الفصل الأول

65 14 88
                                    


كان المَطر يهطل بِـ غزارة مُنذ ساعات الصباح الأولى ما جعل شخصاً وافدا مثلي فِي مأزق شديد , بلدة إيفلين تقع جنوبي العاصِمة قرب رصيف الشَحن وهي نائية وصغيرة.

- اتريد تناول الغداء؟ يستمر المطر في الغالب حتى السادِسة مساءً

إستطردت مالِكة النزل وهي تمسح الأرفف تبع ذَلك ان سارت بِـ هدوء نحو المخزن دون ان تلتفت ناحيتي او تنتظر جوابيّ.

- شُكراً لكِ , لا يمكنني الإنتظار حتى توقف المطر لدي موعد مُهم!

بِعجل تحدثت بينما ألتقط قبعتي و ردائي وكان اخر ما سمعته هتافها السعيد المُتحمس:

- حظاً موفقاً لك! , لا تشهد هذه البلدة اي إحتفالات عدا مراسِم العزاء!!

هل هذا يعني انها تعتبر موت أحدهم إحتفالاً؟!.
لـ حسن حظي انني لا أعيش هنا فـ لا يمكنني تخيل ما سـ يحدث لـ عقلي حينها ,كان المطر يتساقط بِـ شدة مُصدراً صوتاً قوياً عند إرتطامه بـ  ردائي.

- تباً الوحل يجعل السير صعباً!!

ما يجعل الحياة صعبة هنا عدم وجود عربات دون ذِكر روث الخيول الذي يملأ الارض الموحلة , بـ جدية ما الذي يفعله السُكان؟!!.

إرتحت فِي مقهى قريب مُتجاهلاً ثيابي المُبتلة والأغرب ان المالك تجاهل ذلك ايضاً.

- هل يمكنني الحصول على قهوة بِـ الحليب؟

رمقني بـ نظرات مُتفحصة ثم عاد لما يفعل , عُدت بِـ نظري نحو الزجاج المُبتل تبدو البلدة جيدة من هنا , المنازل الخشبية المتراصة تبعث شعوراً غريباً بـ الحنين.

- تفضل طلبك!

بـ نبرة حادة تحدث واضعاً اياه بـ قوة:

- ليس ذنبي ان ما تجنيه ضئيل!! انا هنا كـ زبون وعليك إحترامي!!

زفر أنفاسه بِـ حرارة وإستدار عائداً نحو موقعهِ بينما يرمقني بـ نظرات حادة و متوعِدة إلا انني تجاهلت ذلك وقررت الإستمتاع بِـ قهوتي.

...

توقف هطل المَطر اخيراً نهضت مُغادراً وقد ودعت المالِك بِـ إبتسامة مُستفزة مُتجاهلاً الهواء البارِد الذي جمد عِظامي.

- سيد روديون , سـ تمرض هكذا!

هتفت مالِكة النُزل بِـ قلق وهي تتشبث بِـ ردائي إلا ان لدي موعداً لا اريد التأخر عنه:

- آسف لكن الآنسة دالفانجي تنتظرني

ابتسامة خبيثه إنطبعت على وجهها بينما تضرب ظهري ضاحِكة بـ فخر:

- لا تجعلها تتأخر او قد تخسرها , من النادِر ان تجد فتاة رائعة سيد روديون

- علاقتنا ليست...كلا! لا تهتمي وداعاً

غادرت على عجلٍ قبل ان تبدأ فِي سرد سلسلة حياتها و مدى حظ زوجها التعِس , لم تكن علاقتي بـ فلورا عاطفية بل نحن إخوة جمعنا ماضٍ مُتشابه.

توقفت خُطاي امام مكان اللِقاء والذي كان حديقة تقع قُرب مقبرة البَلدة , ازداد يقيناً ان سُكان إيفلين غُرباء.

- فلورا!...فلورا آسف لِـ تأخري

- آلن!!..اهذا انت؟

بِعجل هتفت بينما تنفض تنورتها الزرقاء امسكت كِلتا يديها مُستطرداً:

- اجل..هل انتِ بخير؟! صحتك هل تحسنت؟

- رباه!! انت مُبلل!

بِذعر هتفت لِـ اتراجع نحو الخلف مُعللاً:

- فقط معطفي...هذا لا يُهم الآن لم تُجيبي على سؤالي!

تمتمت بِـ بضع كلمات لم اسمعها ثم إستدارت نحوي وقد إرتسمت ابتسامة صفراء على وجهها مُستطردة:

- انا أُبلي بلاءً حسناً آلن , المال الذي تُرسله يُساعدني بـ الإضافة الى ما اجنيه مِن عملي فِي الخياطة 

- فلورا!!

صِحت بِها مُنزعجاً إلا انها اغلقت أُذنيها مستطردةً:

- اعلم ما سـ تقول , المال الذي ترسله لا يجعلني سعيدةً آل!! اريد ان اعيش بما اكسبه إلى متى سـ تعاملني كـ طِفلة مريضه

لم انطق بِـ كلمة وكذلك هي مضت دقائِق مِن الصمت قطعها صوت حوافِر الخيول , كانت تمرض كثيراً فِي طفولتنا لِذا إعتدت حمايتها فـ لم يكن مالك الدار شخصاً جيداً.

- آلن , هل تنوي حقاً الذهاب إلى هناك؟

إستطعت إستشعار القلق فِي نبرة صوتها المُتهزة لِذا أمسكت كفها مُحاولاً التخفيف عنها , إلا ان هذا جعلها تنفجر بِـ البُكاء.

- سـ اعود لا تقلقي!

- ما الذي تعرفه عن البلدة آلن؟!! سـ تقتل نفسك هكذا توقف عن هذا التحقيق!!

صاحت بي غاضبة وقد إمتزج غضبها بـ البُكاء أرحت ظهري مُحدقاً بِـ السماء , مسحت وجهي بِـ باطن كفي ثم عُدت بـ نظري ناحيتها.

- لا اعرف شيئاً , ولهذا أعتزم البحث والتحقيق فلورا

إرتعش جسدها النحيل بينما تقضم إصبعها بِـ شفتها المُتشققه , اهي حقاً بخير؟!.

بدأت الشكوك تساورني كان شعرها البُندقي مُتشابِك وقد جمعته بِـ ربطه زرقاء , كان التعب واضحاً على على وجهها الشاحِب أعتزم التحقيق فِي امرها اولاً ثُم ابدأ بما اتيت عنه سـ اكشف اسرار إيفلين!.

إيفلينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن