االحسيني