الرّابع عَشْر.

1.2K 118 592
                                    

فَرنسَا: باريس، التاسِع مِن مايو عام (٢٠١٦م).
ـ الثانية فجرًا.
ـ مِن ذاكرةِ مُحمدٍ في الليلِ:.

«تَمت تَرجمة الحوارِ كامِلًا إلكترونيًّا مِن الفِرنسية».

كانَ هادئًا أكثَر مِن اللازم، تنهد مُحمدٌ ينظُر إليهِ، مُنتظرًا أن يقولَ شيئًا، فَاقتربَ جادٌ مِنهُ بالفِعل، ثُم قالَ بنبرةٍ لَمست الإختلال:

-«مَا رَأيك بالطَيرانِ الحُرِ مِن فَوقِ سَفح الجَبل بِلا مُعداتٍ أو أيُّ شيءٍ؟..»..

قطبَ حاجبيهِ وقد إلتوىٰ طَرفُ شفتيهِ ساخِرًا كحالِ تِلك النبرةِ التي أَجاب بِها:
-« لِمَ تُطيل الكَلام جاد، بإمكانِك أَن تقول بِبساطةٍ: ما رأيك بالإنتحار؟».
فزادت نبرته المُختلة اختلالًا مجاوبًا:

-« لَن يَكُن انتحارًا هكَذا!، سَتشعُر بأنَ روحَك المُقيدة تتحَررُ أخيرًا، وعَقلك ولأولِ مرةٍ سَيتوقَفُ عَنِ التَشوش، سَتنتشي.»
قهقهَ مُحمدٌ يُقاطعهُ:
ـ «ثُم تُصدم بالأرضِ، وتَصيرَا قطعةٌ واحدة، يعني بطاطا مهروسَةٌ سَتُمسي جاد!».

فَرد ذراعيهِ في الهواءِ يدور كدجاجةٍ بلهاء صدمت رأسها:
-«بل سأكونُ حرًا».

فابتسم بخفةٍ عقب اجابتهِ، ثُم تساءلَ باهتمامٍ تاركًا الرواية مِن يده:
-«ما هو الوقت الذي تشعر به بالحُرية؟».

أَجابَه بنبرةٍ تغلغلت شعيباتها عدم التوازُن، وراحَ يحاول الرفرفةَ بذراعيهِ كديكٍ ينتحِر:
-«عندما أكون تحتَ تأثير الكوكايين أصير بعالمٍ ليس لهُ سقفٌ أبدًا، أشعر أنني أُحلق وحدي حُرًا بلا قوانين».

اشمئزت ملامح والده هنيهةً:-«جيد، لقد تعالجت من الإدمان الآن».
تجاهَل جادٌ تعقيبهُ، ثُم استرسَل:
-« أو عندما أَرقُص حافيًّا فوق حافةِ سورٍ عالٍ جدًا».

-«هذا جنون!».
تجاهلهُ مرةً أخرى متابعًا:
-« أو عندما أَقود السيارة بسرعةٍ خارقة تحت تأثير الثمالة».

استرخت ملامحهُ تُظهر مدىٰ انتشاءه عند تذكر شعوره وقتها، ثم تابعَ:
-« هذا رائع، عليك فعلاً تجربته!».

فشخُصت مُقلتا والده بصدمةٍ، متسائلًا:
-«وهل جربته أنت؟».
ابتسمَ بتِلك الابتسامة الشيطانية الماكرة التي اختلطت بملامحهِ الملائكية ذات براءة الأطفال، يهز رأسه بلا مبالاةٍ:
-«جربتها ثلاث مراتٍ».

-«قُدت مخمورًا!!!». انفصلت قواطعه يصرخ بغير تصديقٍ، فجاوبَ جاد بعادية مرةً أُخرى:
-«، ثلاث مراتٍ».
عادَت ملامِحُه للإزبهلالِ مجددًا:

لليلِ نهار-العاميّة-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن