الفصل الثاني

14 2 1
                                    

الحياة ليست وردية..
ليست باللون الأبيض، أو اللون الأسود..
هي مزيج بين اللونين؛ والناتج الرمادي.
حياتها كانت وردية، أو هكذا كانت تظُن.
ولكنها بليلة وضحاها أصبحت رماد.
سواد حالك أضحى عالمها.
عادت بذاكرتها إلى ماضي بعيد حيث هي وتوأمها ووالدها ووالدتها.
يجلسون جميعًا في جلسة دافئة حيث أب وأم وأولاد.
والوالد يَقُص عليهم جهل دفين
داخل أسرته آلا وهو عدم توريث الفتيات.
عادة متوارثة عندهم في الصعيد
يلوح بذاكرته عندما مات جدهم وعاد وجد أشقائه لم يورثوا أخته، وهذا ما أذعجه فقرر أن يساعدها في نيل حقها.
ووقف لإخوته كالمرصاد.
فنعته أحدهم بالجنون، والآخر إتهمه أن حياته بالخارج أضاعت أخلاقه منذ متى، وهم يرثون الفتيات
الفتاة تأخذ حقها عند زواجها وإنتهى الأمر.
-أنتَ الظاهر عيشة الخواجات نستك عوايدنا ياولد أبويا
-لا منستش حاجة ياخليل بس ده شرع الله الست تورث زي الراجل هنخالف شرع الله علشان شويه عوايد
زمجر أخوه وإنتفض ضاربًا الأرض بعصاه:
-إحنا مبنعصوش شرع الله يامحمد أختك خدت حجها وزيادة لما جت تتچوز ولا إيه يابدور
طأطأت الشقيقة رأسها:
-إللي تشوفه ياأخويا نافذ
تنهد محمد بقلة حيلة؛ فهو لم يستطع أن يقف أمام شقيقه الأكبر.
لم يجد حلاً سوى أن يعطي لشقيقته أموال من عنده ليبرء زمته أمامها.
ووقتهاإنتفضت إبنته:
-إزاي لسه فيه ناس بالتفكير العقيم ده يابابي
أحاطت شعرها بكلتا يديها وأعادته للخلف وأكملت:
-يعني لو يوسف مكنش توأمي مكنتش هورث منهم حاجة.
أومأ الأب أسفًا.
وإنتهى الحديث.
مات الأب بعد عام من هذا الحديث وإتبعته امهم حيث لم تطيق العيش بدونه في هذه الحياة.
باتت هي وتؤامها يعيشان في المنزل وحيدان
هي نايا الشربيني حفيدة عائله الشربيني ذات الصيت المسموع في الصعيد الذي إنتقل للقاهرة ولا يزال تفكيرهم واحد .
وفي يوم لم تشرق له الشمس أصرت هي على السفر لرحله جبليه تريدها، ومع إصرارها أذعن الأخ الحنون عليها
لتقوم تصفق وتقبله من وجنتيه وتذهب لتحزم الأمتعة
وذهبا وصلا إلى المعسكر المزعوم.
وفي الفجر خرج يوسف ليستنشق بعض الهواء ويتجول بالمنطقة.
وبعد فترة من التمشية يجد أنه إبتعد عن المعسكر كثيرًا، وأضاعهم.
ظل يسير حتى تقطعت أنفاسه من كثرة السير
وظل على هذا الحال.
يوم
إثنان

والإرهاق يتغلغل في جسده الضعيف الهش
يومان بدون طعام أو شراب والأمر ليس بهين يحمد الله أن الشمس ليست بحارقة والجو بارد وإلا كان مات منذ اليوم الأول.
وها قد أتى اليوم الثالث من دون ذرة ماء واحدة.
والرابع والخامس لاحقه ومن ثم السادس
وعلى حاله بدون ماء ولا طعام
يكاد يموت من شده البرودة
اطرافه تتجمد
لا يقوى علي تحمل البرد القارص

يرى روحه تتسربل من جسده.
وهم لم يجدوه بعد..

الروح تخرج..
سيتركها بمفردها..
الروح تذهب لبارئها..
ستصبح بدون عائلة..
الروح فارقت الجسد دون رجعة.
لتعلن دقات القلب صافرة النهاية الحتمية
ليأتي صباح اليوم السابع
"بمصرع يوسف الشربيني صاحب ال 18عامًا"
باتت وحيدة لم يبقَ أحدًا لها.
أهلها بمصر يصروا عليها لتأتي هي وشقيقها ليروهم
وهي التي أخفت عليهم نبأ وفاته لنيةٍ ما يداخلها
وأثرت العزم في يومٍ ستذهب، وتطالب بإرثها؛ فهي لم يبق معها قرشًا واحدًا مما تركه لها والدها
تعيش منذ وفاة شفقيقها منذ 5 سنوات بمفردها وحيدة
تنفق من اموال والدها في دراستها بالجامعة وحتى إنتهت منها لم تجد عملًا مناسبًا لها وها هي تنفق آخر نقود لديها في تدكرة السفر إلى مصر..
ولكنها تذكرت قصة والدها وعمتها.
إن علمت عائلتها بمصرع توأمها لم يعطوها قرشًا واحدًا
فكرت أن تصير هي وتوأمها واحد
راقت لها الفكرة كثيرًا.
وباتت على تنفيذها وفي اليوم التالي إشترت شعرات قصيره تشبه خاصة شقيقها وأشياء تُخفي مفاتنها
وها هي أتت في هيئة الشقيق
وصلت إلى مصر قبل الموعد الذى أعطته الأعمامها ب 4 ساعات
أنهت إجرأت الأوراق وها هي عادت إلى مصر بإسم "نايا الشربيني"
خرجت من المطار واستقلت تاكسي ينقلها إلى منزلها وفي غضون ساعه كانت قد وصلت إلى منزلها قامت بتبديل ملابسها لملابس شقيقها وعقصت شعراتها من الخلف وقامت بإرتداء الشعرات المستعاره أخفت مفاتنها بمهارة وإنطلقت حيث المطار مرة أخرى وهناك
قابلت إبن العم يبدو أنه عابث فهو عندما إصطحبها لمنزلهم لتلقي التحيه على عمها كان طوال الطريق يشاغل هذه وهذه
وهاتفه لم يهدأ من الرن وكل مره من أنثى مختلفة!
وصلت معه إلى منزل عمها وهناك وجدت عمها الأوسط رجل أعمال كبير ولكن عقله صغير متمسك بعادات واهيه
-نورت بيتك يايوسف
ومن الخلف تجد زوجة عمها تلقي عليها التحية:
-نورت مصر يايوسف والله كان نفسي أشوفك من زمان
-الله هي فين نايا
إبتسمت :
-ستأتي غدًا
-يوسف مش بيتكلم عربي ياماما بس بيفهمنا يعني
إبتسمت السيدة بحنان ذكرتها بوالدتها
أما عنها فهي قررت التحدث بالإنجليزية نظرًا لرقة صوتها الذي لم تجد له حلًا سوى التحدث بإلإنجليزية
قامت زوجة عمها بإعداد الطعام تناولت الطعام طعام لم تراه بحياتها شئ باللون الأخضر لزج يقومون بشربه هو لا يعلم ماهو فتسائلت ليجيبها
-دي ملوخية ياجو
لم تفهم ما يقصده ليصحح له بلغته
-green soup
ليتمتم:
"ضيعت هيبة الملوخيه
-green soup!
تذوقتها وأعجبتها للغاية، قدمت إليها بعدها زوجه العم الحلوى التي كانت "أم علي" لم تفهمها أيضًا لكن طعمها أذهلها..
وبعد يوم حافل بالحكايات مع السيدة لبني وحكاياها عن إبنها ومغامراته ونساءُه إنتهى بإيصال فراس لها لمنزلهم القديم.
وهنا عادت لواقعه لتتمتم والنوم يغالب أجفانها يحثها على النوم لتتمتم بنعاس:
-هما اللي اضطروني أعمل كده
**********
قد تأتيك السعاده على هيئة قبولك في عمل لم تتخيله بأحلامك أنك ستعمله..
الحياة لاول مره تضحك لها..
تصحو على صوت هاتفها يصدُح، وفتاة بصوت ناعم تُخبرها أنه قد تم قبولها في العمل وعليها مقابلة رب العمل اليوم بعد الظهيرة..
لم تصدق أذنيها ما سمعته نهضت تقف أعلى فراشها وتقوم بالقفز عليه وشعرها الغجري يطير من حولها يصنع هالة من الجمال حولها
هل جُل ما سمعته حقيقة؟
هي قامت بالتقديم في العمل وكانت تنتظر الرد التي تسمعه مرارًا وتكرارًا
"الشغل ده للرجالة مفيش ستات بتشتغل فيه"
وردود أخرى غاية في السخافة من أناس يعيشون في القرن السادس قبل الميلاد تقريبًا.
"روحي أطبخيلك طبخة بدل ماأنتِ عاوزه تشتغلي الشغلانه دي"
تتذكرت منع الأب الصارم عليها عندما قررت دخول هذا القسم، ولكنها أصرت وعزمت أمرها هي ستصبح مهندسة ميكانيكا وإن وقف أمامها جميع بني البشر
تُريد أن تُظهر للعالم أجمع كيف لفتاه ستعمل في هذا المجال وستنجح بالفعل.
دلفت لحمامها وأنعشت جسدها بحمام هانئ وسريع في نفس الوقت أرسلت رساله إلى باربي في قولٍ آخر "العيوطة"
"توبا معلش مش هعرف نتقابل النهاردة جالي شغل ضروري نتقابل بكره"
فتحت خزانة الملابس تتأمل ملابسها المائلة للذكورية نوعًا ما تنتقي ما ترتديه وإهتدت لقميص "شميز" مربعات باللونين الأحمر والإبيض
وأسفله كنزة بيضاء وبنطال من الجينز الفاتح وحذاء أبيض
وتركت شعرها الغجري للعنان وخرجت لتجد والدها يتصفح الجريدة التي لم يتنازل عنها طيلة حياته فاطبيب القلب المعروف "فؤاد العيسوي "والدها ذو طابع كلاسيكي وهادئ يتمسك بالعادات حد النخاع ووالدتها بجواره تحيك جورب لها
حيث تلك الفتاة لا تطيق الغطاء في الشتاء منذ نعومة أظافرها فتقوم الأم بصنع الجوارب لها؛ فهي خبيره في عمل "التريكو"
إقتربت سيليا منهما وقبلت رأس والدها الذي إنتبه لوجودها في المشهد وقبلت وجنة والدتها وجلست جوارهم تحتسي كوب القهوة بالحليب خاصتها
عشقها منذ الثانوية العامة يمكنها أن تشرب أكثر من كوبٍ بالليوم وهذا السبب وراء إخفاء أمها القهوة عنها
نظرت لوالدها لتحدثه:
-هو مفيش عمليات النهاردة ولا إيه يادوك
ترك الجريدة ونظر إليها:
-لا أجازة النهاردة
وأكمل:
-أمال أنتِ رايحه فين
-إنترفيو يادوك
وإلتفتت لأمها:
-دعواتك ياحجه
تركت القهوة خاصتها وفرت هاربه لتضرب أمها كف على كف وتتحدث في زهول:
-مش ممكن تكون دي خريجة مدارس لغات ومتعلمه في أمريكا لا.
-----------
إنطلقت بسيارتها وهي تشعل أغنية حديثة "لويجز" وتنطلق بسرعتها الفائقه لم تكترث بكم المخالفات التي طالتها فهي هكذا حين تفرح تترك نفسها للعنان وتنطلق
هاتفها كان يرن، وتخرجن من حقيبتها أفلتت زمام الأمور
إصطدمت بسيارة
يخرج صاحبها ليجدها أيضًا تخرج وتوبخه كأنه هو من أخطا مثلا بحقها
-مش تفتح بابني أدم أنتَ!
تطلع إليها بذهول:
-أنا برضو اللي أفتح
-لا أنا
قالتها زاعقه
-لا أنا!
أجابها بنفس الزهول
-حضرتك أنتِ اللي خبطاني
وهدر بزعيق هو هذه المره:
-أنتِ عارفه العربيه ال خبطيها دي بكام!، بتمن عربيتك 6 مرات وكمان بتبجحي
نظرت له بإمتعاض:
-لولى أني ورايا مواعيد كنت عرفتك البجاحه على اصولها
ورحلت كالعاصفه تصعد إلى سيارتها وتنطلق
----------
وصلت إلى مقر الشركة بعدما حمدت ربها أن الرجل لم يُطالبها بتصليح سيارته، هي تعلم أنها هي المُذنبة ولكنها لم تترك له الحق في الجدال معها
فأي رجل في هذه الدنيا ما هو الأ مذنب
أخبرت "الريسبشن" يإسمها لتخبرها الفتاه بالإنتظار قليلًا
وبعد عشر دقائق أخبرتها أن مدير الشركة ينتظرها
صعدت وطرقت الباب بهدوء ليأتيها الصوت من الداخل يأمرها بالدخول
ولحظها الذي تعرفه حق المعرفة ألى وهو "نحس"
تجد الشخص الذي وبخته منذ ما يقرب من عشر دقائق هو مديرها ليتمتما بنفس ذات الوقت
-أنتَ
-أنتِ
----------
-طب تمام يأنسه سيليا أنتِ شهاداتك أي حد يتمناه يشتغل عنده بس الشغلانه دي محتاجه راجل
قالها "ركان "وهو يغلق ملفها، ويحاول أن يتحلى بالصبر؛ حتى لا يقوم بنتف شعراتها الغجريه هذه، وفي مخيالته تُراوده بعض الأفكار الشيطانية عده يُريد أن يُنفذها
"ياااااه دلوقتي لو قمت كده سقفت على وشها ده"
عاد لحاضره على صوتها الحانق
-إيه الفرق بين راجل وست حضرتك مش فاهمه
أيقن أنه سيدخل في مهاترات وقضايا المرأة وهو ليس بمزاج لهذه النقاشات
"لسانها طوله مترين"
تطلع لنظراتها بتحفز هو يعلم كم مهنة مهندس ميكانيكا بشركة سيارات مرموقة صعبٍ على رجل فكيف إمرأه
ولكنه جاء إلى خاطره فكره ثعبانية وقرر على تنفيذها
-خلاص أوكي ياأنسه سيليا أهلا بيكي في التيم بتاعنا
-تمام يافندم
قالتها بإستهجان.
لتجحظ عيناه من فظتها
"نسيت أني مديرها تقريبًا"
أقام من على مقعده وتحرك ليجلس على طرف المكتب ليحدثها بنبره تهديد:
-بس خدي بالك أي تقصير أنتِ المسئولة.
-مفيش تقصير هيحصل أصلا.
إبتسم لا ينكر ثقتها بنفسها أعجبته
-أتمنى ودلوقتي هتستلمي شغلك تحت إشرافي
أومأت برأسها وخرجت
بقى شادرًا في هذه التركيبة العجيبة التي قابلته
*********
النساء..
وآه من النساء
هم الجنة على الأرض؛ فكيف له أن يستقر في جنة وكل الجنان مفتوحة أمامه يبدل كل يوم جنه أو جنتين
هو رافل العدوي مصمم الأزياء وخبير النساء عن جدارة
الحاصل على دكتوراة في تحديد محيط خصرهن.
كاره الزواج، عاشق العبث عن حق.
الزواج تقيد وهو كالعصفور يكره التقيد.
هو حر طليق .
ينتقل من عُشٍ إلى عُش.
يستيقظ على أصوات في الخارج
يأخذ دقيقة كاملة ليستعب من معه بالشقة بالأساس
يتذكر تلك العارضة التى تعمل معهم فقد أتت معه البارحه إلى شقته.
أقام من الفراش عارِ الجذع ساوى شعراته البنية المشعثه
تعثر في ملابس الفتاة مُلقاه على الأرض
وخرج من الغرفة يضع لفافة تبغ في فمه، ويدخنه يجدها في المطبخ تصنع الفطور وترتدي قميصه وتتمايل على الأغنية الغربية وتُدندن معها

كعب عالي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن