قُبلةٌ.

36 7 18
                                    

في زقاق الغُرفة القاتمة قابِعٌ. السَّوادُ يَحتَلُّ وجهه بأكملهُ.
صدره يعلو ويهبطُ بِِبُطء.
أنكمش وجهه ألمًا عندما شعر بوخزٍ في قلبهِ.
رفع يدهُ بِصُعوبة واضعًا إياها على صدره، تحديدًا خافقهُ.

أنهمر ماء عيناه ألمًا وَكَمَد.
له دهرٌ لم يَبكي؛ فتفاجأ وجهه مِن ملوحةِ ألمهِ.
أصبحَ وجهه يؤلمهُ بِشدة.

شَعَرَ بِجسدٍ يهبطُ أمامهُ.
لقد عَلمَ أنها هي؛ فَفَتَحَ عيناهُ الدامعة ببطء.

كانت قاتِمة،و باهتةً ليس كَكُلِّ مرة، تكون فيها مُضيئة.
مُنذُ آخر مرة هي جائت له ورَحَلت فجأة عندما بدأ بالصُراخ، لم تأتِ مُجددًا لشهر.

هو لم يَكُن يَراها بِوضوح فَفَتحَ نورًا خفيفًا.

لم تَرفع عَيناها لَهُ، بل ظَلَّت تنظُرُ للأرض.

نَظَرَ لرأسها المطأطأة، تحرك لسانه فجأة رُغمًا عنه ناطقًا اسمها بِضوته التَّعِب:

- ض... ضيْ.

رَفَعَت رأسِها لَهُ؛ فظَهَرت عيناها الدَّامِعة.

نَطَقَت دون سابِق إنذار بصوتٍ مُنخَفِض:

- أنَا أُحِبُّكَ.

لم تَتَغَيَّر تعابير وجهَهُ الباكية، بل بكى أكثر.

- أُقسِم أُحِبُّكَ.

في المَرة الثانية التي قالت فيها أُحِبُّكَ بَكَت!

هو ليسَ بِقادر على شيء، لا يشعر بشيء سِوى التَّعب والتَّوهان.

نَظَرَ في عيناها الباكية عندما نطَقت اسمه بِوَلَهٍ:
-عَـدِيّ.
نهَضت بجذعها مقتربةٌ منه.
نظرت لعينيه صانعةً تواصل روحي بينهُما،كِلاهُما يتأملان أعيُن بعضِهِمها كأنها آخر شيد في تِلكَ الدنيا.

قالتْ للمرة التي لا تعرف عددها:
- أُحِبُّكَ!

بغتةٍ أطبَقَ شفتيهِ على يديها الممسكة بيديه.

شهقت بشيء من الصدمة موسعة عيناها على آخرها.

ابتعدَ عنها وحاله لا يَقلُّ عنها.

رجع بظهرهِ للوراء ناظرًا لها.

لاحظت أذنيه الحمراء؛ فاقتربت منه مجددًا مبتسمة؛ فأزاحَ وجهه للجِهة الأُخرى.

ابتسمت بِدفء وقالت:

- تخليتُ عن ضوئي؛ لأجلِكَ.

كاد أن يفتح فمه ويتكلم؛ فأختفت.

_________

ولو خيَّرتني بين الضوء وعيناك؛ سأختارُ عيناكَ، يا مُنير طرقاتي.

____________
٣/٤/٢٠٢٢

بَشَرٌ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن