النظرية ظني قط . حاولت أن أوضح للناس بالنقاش المنطقي أن الثقة العمياء التي يهبونها لبعض المتنكرين بعباءة الدين تخالف غريزة الحذر والخوف التي هي من أساسيات البقاء عندهم لكن تأثير اللحية والثوب القصير ورائحة دهن العود كان أقوى مني ومن منطقي . مع ذلك كان لدي أمل أن أحقق تغييرا في نمط التفكير السائد تجاه « المتمشيخين » لكن عند وصولي للمرحلة الجامعية اكتشفت أن مجتمعي يعاني من سوء فهم لمعنى الفهم . بمعنى آخر أن هناك تقويها سابقا لعقل الشخص قبل أن يفتح فمه ، وتقويها لأخلاقه قبل أن يتعامل معك . لم أفهم هذا النظام ولم أقرأ عنه من قبل في أي كتاب . تكيفت مع مجتمعي بالتمسك بمفاهيمي ومبادئي وأتقنت تجاهل من اختار أن يكون جاهلاً . كان البعض ينتقد استشهادي بأينشتاين لأنه يهودي ويتهمني بالغباء لأني معجب بعقلية هتلر النازي وكان العرف المفروض هنا هو أن كل شيء خارج حدود جغرافية وطني لا يجوز التعامل معه إلا بازدراء وحسرة ، فهم الضالون ونحن الناجون . حتى صداقاتي مع معتنقي بعض الديانات الأخرى وأصحاب المذاهب المختلفة كان ينظر لها البعض على أنها خيانة عظمى للمنظمة التي ستدخل الجنة من أوسع أبوابها .لا أنكر أني حاولت تبني هذا الفكر في فترة من فترات حياتي من باب التكيف وتجربة الجديد لكن لم أستطع لأن متطلبات عقلي كانت أكبر ، اتهمت بالزندقة وازدراء الدين أكثر من مرة من قبل عدد من المتعالمين لأسباب ليست دينية من الأساس . بدأت بعدها أفكر حتى توصلت لقناعة خاصة بي وهي أن الأحمق مثل العاري أمام الناس وسوف يغطي ويستر نفسه بأي شيء وبأي طريقة حتى يداري حماقته فهناك من يختار الصمت وأنا أحترم هذا النوع وهناك من يختار الهجوم على شخصك كي يلتفت الناس إليك ويديروا أنظارهم عن عورته المكشوفة وهذا للأسف حال الكثير من أبناء مجتمعي الأغبياء . البعض يخلط بين الجهل والغباء فيعتقد أن الجهل مذمة مثل الغباء ولا يدرك أننا كلنا جاهلون بشيء ما بطريقة أو بأخرى ولا يعلم العلم كله إلا الله ، فكلمة جاهل صفة لنقص المعرفة لكن الغباء صفة لنقص القدرة على استيعاب المعرفة وهذا أخطر . في تلك المرحلة من عمري وفي أوج عطش عقلي للمعرفة تغير مجرى حياتي وإلى الأبد . لم أحك ما حدث معي لأحد لأني لم أجد تفسيرا لتلك الأحداث يقبله أي عقل في هذا الزمن .ولكي أكون واضحا منذ البداية فأنا لا أنتظر القبول أو الرفض من أحد ، وسوف أسرد ما مررت به لمجرد التوثيق الزمني لعل يوما من الأيام بعد ما أموت ينظر لما كتبته مثل ما نظر لمؤلفات من قال أول مرة إن الأرض كروية فأحرق هو ومؤلفاته ولم تظهر حقيقة ما كتب إلا بعد قرون طويلة . ما سأذكره في الصفحات التالية من أحداث وقصص وروايات لن أطلب من أحد تصديقها ولن أدعي أنها حقيقة حفاظا على نفسي من سوط النقد الجاهل وكذلك لن أقول إنها رواية من نسج خيالي كي لا أظلم جزءا مهما من حياتي غيرها إلى الأبد لكن سأكتفي بالقول إنها مجرد .. . إسرائيليات