الصباحُ الباكر ،الشَمسُ مُشرِقة كَ العادة فِي المَملكة النابوليونية لَكن عيناها كَانت أكثرُ إشراقًا ،فسُبحَان مَن جعلَ لشَمس تَوأمةً أنسيَّة عَلى سَطح الأرض.
الأميرة مارڤي التاسِعة عَشر مِن رَبيعها ،
شَعرُها الأشقر الساحِر وَ مَلامِحها الهادئة وَرثتهُم مِن والدتها ،أما عَن عِنادِها وَ عَفويتها فأخذتهم مِن أبيها حاكِم المملكة ،كَأن البَدر أخذها ليتجسد بِها.
خَطت الجَدة بريانكا إلي غُرفة حَفيدتها الوَحيدة مُستَنِدة عَلي عُكازِها بيدٍ وَ بينَ كَف يدها الآخر كَأس الحَليب الذي إعتادت مارڤي عَلي شُربه فَورما تستَيقظ
دَخلت الجَدة الغُرفة لِتصوب نَظرها إلي مارڤي الجَالسة أمام المِرآة تُمشِط خُصلاتِها الذَهبية ،لِتلمح جَدتِها في الغُرفة فَ نَهضت مُسرعة بِخطاها إليها مُعانقة إياها:
"إشتقتُ لِكوكو"
"يا فتاة كَم مِن مرة سأقول لكِ لَستُ كوكو انا برياكانا"
"إن لَم أُناديكِ بكوكو مَن سَأُنادي؟."
"حسنًا لَكن إنتبهي الكأس سيقع مِني"
تَنحت مَارڤي إلي الوراء مُتناولة مِنها الكأس لتشرب ما بِه في دَفعةٍ واحدة
"أتمني مَرة أن تَتصرفي كَ الأميرات الرَقيقات".
"كوكو لا أَحَدَ يَراني"
تَمتمت الجَدة بِكلاماتٍ تَدلُ عَلي عَدمِ الرِضا لتُسكِتُها مارڤي بِقُبلةٍ عَلي خَدها فَ إبتسمت بريانكا بِحنانٍ قَائلة:
"تُشبهين وَالدتكِ"
إرتسمت مَلامِح السعادة عليها بعدما سَمعت تِلكَ الجُملة.
_________________________
عَلي الجانِب الآخر وَ فِي قَصر حَاكِم البلاد ،المُحاط بأسوارٍ حَديدية يُقابله حَديقة وَاسِعة بِها العَديد مِن أنواعِ الأزهارِ النادرة لَكن سُرعان ما تَسبب فِي موتِها غَازاتِ قَنابِل المَملكة النابوليونية المَجاورةِ لِهم.
وَقفَ بِلسكتيونَس حَاكِم مَملكةِ لومبارد شَامِخًا لِصدره وَ بعينيه شِظاظٌ للنارِ المُحترقة ،بِجانبه الوَزير الَّذي مَعه وَرقة طَويلة يُنادي عَلي أسماءِ القادة حَتي حان دَور الجِنرال چيون إدريان ،ذلكَ الذِي لا تَهزُه الرِيحُ وتَهابُه الجُيوشُ، إنهُ هو مَن ستَركعُ أمَامهُ المُلوك، ذَلكَ صاحِب القامة الطَويلة والثَقِة العالية.
"الجِنرال چيون إدرِيان"
تَقدم الجِنرال بِخُطاهِ المُتزنة لِينحني إلي الحَاكِم بعدما أعطاه تَحيةَ القائد.
"تَحتَ أَمُركَ سيدي"
أخذَ بِلسكتيونَس تَنهيدةً طويلة لِيَردُف مُمتَعِضًا:
"تَعلم سَيد چيون الخطأ الذَّي إرتكبته"
"سَيدي لَم أكن أعلم.."
قَاطعه الحَاكِم جاعِلًا مِن نَبرة صَوتِه مُرتفعة:
"بِسببك خَسرِنا الكثير مِن شَعب لومبارد والعَديد مِنَ العساكِر وَ القُواد جَميعُهم ماتوا بِسبب تَهورِك".
"سَيدي أنتَ لا تَفهم مَا كُنت أقصده"
"بدأت ثِقتي بِك تَنعَدِم وكَذلِك مكَانتك بَدأت أن تَفقِدها"
رَفعَ چيون رأسه مُحدِقًا بِمُقلتيه إلي حَدقتي الحَاكِم مُحدِثًا بِثقة
"جَميعُنا نُخطئ ألا تتذكر خِسارة والدي بِسبب طَيشُك كَذلك؟ ،وَ لا تقلق مَا أُريده سَيحدث قَريبًا و سَتعود لومبارد كَما كانت بَل وأفَضل"
"چيون مَاذا تنوي أن تَفعل؟"
قَالها بِلسكتيونَس وَهو قَلِق أن يَتهور إدرِيان مُجددًا.
"لَن أفعل شَئ سِوي إعادة شَرِف عَائلتي الَّذي تدهور هُناك وَ سأجُدد الدِماء فَهُم مَن أَعلنوا مُقابلة العسَاكِر وَجهًا لِوجه بِقنابِلهُم"
"أَتِلكَ حُجةٌ مِنكَ چيون؟".
"لا أبدًا"
الإبتسَامة الجانِبية ظهرت علي ثَغْر چيون لِيتنَهد بعدها قائلًا:
"أو رُبما"..
______________________
خَرجت مارڤي مِن غُرفتِها بَعدما أخذت الحَمام الخاص بِها وتناوِلها للفُطور الَّذي حَضرته الجَدة بريانكا،ذاهِبة إلي ساحَةِ قَصر الحاكِم المدعو بِ أرخستيونَس عَبرَ نُزولها عَلي الدرج ،مَبهورٌ بِها كُل مَن بِالقَصر فَهي الأميرة الفَاتِنة صاحِبَةَ الذَوق الرَفيع ،لا أحدَ يَعلم الجُزء المَخفي لَدي تِلكَ الفتاة الرَقيقة سِوي وَالِدها.
"مَرحبًا بالأميرة فَاتِنةُ المَملكة"
قَالها مُساعِد أرخِستيونَس مُهللًا فَرِحًا فَ هو مُعجَبٌ بِها مُنذ زَمن لَكن خَوفه مِن مُصارحَةَ الحَاكِم كان أكبر.
"إبنَتي وأميرتي الذَكية"
تَيقنت مارڤي أن والدها يحَتاج مِنها أن تَقوم بِ مُهمة بعدما قال تِلكَ الجُملة ،لتُناظرِهُ بابتسامةٍ قائلة:
"إنني مُستَعِدة لأكون تَحت أمرِ مولاي"
نَظر الحاكِم إلي مُساعِدهُ ڤِكتور نَظرةً تَدُل عَلي الإنفراد بإبنَته وَ سُرعانَ ما إنحَني لَه وَ هَبَّ إلي المُغادرة مِن القصر مُتَخذًا عَربة الأحصنة قاصِدًا الذهاب إلي ساحَة تَدريب العسَاكِر الغَربية.
"إبنةُ أبيها الشُجاعة تَدربت علي رَمي السِهام أم لا ؟".
"فَعلت سيدي".
"تَعلمين مَملكة لومبارد مِن ألد أعدائِنا و..".
قَاطعته مارڤي قَائِلة :
"مَازِلتُ لا أفهم لِمَ الحُروب مُستَمِرة بينَكم إلي الآن".
فأكَمَل وَالِدها مُتجاهِلًا ما قالته :
"وَ ذَلِك الجِنرال المَدعو ب چيون وَ جنوده هَذا الشَخصُ إنتصَر عَلينا مَراتٍ عِدة حِينَ إقتربَ جَيوش المملكة النابوليونية مِن إِحتلال لُومبارد"
أَخذَ تَنهيدة لِيَردُف:
"الجيشان سيتقابَلا مُجددًا عِندَ غُروبِ الشَمس فَقد أعلنا الحَرب،حَيـثُ وَجدنا العَديد مِن جَواسيس لُومبارد بيننا"
"ومَا الذِي يَطلبه مِني مَولاي"
"أَودُّ خِطةٌ مُحكَمة لِهزيمة الأعداء وَ خاصةً تَدمير ذَلِك المَدعو بِچيون"..
"أبي أيُمكنكَ الرَدَّ عَلي ما قُلته ؟".
نَظَرَ أرخستيونَس إلي إبنته كَأنه يَسمع كَلمة 'أبي' مِن فَاهِ مَارڤي لأولِ مَرة غَيرُ مُستوعِب لِما قَالته لِيظلُ صامِتًا ، فَ تَقول مارڤي بِنَبرةِ مُصاحِبة للألم والحُزن :
"ألن يَكفيكَ خُسارةَ أحِبَتُك و..و أمي!. أَتُريد التَضحية بِي أيضًا !".
"فَعلتُ هَذا حَتي تَكوني مُهيئة للحُكم ،بِالنسبة لِوَالدتك هِي مَن إختارت مَصيرها".
"ألم تَكن تُحبها؟"
قَالتها مارڤي مُتسائلة لِيجاوِبها والِدها قَائِلا:
"لَا وُجود للحُب"
"وَلِما تَزوجتم؟".
"كَان ذَلِك تَنفيذًا لِوَصية جَدك"..Part one Done ✅
أنت تقرأ
حُبٌ بَينَ الماءِ وَ النَار
Historical Fictionصِراعٌ دائم فِي مَملكتين الشَرق والغَرب ،الحُب بهما كَالجريمة عِقابُها القَتل ،لَكن الحُب لَيسَ له قُيود..سَيأخُذ بَطلانا فِي رِحلة مَليئة بِالمشاكِل. الحُب لا يُوجد بِه مُستَحيل أليسَ كَذلِك ؟.. هَذا ما سَنعرِفه!.