الثَّـانية : أُمَّـــاه..

15 1 1
                                    

عنكِ يا أماه تخليتُ
لم تكن أنا التي فعلت
لكن الألم اشتد و التفت
يريد الكثير فما أعطيت
♬♩♪♩ ♩♪♩♬

ارتجفت أوصالي لما أراه.. كانت حياة مأساوية لا يقوى قلب كخاصتي لم يكتمل بعد على تقبّـل أنني سأعيشها بعد ليلة أو اثنتين ..

لمَ أبي يبرح أمي ضربا بهذا الشكل؟.. ما خطبه لا يستمع لصرخاتها المدوية هي تقطع أنفاسي التي لم أجربها حتى! ها أنا ذا ظهرت.. لكنني كنت أخفي ذاتي المرتجفة و الجبانة خلف الجدار، تتراقص مقلتاي بينما تخلّف مياها تنتشر على وجنتاي و استطعت بغرابة أن أشعر بألم كل لؤلؤة تدفقت من عيناي.. كنت أحمل ورقة عليها رسمة أتوسط فيها أبي و أمي بسعادة و سعادتنا تكفلت بتزيين الورقة فما الذي ستفعله عدة أقلام ملونة مبتذلة!.. لكنـه بيأس شديد كان حلما ربيعيا دافئا مستحيلا ربت على كتفي و غادرني.. مزقت الورقة بهدوء و تركت البقعة الملعونة التي استشعرت أناملها تتسلق عنقي و تضيّق مجرى الهواء لبائسة مثلي، أغلقت باب غرفتي و استلقيتُ كجسد لا روح فيه..

  لمَ رفضَ زميلي حسن المظهر ذاك رسالتي التي قضيت ليلة بأكملها أزينها باعترافاتي الخجلة!.. هل هو يمزّقها؟.. يا إلهي الجميع يسخر من وجنتاي المحمرتين و يرمون كلاما لاسعا هنا و هناك و يقهقهون بينما ركضت أحاول استرجاع شتات تلك الرسالة لكنهم استمروا بتمريرها لبعضهم
" قبيحة بوجه محمر مثلكِ اتّـضح أن لها بعض الشجاعة للإقدام على هذا! "
كان رد الفتى يغلب عليه طابع جدي، لـا تجاملني يا فتى.. لست شجاعة فلا تحاول تطهير ضميرك القذر فلست سوى خاسرة بمعركة لم تُقم إلا بمخيلتي...

  و لمَ أنا بقرب الجسر الكبير هناك.. لمْ تبدُ هيئتي كمجرد عشرينية تريد رؤية المناظر بل كانت هالة مظلمة تقيدني و تحيطني.. مهلا هل هذه نهايتي؟ تسلقت حافته و تطايرت خصلاتي تطلب النجدة لعل البشر لازال من بينهم قلب رحيم واحد يجبر ذاتي المنكسرة على التراجع و لملمة بتلاتها حتى ولو أخذت وقتا أطول من سنواتي المحدودة..
دموعي لم تسقط و لكنّ لسع عيناي كان قويا لدرجة أن التخلي عن كل شيء في تلك اللحظة بدا سهلا، سهلا و أسهل من تحمل لسعها و كان أشبه بعتاب على ضعفي من مواجهة العقبات التي رافقتني.. لازالت أطرافي ترتعش و تتراقص بمكر على لحن موتي البطيء ، في تلك اللحظة شعرت بنشوة فجأة كشفها نور القمـر فهربت خِشية كشف كونها مأساةً متنكرة لمواساتي عندما لم يقدم أحد على مساعدتي.. و تـخليتُ عن ملمس حافة الجسر، لم يكن بذلك السوء ~

بعدما أبصرت كل ذلك شعرتُ أنني لا أريد الخروج
لـا أريد مواجهة العالم.. أريد البقاء في بطن أمي الدافئة المنتفخة للأبد، نعم فما رويته كان شريط حياتي الذي رأيته قبل مغادرتي بطن أمي و ملاذي الأخير بلحظاتٍ..

" نتأسف سيدة ماري، ابنتكِ لم نستطع انقاذها.. الفحوص أشارت أنها بصحة جيدة لكن نبضاتها بغرابة متوقفة و جسدها ميت، و لا خلل هناك..حالتها غريبة،تعازي لكِ"

آسفة أمي العزيزة لذرفكِ لتلك الدموع، عملتِ بجد على حملي بداخلك لتسعة أشهر و فرحتِ كثيرا عندما ركلتكِ لأول مرة، أبي كان يعاملكِ بلطف جعلني أتشوق للخروج لكنني لم أعلم أنه سيتغير فجأة عندما يفشل بتحمل مسؤوليتي ..

جارتنا سيلا أنجبت كذلك على ما أظن؟ كنت متحمسة لأنه سيكون لدى ابنتكِ صديق تلعب رفقته لكنني لم أعلم أنه سيمزق اعترافي له و يمنح الجميع مأدبة السخرية مني و إهانتي برواق الثانوية..

كان منظر النهر أسفل الجسر فاتنا تلك الليلة جعلني أتشوق لملاقاته في الحقيقة و لمس حوافه بروح حالمة سعيدة لكنني لم أعلم أن ملمسها سيكون شاهدا أخيرا على تركي لكل شيء في ليلة باردة...

كان ما رأيت منافيا لتجاربي التي ظهرت أمامي و حتى الآن أشعر بالمرارة لدموعكِ الغزيرة و عدم مقدرتي على فعل أبسط شيء لمواساة وحدتكِ و وحشتكِ ليس و كأنني لست السبب في كل هذا..

أمّـاه لم يكن لأمثالي حظ في هذه الحياة، تجربتي كانت أسوء من أن أجربها.. فاغفري لروحٍ بائسة غادرت يوما بذنب لا يغتفر

انتهـت الخاطرةُ الثَّـانية

انتهـت الخاطرةُ الثَّـانية

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
عِـبْقُ خَــاطرةٍ مَـــاWhere stories live. Discover now