الفصل الثالث....
"عابد"
وصلت إلى المطعم الذي تم الاتفاق على اللقاء فيه مع السيد وليد شريكي الجديد في إحدى الصفقات، حركت رأسي بحثًا عنه حتى وجدته يشير إليّ وهو جالس فوق إحدى الطاولات، فاتجهت إليه مباشرة، وقبل أن أصل إليه وجدت أمامي "رائد" يقطع طريقي قائلًا بابتسامة سمِجة:
- عم الشباب كلهم والله، جيت في وقتك، عرفت منين إن أنا هنا!
أغلقت فمي الذي انقتح تلقائيًا من صدمتي بوجوده هنا لأجيب:
- أنت بتهبب إيه هنا؟
- بنناقش مشروع التخرج أنا وفريقي، إيدك بقى على ٢٠٠ جنيه أشوف بيهم نفسي بدل ما شكلي وحش قدام صحابي كده.
أمسكت بيده الممدودة لأشد عليها وأنا أودعها كل غضبي قائلًا:
- أنت ياض أنت معندكش دم، شحط في آخر سنة كلية ولسة بتاخد المصروف من أبوك، ده أخواتك البنات برقبتك، وأنا اللي كنت فاكر إني هجيب ولي العهد، جاتك البَلى.
سحب يده بصعوبة ليدلكها وهو يتمتم:
- كده برضه يا بابا، أنا شحط! عمومًا أنا مش هزعل منك عشان أنا عارف إنك متقصدش، إيدك بقى عالـ ٢٠٠ جنيه.
- ولا مليم يا حيوان أنت، غور من وشي قبل ما....
- بشمهندس عابد؟ البشمهندس وليد بيتساءل لو في مشكلة.
التفتنا معًا على صوت شاب، علمت أنه مساعد السيد وليد فابتسمت نافيًا وجود أية مشاكل، ثم التفتت بها للسيد وليد أيضًا ليطمئن، وبعدها نظرت لابني نظرة ذات معنى وأنا أقول:
- طيب يا رائد روح أنت يا حبيبي وأنا هاجي عالساعة ٦ إن شاء الله.
- حاضر يا بابا.
تنهدت براحة وقد كنت أخشى ألا يفهم ما تعنيه نظرتي فيطالبني بالمال أمام مساعد السيد وليد، لكن يبدو أنه قد تفهم، لم تكتمل تنهيدة الراحة التي غادرت صدري، حيث تابع رائد بنظرة مراوغة أثبتت لي أنه يستغل وجود الرجل الماثل أمامنا:
- صحيح يا بابا الـ ٤٠٠ جنيه اللي حضرتك قلتلي عليهم للمشروع، كنت هنسى آخدهم.
تصنمت محلي من جرأته، وبالطبع اضطررت لإخراج أربعمائة جنيه حتى لا يكون موقفي محرجًا، ولنا بالمنزل لقاء!*********************
"رائد"
كنت جالسًا مع أصدقائي وأنا في قمة الخجل، إنه دوري في العزائم لأتكلف بها، ولا مال لدي يغطي تلك العزومة، علم "إياس" صديقي المقرب أنني لا أمتلك مالًا فاتفق معي على أن ينوب عني في الدفع دون أن يدري أحد، لطالما كان إياس بجانبي دومًا كما "أوس" توأمه ورفيقي رحمه الله، وهما الوحيدان اللذان يعلمان عن بخل أبي.
أبي، السيد عابد بدران؛ صاحب أحد أكبر الشركات الهندسية بمصر، ومالك قطعة الأرض المجاورة لها، إضافة لكونه مؤذن وخطيب مما جعل لديه الكثير من المال، إلا أن البُخل سمتَه المعروفة، وكأن الأرض سترث المال معه حين يواريه الثرى!
نظرت للمال الذي أخذته منه بالحيلة، عن طريق استغلال الموقف، واتجهت لأكلف العزومة بنفسي دون خجل، في محاولة مني لعيش اللحظة قبل أن أعود لأبي ليلًا فينتقم مني على ما حدث.
أنت تقرأ
العجوز الشمطاء "الدُّنيا الدَّنِيَّة" {مكتملة}💙!
General Fictionتناقش كون الحياة الدنيا عجوز شمطاء لن يبقى للمرء فيها إلا ذكرى💙