1

102 3 4
                                    

كوريا الجنوبية /سيول !!

من أكثر المدن اكتظاظاً بالسكان حيث تلتقي أقدار الناس ،تتلاحم أو تتعارض !!  يستلقي نهر الهان و يعانق المرافق و القيود ...

بدأت مسيرتي بنفسي ،خضت الصعاب بنفسي ،قاتلت وحدي ،عملت بكد و تعب منذ أول يوم لي على هذه الأرض .

لا أزال أتذكر اليوم الذي وصلت به إلى هنا منذ سنتين ،كانت السماء تجمع غيومها و تتحضر لاستقبال فصل الشتاء الذي اشتاقت له هذه الطرقات .

تنهدت الصعداء و بقيت في مكاني كي أحفظ هذا المشهد في ذاكرتي . إنه اليوم الذي قررت به الهروب من السجن الذي كان يمنع عني هواء الحرية ،من القيود و السلاسل التي كانت تشل حركتي .

بدأ كل ذلك كسيمفونية راقية ،تلاحمت الغيوم و أخذ البرق ينتشر بين ثناياها ليلحق به ذلك الرعد القاسي و كأنه يخبرني بأنني لست في حلم ،أجل أنا وحدي في بلاد غريبة ،لم يعد هناك من يوقظني في الصباح الباكر و يتذمر لأنني نمت لوقت متأخر ،لا مناوشات بيني و بين أخوتي ،لا عراك ممزوج بنكهة ساخرة ،لا شيء .

كان المطر الذي هطل بقطرات خفيفة هو من عاد لإيقاظي و تذكيري بأن تلك الأيام من الماضي ،أنا الآن في مكان يبعد عنهم أميالاً و ساعات ،هل أنا في مأمن؟؟ هل البعد عن ذلك المكان يعد آمناً لي أم أنني أدخل كهفاً لا أحمد عقباه ؟.

كان الناس يتراكضون كي يحتموا من الأمطار و آخرون يمشون بهدوء و تأني مع مظلاتهم .

وجدت نفسي أمشي بهدوء مع أمتعتي نتلقى صفعات القطرات المتساقطة و فتيات صغيرات في المرحلة الإعدادية يركضن بمرح كي يحتمين من تلك القطرات التي ربما ستفسد مساحيق التجميل خاصتهن أو شعرهن الناعم المسترسل .

ثقتي كانت قد انعدمت بالناس من حولي ،لا أمي و لا أبي ،لا أختي و لا أخي ،لا أحد بقي لي كي أشاركه ذلك الألم المكنون داخل قلبي ،بين ثنايا صدري ،لم يصدق أحد ان كل ما حدث كان خارجاً عن إرادتي .الألم و المعاناة ،كل ذلك كنت قد تلقيته من أقرب الناس لي .

الهروب !!
ربما لم يكن الخيار الصائب للقيام به ،و لكنه كان كل ما خطر ببالي في ذلك الوقت . كانت الطريقة الوحيدة لخلاصي قبل أن أتقيد لآخر يوم في حياتي .

________________________________________

تململت في نومها ،تبعد شعرها الذي غزا وجهها بيدها بنعاس ملحوظ ،حركت شفتاها بثقل لتهمس "قضمة واحدة فقط و سأنهي الصحن ،أستاذ بن تن ،دعني فقط أنهي صحن الأرز هذا..."

تحت جناح الغرامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن