الفصل الثالث

37 3 1
                                    

" دائماً ما يخذلنا الشخص الذي خسرنا عالمنا كله لأجله"

تأملت حالها في المرآة بفستانها الأبيض الذي ستزف به اليوم الى غير حبيبها ...ستصبح اليوم ملك شخص آخر غير زين ...ستخلف بعهدها مع مالك قلبها ....ترقرقت الدموع بعينيها البندقية الكحيلة ...وهي تتذكر مواجهتها مع اخيها الأكبر ..... عصام الأسيوطي...ذلك المستبد الديكتاتوري ..... الذي كان المسؤول عن إنهاء سعادتها قبل أكثر من عشر سنوات...والذي هو الأن يجبرها على شئ لا تريده ..يزفها إلى شخص لا ترغبه .....
قاومت دموعها بصعوبة بعد أن أزالة ما سقط منها بحذر لكي لا تخرب زينة وجهها بينما تهمس لنفسها بتحفيز "هيا يا رحيل هيا كل هذا لإسعاد والدك ......والدكِ على فراش الموت ....وأميري يحتاجني ....لازال حيا لا أصدق ذلك..رحيل  اهدئي اهدئي كل شئ يهون من أجلهما " ....تطلعت الى نفسها في المرآة ...تحاول الإبتسام غصباً ...فأصبحت النتيجة  إبتسامة عريضة أشبة بخاصة الجوكر ....
قطع محاولاتها الفاشلة في الإبتسام عدة طرقات على الباب  دخول رجل في أواخر العقد الرابع بملابسه ذات الطابع الصعيدي الأصيل ....يظهر على ملامحة الرجولية القوة والهيبة ...نظرات عينيه مليئة بالقوة والقسوة ....لكن بها لمعة حنان لشقيقته الصغرى ... لطالما كان يعتبر رحيل ابنته خاصة بفارق السن الكبير بينهما الذي يصل إلى خمسة عشر عاماً ....وذلك جعله يحاول حمايتها بأي ثمن كان.........

أربكها  نظرة الحنان المطلة من عيني شقيقها ...بينما تتسأل في داخلها عن سبب تلك النظرات ...بعد ما كان هو المتسبب الرئيسي عن دمار حياتها ...عن حزنها وذبول ابتسامتها ...رقت نظراتها عندما تذكرت كيف كان اخيها قبل سنوات ...قبل ان يرث منصب كبير البلد من والدها ....كان حنوناً عطوفاً معها كان والدها اكثر من شقيقها الأكبر ....نفضت كل تلك المشاعر قبل ان تتطلع إلى عينيه الشبيهه بعينيها بقسوة ... قبل أن تقول "أريد أن ارى أبي يا عصام "  ليتنهد شقيقها بحزن من معاملة شقيقته له قبل أن يقول بهدوء " هيا بنا لنعقد قرانك يا رحيل ستري والدك هناك"  لتهز رأسها بإدراك بينما تتقدم شقيقها بعدة خطوات  ليوقفها صوته الهادئ قائلاً "اعطيني يدكِ يا إبنت أبي ودعينا ننسى خلافاتنا الليلة الليلة فقط..." ....إبتسمت بسخرية ظاهرة ...لتعود خطواتها وتمسك بزراعه بينما تهمس له بكرة "ننسى خلافاتنا كيف أنسى أنك كنت السبب في ضياع حبي  وحرماني من أميري ..كيف أنسى" ....تنهد عصام في حزن بينما يتقدم بشقيقته نحو غرفة الضيافة التي يظهر منها أصوات الزغاريد .... دخلت برفقة شقيقها الى تلك الصالة الواسعة التي لايوجد بها إلا خمسة و عشرون فردا ...وذلك كان مطلب عريس الغفلة ...لتجلس برفقة  ثلاثة من زوجات اشقائها  في ركن بعيد

رفعت رأسها قليلاً محاولتاً القاء نظرة على عريس الغفلة ....لترتفع شفتيها بسخرية إنه ذلك الاعمى الذي جاء إلى محل عملها منذ يومين ...ماذا ظنت بأشقائها ياترى ؟!.....بالتأكيد ماكانوا يفوتون فرصة كهذة لإذلالها وجعلها تندم على إختيارها لزين قديما ...تجاهلت ذلك الصوت الذي يردد داخلها أن شقيقها الأكبر لم يكن هكذا في صغرهما ...كان دائما رقيق القلب في كل مايتعلق بها ....نفضت تلك الأفكار عن رأسها  ومشطت بعينيها الوجوة باحثتاً عن الوجة الحبيب ...وجهت أنظارها ناحية الباب عند دخوله على كرسيه المتحرك رفقة شقيقها الآخر  "عاصي" ....تأملت ملامحه الحبيبة ...كيف خط الزمن اثاره على وجه والدها الحبيب ...عينيه التي دائما ما كانت تخشى النظر إليها من حدتها وقوتها قد هانت وضعف تأثيرها ...لكنها مازلت تحتفظ بالقليل من قوتها ....لكن وبرغم قوتها إلا أنها منطفئة...حزينة...هناك آثار لأنين حزين في عينيه الواهنه لكن تغيرت نظرته عندما وقعت عينيه عليها عندما وقع نظره عليها لتسود عينيه لمعه اخفت ما في عينيه من حزن وتظهر إبتسامة سعيدة أضائت وجهه المجعد ...بادلته رحيل إبتسامته بإبتسامة حنونه ... بينما ظهر لمعة الندم في عينيها .... تتسأل في نفسها سؤال لم يخطر على بالها من قبل "أكان حبها لزين يستحق حقاً خسارتها لعائلتها ؟"
.
.
.
.
.
عضلات وجهها تشنجت من تلك الإبتسامة السخيفة التي ألصقتها على وجهها...تحاول على قدر الإمكان إحتمال كتلة السخافة الجالسة امامها ....ذلك الرجل أصلع الرأس صاحب البطن الكبير الذي يثرثر بلاتوقف منذ ساعات ......ليتوقف فجأة عن الكلام بينما تتعلق عيناه على نقطة ما في وجهها ليتسأل بنبرة غريبة "ما تلك الحفر الصغيرة المتفرقة على وجهك؟ " أختفت إبتسامتها المجاملة لتحتل التعابير الجامدة وجهها وتجاوب سؤاله الفظ" آثار مرض أصابني في صغري " إرتفع حاجباه مستنفراً ليرد قائلاً بفظاظة" ألا يكفي قباحة وجهك ونحالة جسدك  مشوهة ايضاً " إتسعت حدقتا عينيها متفاجئتاً من وقاحته  وترد بإنفعال و بنبرة سريعة " وسامتك تقوي قلبك يا سلطان زمانك انت يا صاحب البطن الأكبر من جسدك والرأس الأكثر لمعتاً من مرآتي تجرؤ على السخرية مني اتمنى أن تنظر لنفسك بالمرآة قبل السخرية على الآخرين " توقفت عن الكلام برهة لتسحب عدة أنفاس قبل أن تكمل قائلتاً " يا سيد ابو لمعة ألا يكفي قباحة وجهك وبدانت جسدك  وانك اخترت فتاة في عمر أصغر بناتك لتكون زوجتك وقح وعديم الزوق ايضاً" ساد الصمت المتوتر لعدة دقائق هي بوجهها المنفعل وأعصابها المشدودة وهو ملامحه المندهشة من  ردة فعلها ويبدوا أنه لم يستوعب وابل الإهانات التي ألقتها عليه .....سحبت أغراضها سريعاً وهي تستعد للمغادرة قبل أن يستوعب ما حدث ويتحول الأمر إلى فضيحة في هذا المطعم الفاخر ...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 07, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عشق أسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن