بسم الله توكلنا على الله ، و نبدأ حكايتنا
1
#مليحة
البارت الأول
فى مدرسة خاصة و على مستوى عالى من الرقى و الجودة ، و فى حى راقى ، كان منعم .. و هو شاب فى العقد الثالث من عمره ، و هو الوريث الوحيد لهذا الصرح العملاق مع والدته فوز ، و اللى تركها له والده من خمس سنين فاتوا و كانت السبب فى انه يترك مجال الطب النفسى ليتفرغ لادارتها ، و كان بيتجول بين ردهات المدرسة و هو بيراقب سير العمل زى عادته ، لحد ما وصل لاحدى القاعات المخصصة للرسم ، و وقف يراقب الاطفال اللى فى سن البيبى كلاس و هم بيرسموا و يلونوا فى اوراقهم و هم قاعدين فى حلقة و ملمومين حوالين المدرسة بتاعتهم ، و لكن لفت انتباهه .. بنت قاعدة بعيد لوحدها و هى معاها ادواتها فى زاوية بعيدة و واضح عليها التركيز فى رسوماتها رغم ان وشها مليان دموع و اعتقد انها متعاقبة من مدرسة الفصل و عشان كده كانت معيطة ، فراح خبط على الباب و نده للمدرسة و قال لها : ثوانى يا ميس عاليا من فضلك
عاليا : قيام يا اولاد
منعم و هو بيشاور للولاد عشان يقعدوا : جلوس
عاليا راحت له و قالت : صباح الخير يا دكتور منعم
منعم شاور على البنت و قال لها : انتى معاقباها ليه
عاليا و هى بتبص على البنت بنوع من التعاطف : ابدا يا دكتور و الله ، انا مش معاقباها ولا حاجة
منعم باستغراب : اومال ليه قاعدة لوحدها كده و كمان باين اوى انها معيطة
عاليا بتنهيدة : دى مليحة
منعم : يعنى ايه مش فاهم
عاليا بابتسامة : اسمها مليحة
منعم بنصف ابتسامة : اسمها حلو اوى و جديد ، المهم .. مالها بقى مليحة
عاليا بتعاطف : باباها اتوفى من حوالى خمس شهور
منعم بتأثر : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، ربنا يرحمه ، طب هى يعنى بتعيط عشان باباها
عاليا بنفى : لا ، الحكاية ان حالتهم المادية اتغيرت جدا بعد وفاة باباها ، الدنيا مابقيتش اد كده معاهم ، و مامتها ماقدرتش تجيبلنا السبالايز اللى طلبناها ، و قالت انها هتجيبلنا الحاجات الضرورية بس ، و بصراحة انا وافقت وقلتلها مش مشكلة ، بس طبعا حضرتك عارف الاطفال فى السن ده
منعم : طبعا البنت اكيد حاسة انها مختلفة عن زمايلها
عاليا : بالعكس يافندم ، البنت جميلة جدا و هادية و عمرها مابصت لاى حاجة من حاجة زمايلها ، المشكلة فى زمايلها نفسهم اللى مابيبطلوش يضايقوها و يتنمروا و يتتريقوا عليها
منعم بعتاب : و انتى ازاى تسيبيهم يعملوا كده
عاليا بدفاع : و الله يادكتور غلبت ، لدرجة انى اتواصلت مع اهاليهم و حكيتلهم المشكلة و طلبت منهم يساعدونى ، و الحقيقة لقيت منهم تعاون كبير جدا ، لكن اكيد حضرتك عارف ان الولاد فى السن ده بيبقى صعب اوى السيطرة عليهم كليا
منعم بتنهيدة : عندك حق ، طب اطلبى الحاجات دى من المخزن و اديهالها على انها هدية من المدرسة
عاليا بامتعاض : للاسف مش هينفع ، انا فعلا عملت كده بس مش بالظبط ، جيبتلها من عندى حاجات و حاولت اديهالها و لو حتى على سبيل الهدية .. لكن البنت رفضت بشدة و قالت لى انها مش عاوزة الحاجات دى ، و انها عاجبها الحاجات اللى مامتها جابتهالها ، و لما حاولت اديهم لمدام هادية و برضة على سبيل الهدية رفضت بذوق و قالتلى انها عاوزة تعود مليحة على ظروفهم الجديدة ، و حتى كمان عرفت انها لولا ان المصاريف بتاعة السنة دى كان والد مليحة الله يرحمه دافعها كانت سحبت اورقها و وديتها مدرسة تانية تقدر على مصاريفها ، و انها هتكمل هنا السنة دى بس و بعد كده هتحول لها ، دى كمان سحبت مصاريف الباص ، و هى اللى بتجيبها و تاخدها
منعم : لا حول و لا قوة الا بالله ، اهى الحالات اللى زى دى بتبقى اصعب من الناس اللى طول عمرها حالتها صعبة
عاليا : عندك حق
منعم و هو داخل على الفصل من جوة : طب اتفضلى كملى انتى شغلك ، و راح ناحية مليحة لحد ماقعد جنبها و هو بيتفرج على الرسم بتاعها اللى كان فعلا اكتر من رائع بالنسبة لسنها و كان عبارة عن تلت قطط و كلب بيلعبوا مع بعض فقال لها بتشجيع : برافو … ايه الجمال ده كله
مليحة رفعت وشها ناحية منعم و قالت بضحكة مكسورة : دول القطط و الكلب بتاعى
منعم و هو بيمسحلها وشها بمنديل : و قططك بقى اسمهم ايه
مليحة : كيتى و بانى و فلافى
منعم : ايه الاسامى الحلوة دى ، طب و الكلب
مليحة بحزن : اسمه ريكس
منعم : طب و مالك زعلانة ليه كده ، ده اسمه حلو خالص
مليحة : اصله خلاص مابقاش معايا
منعم : ايه .. مات
مليحة بلهفة : لا ، بس ماما خلت طنط داليا تاخده عندها عشان …..
مليحة سكتت و رجعت بعنيها لورقة الرسم بتاعتها ، فمنعم قاللها : سكتتى ليه ، ماكملتيش عشان ايه
مليحة : عشان بابا مات و ماما قالتلى اننا ماينفعش نخليهم كلهم فخلت معايا كيتى بس ، و مشت الباقى
منعم فهم ان اكيد مامتها عملت كده عشان تكاليف الاكل بتاعتهم فطبطب عليها و قاللها : مامتك اكيد عارفة ايه الصح
مليحة بابتسامة : ايوة ، ماما بتحبنى و بتعمللى كل الحاجات الحلوة
منعم طلع من جيبه شيكولاتاية و مد ايده بيها لمليحة و قال لها : ايه رايك لو تاكلى الشيكولاتاية دى
مليحة برفض : لا مش عاوزة ، ماما هتجيبلى معاها و هى جاية
منعم : طب و ايه المشكلة ، كلى دى و كلى كمان اللى ماما هتجيبهالك
مليحة و هى مش بتبص على الشيكولاتة : لا شكرا ، انا بحب بتاعة ماما
منعم بقى مستغرب اوى رد فعلها ، اى طفل مكانها كان هيفرح بالشيكولاتة و هياخدها يأكلها لكن سمع عاليا اللى كانت متابعة اللى بيحصل بتقول : مابترضاش ابدا تاخد حاجة الا لو لقت زمايلها كلهم بياخدوا منها
منعم ابتسم و قام راح ناحية الباب و قال لعاليا : انتى بتشوفى مامتها اما بتيجى تاخدها
عاليا : مش دايما ، لانها بتستناها برة عند البوابة الجانبية
منعم : تمام ، لو عرفتى اى تفاصيل او تطورات عن البنت دى ياريت تبلغينى بيها اول باول
عاليا : حاضر يا دكتور
منعم خرج راح ناحية مكتبه و هو بيفكر فى مليحة و ازاى و هى فى سنها الصغير ده مامتها قدرت تزرع فيها عزة النفس دى ، و انشغل بالموضوع ده شويه ، لكن بعد كده ابتدى ينشغل بشغله العادى ، لحد ما جه وقت الانصراف ، و منعم زى العادة كان بيراقب خروج الولاد و ركوبهم الباص ، لكن المرة دى اهتم اكتر بالبوابة الجانبية اللى بيخرج منها الولاد اللى اهاليهم بتيجى تاخدهم ، و راح وقف فى مكان يقدر يكشف منه الساحة الخارجية ، وفضل لحد مالمح مليحة و هى شايلة شنطتها على ضهرها اول ما قربت من البوابة ، الحارس قال لها بود : ياللا يا مليحة ماما وصلت
مليحة جريت بسعادة و اول ماشافت مامتها اترمت فى حضنها و باستها بشوق و قالت لها : وحشتينى
هادية كانت محجبة ، و لابسة بنطلون اسود واسع و عليه شيميز برضة اسود و واسع و طويل كان مظهرها العام بيدل على بساطة لكن برقى و كانت ساندة بايدها دراجة فخمة جدا ، و متصممة بان فيها كرسيين ورا بعض ، و بعد ما سلمت على بنتها اخدت منها شنطتها علقتها على الدراجة و بعدين ركبت و قالت لمليحة بمرح : ها هتيجى معايا و اللا تحصلينى جرى
مليحة بمرح و هى بتركب وراها : لا هركب .. انا دافعة تذكرة من امبارح ، ياللا سوقى ، و اخدتها و مشيت
منعم كان واقف بيراقب كل ده بشغف و الابتسامة مافارقيتش شفايفه ، واضح جدا ان مستواهم المادى كان عالى و ده واضح على تمن الدراجة اللى كانت مامة مليحة سايقاها ، منعم بقى مهتم انه يعرف حكاية البنت دى و مامتها ، فرجع على مكتبه و شغل الكمبيوتر بتاعه و ابتدى يدور على ملف البنت اللى قدر يطلعه بسهولة جدا لان اسم البنت مش متكرر اصلا ، و اول حاجة بص عليها هو العنوان ، و اللى لقى ان عنوان مليحة ماهو الا فيلا فى نفس الشارع اللى هو عايش فيه و اللى فى نفس الحى اللى فيه المدرسة
لما رجع البيت لقى مامته قاعدة فى الجنينة بتشرب شاى ، فراح باس راسها و قال لها : السلام عليكم
فوز : و عليكم السلام يا حبيبى حمدالله على السلامه
منعم : الله يسلمك ، مش قلنا بلاش شاى قبل الغدا عشان مابتعرفيش تاكلى كويس
فوز : انا قلت اشرب حاجة تدفينى ، الدنيا النهاردة برد اوى
منعم : فعلا ، بس كويس انك قاعدة فى الشمس اهوه
فوز : ايوة الحمدلله الشمس دفتنى شوية
منعم : الا هو انتى ماتعرفيش فيلا ٦٧ دى مين اللى عايش فيها
فوز : ابدا يا بنى ، انا مابحفظش ارقام البيوت ، لكن عبده هو اللى ممكن يبقى عارف ، بس بتسأل ليه
منعم حكى لمامته على اللى حصل ، فقالت بتعاطف : ارحموا عزيز قوم زل يا بنى ، ياريت تعفيها من المصاريف
منعم : ما ده اللى عاوز اعمله ، بس عاوز اشوف طريقة مايبانش منها انها مساعدة شخصية ، عشان مامتها تقبلها ، بس عاوز اعرف هم حصللهم ايه بالظبط
فوز : اكيد عبده يعرف اندهله و أسأله
لما ندهوا عبده و ده الحارس بتاع الفيلا بتاعتهم سألوه ، فعبده بتفكير قال : فيلا 67 دى بتاعة الست هادية
منعم بانتباه : ايوة مظبوط ، مين بقى الست هادية دى يا عم عبده ، اقعد كده و ركز ، عاوزك تحكيلى كل اللى تعرفه
عبده قعد و قال لهم بزعل : الست هادية دى كانت مراة الباشمهندس فاروق الله يرحمه اللى مات فى حادثة عربية على طريق السخنة من كام شهر
منعم بتذكر : اااه ، افتكرت ، احنا روحنا عزينا فيه ، بس ماركزتش فى الاسم وقتها ، لان العزا حتى ماكانش هنا
فوز : ايوة يا ابنى ، انا فاكرة مراته ، اما روحنا المسجد ، دى صغيرة خالص يا قلبى
عبده بحزن : و ياريتهم سابوها فى حالها يا ست الحاجة
فوز : هم مين يا عبده
عبده : حماتها ، قبل الاربعين كانت مكوشة على كل حاجة ، اتفاجئت بيها معاها عقود بتواريخ قديمة بتقول ان الباشمهندس الله يرحمه باع لامه كل اللى وراه و اللى قدامه ، و لولا ان الفيلا كان الله يرحمه كاتبها باسم الست هادية ، كانت كمان رمتها فى الشارع هى و بنتها
منعم باستنكار : لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم ، هو لسه فى ناس بتعمل كده
عبده : و اكتر من كده كمان يا ابنى ، انت بس عشان طيب و ابن حلال ، فاهم ان كل الناس زيك
فوز : طب و هى عايشة ازاى دلوقتى يا عم عبده
عبده : و الله يا ست الحاجة ، ماحدش يعرف عنها حاجة ، هى من بعد اللى حصل قفلت بابها عليها هى و بنتها الصغيرة ، و ربنا اللى يعلم بحالها ، انما انت بتسأل عليها ليه يا ابنى ، هو حصل حاجة ، و اللا وصل لك حاجة عن اهل جوزها
منعم : ابدا يا عم عبده ، بس بنتها عندنا فى المدرسة و لفت نظرى انها تبقى جارتنا
عبده : يا ولداه يا ولاد ، اهى بنتها دى اللى قطعت قلب الواحد ، بنت يا سبحان الله ربنا يحميها لامها .. مليحة و هى مليحة
منعم بابتسامة : اسمها غريب اوى ، مش كده
عبده : و الله يا ابنى الظاهر ان عيشتهم كلها هتبقى غريبة
فوز : ليه بس يا عبده ، ان شاء الله ربنا يصلح لهم الاحوال و يعوضهم خير عن كل اللى حصل
عبده : على الله يا ستنا ، تؤمرونى باى شئ تانى
منعم : بعد اذنك لو عرفت عنهم اى حاجة تبلغنى فورا
و لما منعم لقى عبده بيبص له باستغراب كمل كلامه و قال : عشان لو حد حب يتعرض لهم يلاقوا حد جنبهم ، الجيران لبعضها و اللا ايه
عبده لابتسامة : كده و نص يا ابنى ربنا يديك على اد نيتك
بعد ما عبده سابهم ورجع مكانه على الكرسى بتاعه قدام البوابة ، فوز بصت لمنعم اللى لاحظت عليه الشرود و قالت له : ايه اللى فى بالك يا ابنى
منعم : اللى فى بالى ان الام اللى ربت بنتها على عزة النفس دى و فى السن ده ، مش هيبقى سهل ابدا ان الواحد يقدر يعرض عليها المساعدة
فوز : ممكن تساعدها بطريقة ماتجرحش
منعم بفضول : طب ياريت ، دلينى عليها
فوز : ممكن مثلا تعرض عليها شغل عندنا ، و احنا المرتبات عندنا معقولة اوى ، هتقدر تعيش و تصرف على نفسها و على بنتها ، و تقسط لها المصاريف زيها زى كل اللى بيشتغلوا معانا
منعم : ايوة يا امى ، بس انا ماعرفش هى بتشتغل و اللا لا اصلا ، و لا حتى اعرف مؤهلاتها ، ثم ماينفعش اقول لها تعالى اشتغلى كده من غير اى سابق معرفة
فوز ضحكت جامد و قالت : انت شكلك جعت اوى و عشان كده مانتش عارف تفكر و لا تشغل دماغك
منعم : تفتكرى .. و الله ممكن ، طب ياللا نتغدا ، يمكن اعرف اوصل لحاجة بعد ما املى التانك
و على الغدا .. تقول فوز : ايه رأيك
منعم : حلو اوى تسلم ايديهم
فوز بضحك : رأيك فى اللى هقوله مش فى الاكل
منعم بابتسامة : ااااه ، سمعينى
فوز : ممكن تخلى عاليا تدردش معاها ، و تعرف ظروفها و مؤهلها ، و مهما كان المؤهل بتاعها تقول لها ان المدرسة محتاجة حد بالمؤهل ده
منعم : هو اقتراح لطيف ، بس مش حابب ادخل حد فى الحكاية يا امى ، ااه انا عارف ان عاليا محترمة و مهذبة .. لكن ماحدش ضامن الدنيا ممكن تمشى ازاى بعد كده
فوز : طب ايه رأيك .. خليها تسألها من غير ماتقوللها على الشغل ، و لما تحكيلك على اللى دار بينهم اعمل انها صدفة لانك كنت بتدور على حد من مؤهلها و كنت بتفكر تنزل اعلان
منعم و هو يوازن الامر : هى فكرة ، و عموما من هنا للصبح ان شاء الله ربنا يعدلها
فوز : اوى يا ابنى ، و طالما نيتك خير ، ربك هييسرها ان شاء الله
………………………..
بمنزل هادية ، كانت الفيلا اكتر من راقية بالوانها و ديكوراتها و نضيفة جدا ، لكن كان معظم اركانها فاضية من غير فرش ، بعد ما هادية اضطرت انها تبيع جزء كبير من مقتنياتها عشان تقدر تدبر مصاريفها هى و مليحة ، و كانوا قاعدين بياكلوا فى المطبخ وسط هزار مليحة وضحكها مع مامتها اللى كانت بتقول لها : نخلص طبقنا كله يا مليحة الملاح عشان تبقى شطورة
مليحة : النهاردة بالذات هخلص اكلى كله … دى ملوخية مش اى كلام
هادية : ماشى بس كلى الفراخ بتاعتك كلها
مليحة : طب و انتى برضة مش هتاكلى فراخ
هادية : مانا قلتلك يا حبيبتى سنانى بتوجعنى و مابعرفش امضغها كويس
كلى انتى ياللا عشان تعملى الواجب بتاعك ، قبل ما اسيبك و انزل تانى ، عندى انترفيو هروح اعمله و ارجع لك هوا
مليحة : حاضر ، بس عاوزاكى تساعدينى فى واجب العربى
هادية بضحك : يعنى كل الولاد عاوزين مساعدة فى الانحليزى و الماس و انتى عاوزة مساعدة فى العربى ، ده حتى عيب عليكى
مليحة بامتعاض : مش بعرف اكتب الحروف مشبكة ، فيها ايه يعنى لو كتبناهم مفرطين زى الانجليزى و الارقام
هادية بضحك : انتى هتخترعيلنا لغة و طريقة كتابة لوحدك
مليحة بمرح : هو يعنى عشان قصيرة مايسمعوش كلامى
هادية بحب : بكرة تكبرى و تطولى و تبقى احسن حد فى الدنيا دى كلها
مليحة : طب بعد بكرة الجمعة .. هنروح نصلى الجمعة فين
هادية : عاوزة تروحى فين
مليحة : زى ما انتى عاوزة ، المهم بعد الصلاة نروح نسلم على ريكس احسن وحشنى اوى يا ماما
هادية و هى تحاول مداراة حزنها : معلش يا مليحة .. ممكن نأجلها شوية عشان طنط داليا مسافرة ، لما ترجع ان شاء الله من السفر ابقى اخدك و نروح نزورها اتفقنا
مليحة بزعل : طب هى اخدت معاها ريكس و اللا سايباه لوحده
هادية : حبيبتى ما اقدرش اسألها عن حاجة زى دى .. عيب ، حبيبتى ادعيلى انى الاقى شغل كويس و اوعدك انى ارجعلك الكلب بتاعك من تانى
مليحة برضوخ : خلاص يا ماما مش مشكلة
هادية : طب ايه رأيك ، نصلى الجمعة فى المسجد اللى على اول الشارع بتاعنا ، و بعد الصلاة نرجع على هنا و ناخد كيتى و نتمشى بيها شوية
مليحة بلهفة : هتمشى جنبنا على الارض
هادية : لأ .. تتوه مننا ، و بعدين تتوسخ من الشارع ، انا هشيلها
مليحة : طب و انا
هادية : خلاص … هبقى اخليكى تشيليها شوية … ها … اتفقنا
مليحة : اتفقنا
……………………….
فى اليوم التالى ، كان منعم بيتصنع انه بيقوم بمروره اليومى ، برغم ان شاغله الاوحد كان تنفيذ نصيحة فوز ، و عند مروره على فصلها ، كانت عاليا بتملى الولاد الصغيرين بعض كلمات اللغة العربية على البورد ، و كان منعم عمال يدور على مليحة وسط الولاد لحد مالقاها و هى قاعدة مركزة جدا و على وشها تكشيرة ممزوجة بامتعاض شديد لحد ما البنت اللى كانت بتتملى رجعت مكانها بعد ما عاليا خلت الولاد كلهم يصقفوا لها ، و فجأة قالت : ياللا يا مليحة
مليحة كشرت وشها وراحت ناحية عاليا و هى بتقول : مش عاوزة كلمة مشبكة
عاليا : احنا مش بقينا شطار و بنعرف نشبك الحروف
مليحة : ايوة ، بس لسه ماما بتساعدنى ، ملينى كلمة مش فيها تشبيك
عاليا بضحك : و اجيبهالك منين بقى دى يا ست مليحة
مليحة : يعنى ممكن اكتب ارز .. مافيهاش تشبيك ، و كمان ممكن اكتب دب ، او اب او ام … شفتى .. فى كلمات كتيرة مش فيها تشبيك اهو
عاليا : طب و نودى الكلمات الكبيرة اللى اخدناها الاسبوع ده فين يا استاذة مليحة
مليحة : طب اقول لك ، ملينى و انا اقوللك الحروف و انتى شبكيهم زى ما ماما بتعمل معايا و اوعدك انى الاسبوع اللى جاى هكتبهملك لوحدى
عاليا : طب هو انتى لسه ما عرفتيش تكتبى و لا كلمة
مليحة بخجل : عرفت اكتب مدرستى و كمان نظيفة
عاليا بتشجيع و هى بتناولها القلم : طب ما انتى شطورة خالص اهو .. ياللا ورينى الشطارة
لتأخذ منها مليحة القلم بحماس و تكتب مدرستى نظيفة
لتصفق لها عاليا بحرارة و هى بتطلب من زمايلها انهم يصقفوالها ، و اثناء ماكانت مليحة راجعة لمكانها بسعادة بنت من البنات بصتلها بتنمر و قالت لها : على طول كده حاجتك ناقصة
مليحة بصت لها و هى متضايقة ، لكن ما علقتش و رجعت قعدت مكانها فى هدوء ، و عاليا بصت للبنت اللى علقت على مليحة و قالت : طب تعالى بقى يا راندا
و ابتدت تكمل شغلها ، لكن منعم قطع عليهم الحصة و دخل و قال : بعد اذنك يا ميس عاليا
عاليا : قيام يا اولاد
منعم و هو بيشاور للولاد باديه : جلوس
عاليا : اهلا يا دكتور
منعم بص للولاد و قال : ها يا اولاد عاملين ايه فى العربى
الولاد بصوت واحد : الحمدلله
منعم : فى حد عنده مشكله فى حاجة
راندا و هى لسه مكانها عند البورد و هى باصة لمليحة بكيد : مليحة بس هى اللى عندها مشكلة
عاليا بحزم : راندا … و بعدين
منعم بص لمليحة بابتسامة و قال : و ايه المشكلة اللى عندك يا مليحة
مليحة بصت فى الارض بخجل و مارديتش ، فمنعم قرب من الديسك بتاعها و هو محتفظ بابتسامته على وشه لحد ما وصل عندها و مد ايده رفع وش مليحة ليه و قاللها : كلنا و احنا صغيرين كان بيبقى عندنا مشاكل ، و شوية شوية حلناها ، يعنى مثلا انا … لما كنت صغير ماكنتش بعرف اشبك حروف العربى
مليحة بذهول : بجد
منعم : ايوة بجد .. عادى ، بس اتحديت نفسى لحد ما بقيت اشطر واحد فى الفصل بتاعى
مليحة : انا مامتى بتساعدنى ، و بعرف ، بس مش كل الكلام
ليميل منعم على اذنيها ليقول لها بهمس : و لا يهمك ، انا هقول لك على طريقة سحرية تعرفى تشبكى بيها الحروف فى بعضها ، بس اوعى تقولى عليها لحد
مليحة بفضول الاطفال : ايه هى
منعم : فى البريك الكبير خلى ميس عاليا تجيبك عندى المكتب و انا هقول لك عليه … اتفقنا
مليحة ببهجة : اتفقنا
ليعود منعم الى الخارج و هو بيحيى عاليا و بيأكد عليها انها توديله مليحة وقت البريك
و فى وقت البريك ، عاليا فعلا تاخد مليحة توديها لمكتب منعم اللى طلب منها تسيبله البنت و هو هيرجعها الفصل بتاعها ، و خلى مليحة قعدت قدامه و هى منتظراه يوريها الطريقة السحرية اللى قاللها عليها ، فمنعم قعد قدامها و قاللها : لما كان ريكس لسه موجود معاكى و كنتى بتاخديه تخرجيه .. كنتى بتسيبيه يمشى لوحده و اللا كنتى بتلبسيه سلسلة
مليحة : ساعات و ساعات
منعم : طب ايه رأيك احنا كمان نربط الحروف بسلسلة عشان نشبكها مع بعضها زى ماكنا بنشبك ريكس فى السلسلة عشان مايجريش مننا
مليحة باستغراب : و هى الحروف بتجرى
منعم ضحك و قال لها : ما احنا لو ماشبكناش الحروف فى بعض هتضيع مننا و مش هنعرف نقراها ، فاحنا احسن حاجة نعملها اننا نمسكهم ببعض بسلسلة عشان مايهربوش مننا و نقعد بقى نجرى وراهم و مانعرفش الكلام من بعضه
مليحة و كأنها جوة فيلم رسوم متحركة : و يهربوا مننا و يستخبوا
منعم : ايوة ، دول كانوا بيجننونى و انا صغير
مليحة فضول : و عملت ايه
منعم و هو بيحط قدامة بورد متحرك : تعالى اوريكى
و ابتدى يعلمها ازاى تشبك الحروف فى بعضها بطريقة مرحة بعيدة تماما عن الروتين و التعقيد ، لحد ما سمعوا الجرس فقال لها : ايه رأيك بقى ، كل يوم تجيلى فى البريك الكبير و انا اوريكى بقية الطريقة السحرية بتاعة بقية الحروف
مليحة و هى بتغمز له بشقاوة : تقصد السلسلة
منعم : ايوة … ها .. اتفقنا
مليحة و هى بتجرى ناحية الباب : اتفقنا .. ياللا باى
منعم و ابتسامة جميلة على وشه و عينيه : باى يا حبيبتى
………………..
وقت المروح ، منعم راح وقف فى نفس المكان بتاع امبارح ، لكن اول ما لمح مليحة و هى رايحة ناحية البوابة ، قرب هو كمان من البوابة لحد ما لمح هادية واقفة مستنياها ، و لما الحارس نده لمليحة و قال لها ياللا .. و مليحة راحت لمامتها ، و اثناء ماكانوا بيسلموا على بعض ، منعم خرج ناحية برة و نده على مليحة و قال : ايه يا مليحة .. خدتى السلسلة معاكى و اللا سيبتيها
مليحة التفتت له و ضحكت و قالت له بمرح و هى بتحط ايدها على جيبها : اخدتها فى جيبى
منعم بمرح مماثل : اوعى بس تقع منك
مليحة بمشاغبة : لا ماتخافش ربطتها كويس
منعم قرب من هادية و قال لها بود : مساء الخير
هادية : اهلا و سهلا بحضرتك .. مساء النور
منعم : انا ابقى …
هادية : حضرتك غنى عن التعريف يا دكتور
منعم بابتسامة : اشكرك ، انا الحقيقة كنت عاوز احييكى على مليحة ، ربنا يخليهالك ، قدرتى تعلميها كرم الاخلاق و هى فى سنها الصغير ده
هادية : متشكرة جدا يا افندم ، بس هو ايه حكاية السلسلة اللى بتتكلموا عنها دى
منعم بابتسامة : انا هسيب مليحة تحكيلك بنفسها ، بس اكيد حضرتك متخصصة فى التعامل مع الاطفال ، بما انك قدرتى تزرعى فيها كل السلوكيات العظيمة دى فى السن ده
هادية بسعادة : انا متشكرة جدا لحضرتك ، بس هى ايه الحكاية
منعم بنحنحة : و لا حكاية و لا حاجة ، بس … ااه ، كنا عاوزبن نعمل الطالب المثالى و الحقيقة كل المسئولين عن المدرسة رشحولى مليحة ، و قالولى فيها اشعار
هادية حضنت مليحة بسعادة و باستها و قالت : انا متشكرة اوى ، انا كمان فخورة بيها
منعم : حضرتك ماقولتيليش ، انتى دارسة التعامل مع الاطفال
هادية : الحقيقة لا ، انا خريجة اقتصاد منزلى
منعم و هو يتصنع المفاجأة : مش معقوووول ، ده انتى ربنا بعتك ليا من السما
هادية : خير
منعم بتفكير : خير .. كل خير ان شاء الله ، كل الحكاية ان … ااه .. كنت عاوز مدرسة اقتصاد منزلى فى المدرسة تساعد ميس نادية و كنت بفكر اعمل اعلان بس مش عارف الحقيقة ايه المكان المناسب اللى ممكن احط فيه الاعلان و مش عاوز احطه فى الجرايد .. انتى ايه رأيك .. ممكن انزله فين
هادية بتردد : الحقيقة ما عنديش خلفية
منعم : طب ماعندكيش حد من زمايلك عاوز يشتغل ، او حتى حضرتك مالكيش رغبة تشتغلى
هادية و هى بتحاول تبان عادية : حضرتك بتتكلم جد ، يعنى لو انا قدمت على الوظيفة دى ممكن اتقبل
منعم : هو حضرتك دفعة كام
هادية : انا متخرجة من سبع سنين
منعم بحماس : عز الطلب
هادية : بس انا ماعنديش شهادات خبرة
منعم : الحقيقة انا مش طالب خبرة اد ما انا طالب حد محترم ويعرف يتعامل مع الولاد ، و كمان الشغل فى المدرسة ، فى مميزات تانية ممكن مليحة تستفيد بيها .. زى زمايلها اللى حد من اهلهم بيشتغل معانا
هادية بفضول : مميزات زى ايه
منعم : المصاريف مثلا بيبقى فيها تخفيض و بتتقسط ، و الباص كمان ، و كمان المرتبات عندنا مجزية جدا … ها .. ايه رأيك .. نقول مبروك
هادية كانت حاسة ان قلبها هيقف من السعادة فضمت مليحة بفرحة و هى بتقول : مبروووك
منعم : يبقى ان شاء الله من يوم الحد الصبح تشرفينى فى مكتبى عشان تمضى العقد
أنت تقرأ
مليحة
Mystery / Thrillerرجعتلكم من تانى و زى ما وعدتكم .. بعد ما بقى عندى رصيد مش بطال من البارتات عشان ما افصلش منكم فى النص رجعتلكم تانى بروايتى الجديدة مليحة اللى بتمنى انها تنال استحسانكم ان شاء الله بداية من يوم السبت القادم فى معادنا الساعة 9 مساءا ، بس بالله عليكم...