' لأنكِ أنتِ '

51 9 39
                                    


هواءُ الخريف القاسِي ليلًا، يُضاربُ الوجوه برتابة ، يُراطم أغصَان الأشجَار ذهابًا و إيابًا دُون هَوادة ، الأمطَار تنهمرُ علي المدينة غاضبة ، الأفراد يتخَبطون يُمنة و يُسرة مِن الإزدحَام ، تختبئ أجسَادهُم تحت المَظلات التي ظلَلت علي الأجسَاد المُسرعة تحتَمي   .

في ثوبٍ فاحِمٍ يتأرجَح فوق رُكبتيها و وشَاح يُغطي كتفيهَا ، تجلِسُ بشعراً مُنسدلٍ ، و حُزنًا أبهَت مَلامحِها ،تنظُر إلي الحَديقة العَامة بتِيه ، سارتْ أنامِلها المُزينة بقُفزاتٍ مُطرزة ،شَاردة تمسَح دمُوعها التي تترَنح علي حَافه عينَاها ، الأفكَار تتزاحَم إلي عقلِها ، قلبُها يختَلج بشَجنْ .

" إلينا " أقطحَم صوتًا رقيقًا هالعًا ،خلوتِها الحَزينة ، المُصاحبة لأمطَار غزِيرة ، توقفتْ مِن فوقها أثر مظَلة أمتدَت تعلوُها .

لترفَع وجهَها لتُقابل قزحتَيها العسليتَين ، مُقلتين مِن الياقوت الأزرق، للفتاة المُستقيمة أمامَها بوَجه قَلق مُضطرب ، ترمُقها بملامِح يشُوبها الحُزن و القطَرات المُنهمرة .

أكملتْ الفتاة و ردائها الفضفاض يتطاير أثر الرياح ، بذاتِ نبرة الهلع مُمتزچة مع العتاب  " ماذا تفعلين هُنا إلينا ، و اللعنة لما لا تردي علي هاتفكِ ، لقد مِيتُ مِن القَلق عليكِ مُنذ الصبَاح "

قطعت إلينا التواصل البصري بينهما ، لتظل شاردة في الأرجاء ، لم تُعقب الفتاة و أخذتْ مكان بجوارها ، تُربت علي منكبيها بحنوٍ .

لتسترسل " أنه لا يستحق كُل ذلك الحُزن عليه إلينا ، أنه من خسر ، خسركِ "

لتُسدل إلينا أهدابها بإستياء ، تستند علي كتف ديانا و تبكي بغزارة كيوم حزين بديسمبر صمدت غيومة تنتظر كلمة لتنفجر ، ضمتها الأخري بحنان و هي تمتلأ بالغضب و الحُزن علي صديقتها المُقربة .

و تُفكر بأن دايمُن كان وغدًا أحمقًا، أوقع إلينا معهُ ، مسح عقلها بحُبه ، علقَها لثلاثة من السنوات ، مُتحججًا بالاستعداد للزواج منها ، وهو كان ينتقلُ مِن سريرًا إلي أخر ، مُستغلًا لإلينا بإنهاء أوراق عمله و الرد علي الرسائل ، لينفصل عنها ببرود ، لقد جرحها جُرحًا ينزفُ في أعماقها ، كسرها .

بعدما بري الزمن نصفُ سَاعة و إنتهت إلينَا مِن البُكاء ، أرتخَي جَسدُها علي الأُخري ، أنفاسُها انتظمَت ، غَصت في نومٍ عمِيق ، هربًا من ولوج الأفكار ، الذِكريات بين ثنايا عقلها ، ظلوا علي تِلك الوضعية قرابة الساعة .

"تروڤَلي   "مُجددًا //One shot ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن