نهاية المعاناة

72 4 4
                                    

فاخبرني:" هيفاء ، لديك ورم في الدماغ و هو في مراحله الأولى و إن لم تبدئي بالعلاج فورا ف.." . ظللت صامتة لا أتحرك ساكنة . بعد مرور بضع ساعات عدت للمنزل ، لمحت أمي ملامحي الحزينة ، لكن لم أستطع إخبارها عن وضعي ؛ تجاوزتها و صعدت إلى غرفتي و حبست نفسي لأيام في الغرفة ، لم أستطع تقبل الأمر بأي شكل ؛ فكرت كثيرا في الانتحار لكن للأسف لست جريئة لهذه الدرجة . بعد ذلك حدث شيء جعلني أستفيق من سبات عميق ؛ رأيت أبي في حلمي ، لأول مرة بعد مدة طويلة رُسمت الابتسامة على وجهي ؛ أخيرا رأيت أبي ، كان قريبا جدا مني ، كانت أجمل لحظة في حياتي ؛ " أبي ، اشتقت إليك كثيرا ليتني لم أولد ذلك اليوم لكنت معنا الآن ، أنا أكره حياتي الآن أريد العيش معك " ؛ أجابني قائلا :"ابنتي الجميلة و العاقلة ،حتى لو لم أحضنك و لم ألمسك و أشتم رائحتك إلا أنك أجمل شيء حدث لنا؛ لا تكوني ضعيفة أمام مرضك قاومي الجميع ؛ كما أنه انت من يجب أن تجعلي أيامك سعيدة و ممتعة ؛ لا تستسلمي لشيء أري الجميع كم أنك قوية لا يهزمك شيء ؛ اجعلي من  نفسك حبلا أثناء وقوعك  ؛ ثقي بنفسك و بقدراتك و أخيرا عيشي كل يوم على أنه آخر يوم في حياتك" . بعدها استيقظت من حلم ليته كان حقيقة ، و تذكرت كلام أبي و اقتنعت به ؛ و أول شيء قررت القيام به هو إثبات براءتي لأمي و إظهار حقيقة ذاك المتحرش المجنون ؛ فبدأت فورا في تنفيذ خطتي لإيقاع المنحرف في الفخ . اتصلت به و طلبت منه أن نلتقي في حديقة المدينة مساء ؛ فوافق على الفور،كان صوته و حماسه مثيرا للاشمئزاز حقا .عند وصولي وجدته هناك ينتظرني ، فاستجمعت شجاعتي و توجهت نحوه ؛ وقفت أمامه و صفعته بكل ما أوتيت من قوة ، استدار نحوي و عينيه يملأهما الغضب -و هذا ما أردته طبعا- ؛ فأخبرته " لماذا جعلتني المخطئة في نظر أمي، كيف لك أن تتهمني بقذارة تفعلها أنت ؛ يا لك من شخص سيء و جشع " ؛ فأجابني بتفاخر :" أنت السبب في كل ما حدث ؛ لو أنك صمت و لم تحاولي إخبار زوجتي بما أفعله لك لما ألقيت افتراء كهذا عليك " ، رديت عليه بغضب شديد :" أنت شخص قذر و مجنون ، تحتاج لعلاج نفسي ، لكن لاتقلق سيعلم الجميع حقيقتك القذرة عاجلا أم آجلا " . تقدم خطوة تجاهي و قال : " إذا حاولت أو فكرت مجددا في إخبار أحد بهذا سأجعلك المذنبة في نظر الجميع و ليس فقط والدتك بل الجميع و انت ستكونين الخاسرة في النهاية " . نظرت إليه بغضب مع بعض نظرات الخوف و ابتعدت عنه قدر المستطاع ، لكن لسوء حظه لم يلاحظ أني قمت بتسجيل حديثنا ؛ ما يعني أن دليل براءتي بين يدي .
فذهبت مباشرة إلى أمي حتى أريها الدليل، بعد أن سمعته ظلت صامتة من صدمتها ، ثم نظرت إلي ؛ مستحيل أن أنسى نظراتها تلك ؛ رأيت بداخلهما ندما ، حزنا ، خيبة أمل و صدمة ؛ إنهمرت دموعنا و حضنا بعضنا البعض ظلت تعتذر مني و من عدم تصديقها لي ، لم أر أمي في حالة كهذه فقالت لي و الدموع لا تتوقف :" كيف لم أصدقك ؛ كل هذا حدث بسببي، أنا أدخلت شخصا مختلا عقليا إلى منزلي و صدقت كل كلامه الرذيء عنك و لم أدافع عنك أبدا ، أنا حقا لا أستحق أن أكون أما ؛ أنا مستعدة لأي عقاب يصدر منك " فقاطعتها :" لا تقولي هذا، كل ما حدث كان بسببه أنت وقعت في فخه فقط كيف لك أن تعرفي نيته السيئة ، كما أنك أفضل أم على الإطلاق ، و الآن مارأيك أن نجعل هذا المجرم يسجن حتى يكون عبرة لأمثاله " . توجهنا في الحال إلى مركز الشرطة و سلمنا التسجيل للضابط  فقاموا باعتقاله ، و بعد بضعة أيام تطلقت أمي منه . بعد مرور أسبوع على اعتقاله أتانا خبر وفاته على يد السجناء، فبعد أن علموا بما فعله قاموا بضربه حتى الموت ، و لا أنكر أني فرحت كثيرا لأنه استحق ذلك . و لكن لا زالت هناك مشكلة ، كيف سأخبر أمي بمرضي الخبيث ، لا أستطيع إخفاء الأمر أكثر ، اتصلت بأمي أخبرتها أن تأتي إلى المنزل لأخبرها بموضوع ما ، عند مجيئها ظلت تسألني كثيرا عن الموضوع المهم ، طلبت منها الجلوس و الاستماع إلي ؛ فبدأت أخبرها بما حدث لي و عند وصولي لجزء معرفتي بالمرض ، اتصل بي ذاك الطبيب فاندهشت و أجبته " مرحبا أيها الطبيب ماذا حدث لماذا اتصلت أم أنه حان وقتي " فأجابني " لا ، لم يحن وقتك و لن يحين " رديت عليه بدهشة " كيف لم أفهم شيئا ماذا حدث " فكانت إجابته صادمة " لا تقلقي فأنت لست مريضة ؛ فقد حدث خطأ بسيط و تغير ملفك مع مريضة أخرى ، فما حدث لك كان من التوتر لا أكثر" ، لم أستطع تصديق كلامه ؛ فبعد ظني أني في عداد الموتى حصلت على فرصة ثانية لأعيش حياتي كما أريد . أغلقت الهاتف و بقيت صامتة و مندهشة ؛ لكن أمي توترت و ازداد خوفها أكثر ، لكنني طمأنتها و أخبرتها بما حدث و بسوء التفاهم الذي حدث ، حضنتني و قالت " حمدا لله أنه سوء تفاهم لأني لن أستحمل أن يحدث لك مكروه " . و هكذا عادت البسمة إلى وجوهنا من جديد . و لمن يتساءل عن وضعي حاليا فأنا الآن أدرس بكلية الطب ، إنها سنتي الثاثة  ، و طبعا لم أنسى نصيحة أبي و ها أنا أعيش كل يوم على أنه آخر يوم في حياتي و بدون شك أعيش هذه الأيام برفقة أمي ، نعم نسيت و سأتزوج قريبا من رجل يحترمني و يحبني بصدق و أحبه طبعا ؛ و هذه نهاية "معاناتي في فترة المراهقة " .

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Mar 21, 2022 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

معاناة المراهقةWhere stories live. Discover now