شهق مذهولاً يحدّق بهاتفه يختفي من بين يديه مُنتقلا لأيدي الرجّل المقنع على الدرّاجة الناريّة..
« أيّها الملعوون! »
صرخ بذعر ينطلق راكضا خلفه بكلّ ما أوتي من قوة ينظر للدرّاجة تبتعد عنه بسرعة جنونيّة، ركض و ركض خلفه حتى شعر بحلقه يتمزّق من ضغط الهواء على رئتيه فتوقف رغما عنه، ينحنى على ركبتيه ملتقطا أنفاسه بعنف..
يستوعب المصيبة التي لا يدري من أين حطّت على رأسه..
لقد سرق هاتفه توّا !!إنه لا يملك غيره و ضِف أن كلّ مصائبه مسجّلة داخله، وضع يده على رأسه كالعجائز مصدوما جدّا مما حدث ..
تغير لون وجهه و زحف الشُّحوب يُغطّيه يَعُظّ أصابعه متوتّرا جداًّ، هو ليس يمتلك أموالاً ليشتري ٱخر و يحتاج هاتفه في دراسته و استعمالاته اليوميّة و تقريبا في كل شيء في حياته.. و هو لن يطلب منهم أن يعطوه المال و لو عنى ذلك موته جوعا فسيقبل مصيره بكلّ سرور..صفير عالي أخرجه من عمق أفكاره بينما هو يهلع مع نفسه ليرفع رأسه المرهق أثر ركضه ينظر أمامه جهة الصوت، هناك حيث استقبله منظر جعله يُجن!
الوغد الذي سرق هاتفه توقف في جهة بعيدة عنه قليلا ينظر له مستفزا إياه يرفع هاتفه ملوّحا به نحوه..!!
أمام عينيه المصدومة شاهد هاتفه العزيز الذي ادّخر فيه مُدَّخرات حياته يُرمَى بيد المقنع صاحب الثّياب السّوداء مرتفعاً للهواء فتابعته عيناه بهلع و هو يهوي نحو الأرض..
و قبل أن يسقط و يسقط قلبه معه التقطه ذاك الوغد و لوح به نحوه مجددا يرسل له غمزة مستفزّة جعلت الدّماء تغلي في عروقه، و أمام وجهه شاهده يستدير منطلقا بدراجته مجددًا..
لم يحتمل الفتى الغلّ و الغيظ الذي اجتمع في صدره فصاح يشتمه مهتاجا
«أيها التّافه الوغد الأحمق الغبي المنحطّ.. من تظن نفسك..انتظر فقط انتظر لترى ما سأفعل بك يا ملعون يا ... »
استمرّ سيل شتائمه و استطال حتى اختفت الدراجة نهائيا عن مرمى أنظاره يختفي غبارها معها تاركة إياه يموتُ من السّخط..
تنفس بقوة يلتفت إلى يمينه يرى بناء الثانوية الضّخم يلوح له من بعيد، شامخا و مرتفعا بشكل ملحوظ حتى و هو لازال يبعد عنه عدة أمتارا أخرى و مع وجود عدّة بنايات تسبقه فلازال مرتفعا و واضحاً..
هناك حيث كان يفترض به أن يتوجه لأول سنة دراسية له في تعليمه الثانوي، لكن من يهتم حاليا..صكّ على أسنانه بغضب و استدار ينطلق جريا عائدا من حيث أتى، متوعّداً جدا في نفسه و ناقماً على الدنيا و من فيها بلا سبب، كان ينتحب و يهتاج في داخله " و من يهتم بالثانوية و أيّامها، إن لم أستردّ حقي فلن أعيش مجددا كالبشر، فقط تبا للبشر جمعاء لا يتركونني بحالي أهنأ بيوم واحد.. تبا لهم"
نعم، تبا لهم و تبا له هو ألف مرّة و مليون كرّة إن ترك ذاك المستفز ينجو بفعلته!
طريق العودة استغرقته أكثر من عشرين دقيقة جريا..كان قد خرج مبكّراً ليمشي لثانويّته على مهله دون الحَاجة للإسراع مادام يرفض رفضاً قاطعا استقلال السيّارة مع السّائق، و ماكاد يصل أعتاب البَوَّابة حتّى انقطعت أنفاسه تعبا و اسْتُنْزِف جسده اعياءً، في خارجه كان منشغلا بإلتقاط أنفاسه مستندا على السّور الخارجي يبذل جهده ليستقيم كي يحلّ أمر المصيبة التي سقطت على رأسه من حيث لا يدري.. بينما في خاطره لم يتوقف ثانية عن التذمّر و شتم السارق بكل أنواع الشتائم التي يعرفها و التي لا يعرفها، بل و ربّما اخترع له شتائم جديدة أيضا.
أنت تقرأ
ثانوية الرعب
Fantasy" أرضٌ مَشؤُومَة، على تُرَابِها أرْوَاحٌ سَقَطَتْ.. و حَيَوَاتٌ سُلِبَتْ، لـ كَسْرِ شُؤْمِها تَخَلّى عن كَوْنِك إنْسَانْ "