رأيٌ ناقدٌ

129 19 6
                                    

نعيشُ أيامنا بلا اكتراثٍ بغفلةٍ منا عن حقيقة ديننا، فأصبحت الأمور المُحرمة مِنْ قِبل بارينا أمورًا عادية بالنسبة لنا نمارسها ونستمع لها وننطقها في حياتنا اليومية. فأصبحنا نأخذ مِنْ الدين قِشرتهُ لا لبهُ الذي يَكمن فيهِ الصواب. 
«لِمَ وفي بلادِ الإسلامِ تُدرَّس تِلكَ النُقوش الّتي تخرج نهايةً فِي صوتٍ يزيدُ مِنْ ثقلِ أعمال اليسار؟»  

بِمقدمةٍ احتوت بين كلماتها الصراع، وزرعت التشويق في النفوس ابتدأت كاتبتنا قصتها «على دربِ الأحْلام الواهية» فأحسنت الكاتبة بذلك التمهيد للقصة بمقدمتها هذهِ حيث تناولت موضوع القصة بشكلٍ جيد حين برز الصراع الذي أجادت جعله حاضرًا فيها بطريقة مشوقة للغاية، حيث كان الصراع  صراعا داخليًا بين الشخصية وذاتها للتغلب على رغباتها. ثم انتقلت بنا الكاتبة لبداية الأحداث بِذكرِ الزمن مِنْ خلال الإشارة للتاريخ، وبذكر الزمن أشارت الكاتبة إلى مُدتين زمنيتين، أسبوعٌ منصرم، وأسبوعٌ قادم، وحددت بذلك المدة الزمنية للصراع والتي كانت تلائم طول القصة لكونها قصيرة.

أما عن الأسبوع المُنصرم فقد أشارت فيه الكاتبة إلى الجانب النفسي للشخصية على لسانها، فقد اختارت الكاتبة الراوي على لسان الشخصية وأتقنت بهِ تصوير الجانب النفسي مِنْ مشاعر الشخصية بعدم الراحة التي ما باتت ترافقهُ أثناء عزفهِ للبيان، وأخذَ الخوفُ يَتملكهّ بدلًا عن الراحة، فأحسنت الكاتبة تصوير هذا الجانب بِحُسن اختيار الراوي. 

حاولت شخصيتنا عدة مرات تَجاهل شعور الخوف والعودة للعزف إلا أن أصابعها لم تقوى على العزف، وحدثت نفسها لائمة شخصًا قد أخبرهُ بشيءٍ مما تسبب بجعلهِ هكذا غير قادرًا على مس أوتار البيان، وهنا أشارت الكاتبة إلى نقطة الصراع الذي مما اتضح لنا أنهُ صراعٌ ذاتي للشخصية الرئيسية حيث تصارع رغباتها لترك ما تحبه وما تهواه للسير على طريق الحق، وكانت هذهِ إشارة كذلك إلى فئة القصة وهي كونها روحانية. حرصت الكاتبة على مرافقة الصراع للأحداث مُنذ المُقدمة وقد أحسنت ذلك، وأجادت الاهتمام بعنصر الصراع كونهُ أحد العناصر الرَّئيسة للفئة الروحانية، حيث عرضته الكاتبة بشكلٍ ممتاز متناسبًا مع بداية الحدث، وبواسطة السرد أظهرت لنا بصورة واضحة وجيدة العنصر. 

ظَهرَ الحوارُ بشكلهِ الخارجي بحديثِ الشخصية مع نفسها، وذكرت اسمها الذي كان «قصي»، وكانَ ظُهورهُ مناسبًا مع الحدث، ومُثيرًا للصراع بشكلٍ أكبر، حينما تساءل عن ماذا كان سيحدث له لو لم يخبرهُ مَنْ أخبرهُ بذلك، كان إخفاء الكاتبة لموضوع الصراع الحقيقي -على الرغم مِنْ بروزهِ منذ البداية- نقطة جيدة قامت بها الكاتبة مُثيرة التشويق ومُحافظة عليهِ، فالتساؤلات تُطرح بذهنِ القراء عَن من يكون هذا الشخص وماذا أخبره؟ وما بالُ الشخصية في صراعٍ ذاتي هكذا؟ فنهنئ الكاتبة على ذلك. 

ارتدت الشخصية زيها المَدرسي ذو اللون الكُحليّ، وهنا أشارت الكاتبة إلى الجانب الاجتماعي للشخصية كونه طالب مدرسة فكان الحدث مناسبًا لإظهار هذا الجانب. هذبَ شعرهُ البُني الفاتح، وكانت هذهِ إشارة لجزءٍ من الجانب الخَلقي للشخصية. بعدها مسحَ وجهه لإزالة أثار النعاس عنه، وأخذَ يضع كُتبهُ المُبعثرة على مكتبهِ الصغير للحقيبة حتى لامست أناملهُ الدفتر الموسيقي، وهنا قامت الكاتبة بجعل الراوي يقوم بنقل مشاعر الشخصية على لسانها ، فكان نوع الراوي مناسبًا مع الحدث وقد أظهر الراوي صراع الشخصية في هذا الحدث، حِين اشتعلت مشاعر الاشتياق لما يُحب، ولكونهِ غير راغب بترك الموسيقى جعل هذا الصراع يحتدم في الحدث، فنفسهُ تُحذرهُ ورغبتهُ تَجرفهُ لما هوى، وهنا عليهِ أنا يختار بين درب الصلاح أو الموسيقى. 

علَى دربِ الأَحْلامِ الوَاهِيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن