الأخيرة «خمسة خواتم»

190 30 118
                                    

إهداء

لابنة خالتي الراحلة... ندى

سأحافظ على الخاتم الخامس دائما يا صغيرتي.

******

21.7.2021

      صوت القرآن يصدح في هدوء موحش، تقطعه همهمات و أنين بكاء أحداهن من آنٍ لآخر. تفاجأت بيدٍ تربت على كاهلي، نظرت نحو صاحب اليد، فإذا بها أمي تجلس جواري، يترقرق الدمع من عينيها قطرات دافئة...مدت يديها نحو وجنتي، و راحت تمسح عني عبراتي الخائنة.

      أطرقت أراقب موضع قدمي مجددا، وإذا بي أعلق بأيكة ذكرى سعيدة في هذا اليوم الواجم، حين وقعت عيني على خاتمي الذهبي في أصبعي.

******

4.8.2020

      كان يوم ظهور نتائج الثانوية العامة، الفرح صار يغرق جوارحي بفيضه... أكاد أقترب من تخصص أحلامي.

      اجتمعت العائلة يومها في منزلنا، تلقيت الهدايا من الجميع، كنت مغمورة بسعادة الدنيا كلها، وما عليها.

      اجتذبتني جدتي لأقعد جوارها، أمسكت بيدي اليمنى، وألبستني خاتم ذهبي جميل... أكره الحلي الذهبية، والجميع على دراية بذلك جيدا، لكن ذلك الخاتم كان جميلا، كأنما صمم ليناسبني أنا فقط، خاتم سيعجب ذائقتي الحانقة على الذهب.

      ربتت جدتي بيدها الحانية على راحة يدي بلطف، ثم التفتت لباقي أحفادها من حولها... نبست محدثة البنات منهم: ( ستحصل كل واحدة منكن على خاتم مثله عندمت يحين تخرجها من الثانوية... خمسة خواتم، لكل واحدة منكن واحد )

      حصلت أنا على الأول، و بالترتيب ستحصل ابنة خالتي ندى على الثاني بعد ست سنوات من الآن، ثم أختي الصغرى، وابنة خالتي الصغرى، ومن بعدهم ابنة خالي الصغيرة...خمسة خواتم لا يجب أن ينقص منهم خاتم مهما حدث.

******

      غادر جميع المعزين، طفقت أمي تساعد خالتي المصابة إثر الحادث على المشي نحو غرفتها، جدتي كانت تنظف المكان بهدوء حزين، تمسح على وجهها من حين لآخر، وتدعو بالرحمة كلما اشتدت غصة البكاء في جوفها.

       أدركت حينها أن هناك فرد ينقصنا، فرد يبكيه الجميع، يحاولون إخباري أنها غادرت منذ الصباح... لكن عقلي كان يتشوش عمدا كلما تردد ذلك على مسمعي... كيف ترحل ندى هكذا دون أن تودعني؟ لم اخبرها بعد كم كنت احب صحبتها... لا يمكنها الذهاب بهدوء هكذا.

        جرحي كان غائر بما يكفي ليحتمل فراقها، أصبحت جراحي لا تعد الآن بغيابها... صارت ملوثة، وملتهبة... سيفشل أي علاج في تطهيرها، فلم أعد أود العلاج.

       تناهى إلى مسامعي صوت أختي الصغيرة تتمتم: ( إنها تمطر... في شهر يوليو)

      ترنحت بخطواتي نحو النافذة جوارها، أخرجت يدي المرتعشة، تلامس أناملي قطرات الودق... رأيت الخاتم مجددا... لماذا على الخواتم الخمسة أن تنقص واحدا الآن؟
      أنا متعبة جدا، مهجتي تبكيكِ بداخلي يا صغيرتي، رفعت رأسي للسماء: ( يا رب...) نبست بنبرة مهتزة منهكة بينما يعانق وجهي قطرات السماء.

      لا أدري إلى متى سأبكي غيابك، و لا إلى متى سأندم على رحيلك قبل قول الكثير لروحك العبقة يا حبيبتي، لكني سأبكي الآن كثيرا، وأعانقك بالدعاء... سأدعو لكِ اليوم، وغدا، وبعد غدٍ، ودائما، سأدعو لكِ الآن بحرقة...حتى يتوقف المطر.

-في ذكرى ابنة خالتي الجميلة...ندى-

-تمت-

8.4.2022

9:34 pm


✨آراء✨

-ختام حتى يتوقف المطر-

✨آراء عامة عن المجموعة القصصية كاملة؟✨

✨قصتك المفضلة بينهم؟✨

✨نقد أو نصيحة تفيدني في المستقبل؟✨

✨كلمة أخيرة لـ "حتى يتوقف المطر"✨

شكرا لقرائتكم لمشاعري المسكوبة على الورق، صنعتم من اجلي اياما حلوة كثيرة، فشكرا من القلب💛


آمل أن حروفي لامست أفئدتكم، ولو بمثقال ذرة 🌿

يمكنكم إلقاء نظرة على أعمالي الأخرى🌼

إلى اللقاء 💜

✨تصويت✨

حتى يتوقف المطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن