أولًا: الذئب المُرتحِل

686 41 10
                                    


هايو ستاي
استمتعوا رجاءً ♡

---

"على خلاف ما قد يوحي به اسم wolfgang لمتحدثي اللغة الإنجليزية— حيث يكون معناه الحرفيّ 'عصابة الذئاب'؛ إلا أنه في الواقع ذو أصلٍ ألمانيٍّ يدلّ معناه فيهِ على 'الذئب المرتحِل'. مسافرًا بين بقاعِ الأرض، وحيدًا رغمَ كل ما يملكُ من قوة."

---

صدَر صوتُ جرسٍ خفيفٌ قبل أن يُفتح الباب الخشبيُّ غيرَ مصدرٍ أي صريرٍ ملحوظٍ هذه المرة، كما لو أنهُ رأى حالة الواقفة خلفه وامتنع عن إزعاجها. ارتجفَت أرجلُها بخفّةٍ بينما تفركُ أصابعها فوق حقيبتها الصغيرة الوردية. مظهرٌ أنثويٌّ ولكن بتعابيرَ أبدت انزعاجها من كل شيءٍ بدءًا من كعبها العالي الذي كان أقل ما يمكن أن يطلق عليهِ هو أنه غير مريحٍ— وانتهاءً بشعرها المنسدل على جانب رقبتها. كان وجهها شاحبًا وعيونها شاردةً رغمَ جمالها، وبدا أنها احتاجت لبضعٍ ثوانٍ قبل استيعابِ كل شيء— حتى حقيقة كون الباب قد أغدى مفتوحًا وأن أحدًا ما يقف أمامها مرحبًا بها.

تشتتت نظراتها بينما تتلفت يمنةً ويسرة.
لم تستطع النظر إلى وجه الواقف أمامها لسببٍ مجهول، ولكنها استطاعت لمح بعض ما تميز به من ملامح. شعرٌ أشقر يميل للتجعد وابتسامةٌ دافئةٌ كادت تقنعها بالوثوق به من أول نظرة، جاعلةً إحدى غمازاته تبرز أكثر كلما ازدادت بالظهور.

حاولت أن ترمي نظرها إلى ما وراءه. مكتبٌ عاديّ، أثاثٌ بسيط، ولوحةٌ بلونٍ مسالمٍ كُتبت عليها عبارةٌ باللغة الإنجليزية. أفسح الشابّ الطريق لها لتدخل المكتب.

حين تقدمت إلى الداخل أومأ لها الشابّ بأن تجلس قبل أن يستقر على كرسيه، فوضعت حقيبتها في حجرها وجلست بأناقةٍ قبل أن يبدآ الحديث.

"بانغ تشان"
كُتِب على اللوحة التي على مكتبه. ولكنها اختارت أن تتظاهر بعدم علمها؛ فلم تكن مرتاحةً بعدُ لمخاطبته باسمه في هذه النقطة.

صحيحٌ أنها سمعت الكثير عنه من أشخاص لطالما اعتبرتهم محلًا للثقة، ولكنّ هذه مرتها الأولى في مكتب استشاراتٍ نفسية، ولم تكُ هي من النوع الذي يعتادُ سريعًا على الأمور.

بعدَ ثوانٍ من الصمتِ تحدثت الآنسة: "كما تعلم فقد طلبتُ مقابلتك لأخبركَ عن مشكلتي." أومأ بانغ تشان لها بينما يستمع، وتبادلا نظراتٍ كاد يبدو أنهما قد تبادلا رسالةً خفيةً معها. "أظنك تعلم هذا من حديثنا على الهاتف، ولكنّ الأمر متعلقٌ بشخصٍ يستمرّ بمضايقتي."

همهمَ بانغ تشان كدليلٍ على استماعهِ ثم سأل بهدوء: "إن كان لا بأس لي بأن أسأل، منذ متى...؟"

"شهران." أجابت الشابّة ببساطة.

"شهران؟"
بدا بانغ تشان متفاجئًا قليلًا وارتجفت الفتاة قبل أن تردف: "أجل... إنها حالةٌ شائعة قليلًا ولكن... هو يحمل مشاعر لي ولكني لا أريد الارتباط."

توقفت قليلًا وأشاحت بنظرها بعيدًا محدقةً بالأرض للحظات. "ليس وكأنّ هذا يبرر أيًا مما يفعل بالطبع."

أومأ بانغ تشان مجددًا. "أتمانعين إخباري المزيد عن هذا الشخص؟"

رفعت نظرها إلى بانغ تشان محدقةً في عينيه مباشرةً. توقف صوتها عن التقطع وجسدها عن الارتجاف بينما تخبره بكل ما لديها من معلومات. اسمه، رقم هاتفه، عنوانه، وحتى أسماء ابنتَيهِ وزوجته اللاتي لم يمنعه وجودهنّ من أن يضايق زميلةً عازبةً لم تملك من يحميها.

أمسك بانغ تشان بقلمهِ ودوّن كل ما قيل له في ورقة.

لقد كان من غير القانونيّ أن يفعل هذا. لقد كان من غير القانونيّ أن تفعل الآنسة التي أمامه هذا كذلك. ولكن حين لا يوجد أحد تستطيع الاستغاثةَ به مع وصولها إلى هذا الحدّ فلا مجالَ حينها للتفكير بما هو قانونيٌّ أم لا.

بهدوء، استمع بانغ تشان إلى كلامها حتى النهايةِ قبل أن يمنحها بعض عباراتِ المواساةِ التي اختتمها باخبارها أن لا تقلقَ وأن كل شيءٍ سيغدو بخير. ولتكون هي صريحةً فقد فاجأها صدق نظرته حينها حتى مع علمهِ بأنها قد سمعت الكثير عن مكتبه هذا بكل تأكيد.

"هل بإمكاني المغادرة الآن؟" سألت الشابةُ قبل أن تقف من مجلسها وأومأ لها بانغ تشان بابتسامةٍ مطمئنة. أعادت حمل حقيبتها على كتفٍ واستقامت متجهةً إلى الباب، ناظرةً إلى خلفها بين الحين والآخر.

"ابقَي بخيرٍ يا آنسة." نطق بانغ تشان بينما يقف على البابِ متكئًا على إطارهِ بيدِ واحدة، ليتفاجأ بالمخاطبةِ وهي تبادلهُ البسمةَ قبل أن تغادر. لقد بدا وجهها مختلفًا كثيرًا حين تبتسم.

قهقهَ بخفةٍ بينه وبين نفسه قبل أن يمسك بهاتفهِ ويتصل بإحدى الأرقام المسجلةِ لديه— والتي يحمل الاسم الذي عليها رمزًا لطيفًا بجانبهِ كدلالةٍ على تميزها.

"مرحبًا؟" أجاب الصوت الذي على الخطّ.

"هان-آه، لدينا مهمّة."

يُتبع

---

أتمنى إنه عجبكم ><

wolfgang || عصابةُ الذئابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن