جميعًا نتفق على الموت، إنه الحقيقة الوحيدة الراسخة في الكون، نختلف أو نتفق مع كل الثوابت؛ سيبقى الموت أشد تقبل لدينا ربما أكثر من فكرة الوجود، أو حتى الرب ذاته، لكن هل فكرت يومًا بروحك التائهة بين عوالم الحياة والموت فيما تفكر ؟!
لنتعرف أولًا أيها البائس المريض، الميت الحي رغم كل شئ متحديًا بأنفاسك القذرة كل الأحلام التى لن تتحقق، والرغبات الخائف أن يعلمها عنك إبليس آخر، حتى نظراتك المشتهية للسيدات فى عربات القطارات سريعة كانت أو بطيئة، يحدد ذلك طمعك فى مذاق قبلة أحدهم المغصوبة!!
نبدأ من جديد إذن.. أنا صاحب التذكرة الصفراء صاحبة العشرة جنيهات، أعتبر ثمنها باهظًا كفاية علي لكنه ليس كافٍ لإشباع جرعة الإحتياج التي أرغب بها حقًا، وكيف لا تكون أمام خمسة وثلاثون سنة من الفراغ! أحملهم معي وأذهب بالقطار صباحًا لمهنة لا تكفي لثلاث أشخاص من أصل ستٍ، لا أخبرك بهذا لأبرر بذائتي ودناستي أبدًا؛ بل أخبرك أنه قد طفح الكيل.. ربما أكون مريضًا نفسيًا كما يقولون! أو ناقص دين! لكنني ناقص دنيا!.. ينقنصي شعور بأنني إنسان مرغوب بي، أستحق نظرة أخرى سوى الاشمئزاز، وحين لم يفعل أحد قلت في نفسي وما به الاشمئزاز.. جميل، أفضل من الفراغ وكأنني آفة، كثيرًا بعدما أخلو بنفسي أتذكر ما حدث وأنا ألمس جسد فتاة في زحمة سيرٍ دون انتباهٍ منها، أو حتى رغبتها، أبكي.. أبكي بحرقةٍ على ما وصلت إليه! ويبقى أثر لمساتها ذنب يزخرف يداي وعقلي ونفسي، لأسد جوع الشهوة لدي، ولأرغمني على شيءٍ سعيد؛ لأنني حينها أكون جبانًا، خائف حقًا أن يراني أحد، رغم أنني أستحق الضرب بالعصا كي يخرج من جسدي ذلك الجان الذي يتلبس بي عند رؤية أي سيدة!
والله ما كنت أريد شيئًا، لكن شيطاني وضعف نفسي أراد نيابةً عني، وأنا كلب طائع ذليل، رضخ لسيده الذي يعطيه فتاتًا من لحم النساء الطازج، ذلك المستتر عن الأعين.. فإنه غالٍ ولمسه نصر!
اليوم ،الآن وبعد مرور كثير من الوقت على هذا الحال.. أقر أنني نادم، خائف، شريد بين الرغبة والخوف من الفضيحة، فأنا تعديت الآن الأربعون متشبث بجسدي كل الأمراض، وبعقلي ذلك المرض الشغوف ذاته!! كيف سيكون لقاء الله، وكيف ستكون استجابة دعوات الفتيات المرتعبات من لمسهن فى عربات القطار، وفي الشوارع الجانبية الفارغة من الأمان.
#معلومة_يمكن_تهمك
#اماني_عيسى
#حكايات_الموتى_الاحياء
#صاحب_التذكرة_الصفراء
#Amany_Esaa
YOU ARE READING
#حكايات_الموتى #قصص_الموت # قصص_قصيرة #حين_يتحدث_الميت_الحي
Kurzgeschichtenجميعًا نتفق على الموت، إنه الحقيقة الوحيدة الفراغ! أحملهم معي وأذهب بالقطار صباحًا لمهنة لا تكفي لثلاث أشخاص من أصل ستٍ!