مرت أيام و سنين و شهور و أسابيع فالتقيت الشمس و سألتني من أنا؟ ففكرت و بقيت حائرة في سؤالها هذا فقلت لها : أنا تلك الطفلة القلقة السوداء . فاستغربت مني و كان جوابي لاستغرابها " أنا صمت البشر المخوف، أسكت وجودي بالهدوء و قنعت قلبي بالمشاكل و الحروب، و بقيت ماكثة هنا " فذهبت الشمس لتتكلم مع القرون قائلتا:" هذه الطفلة من تكون؟"فلم تجد القرون الجواب ، فذهبت لتسأل الريح "من هذه الطفلة؟" فأجابت الريح:" هي روحي الباكية التي أزعجها الزمان، تمشي وتسير و تمر و لا تبقى، مثلي تماما". فذهبت الريح لتسأل العمر :" هي مثلي تخاف منها العصور و تعطي لها الحياة و الروح ٫ وهي تخلق الماضي الجديد خاليا من الحقد و الوغيد يكون يومه جديد" ,فجاء العمر ليسأل الجسم قائلا:" من هي ؟" فأجابه الجسم : " هي مثلي حيرانة تمشي في أرض بدايتها حزن و نهايتها ظلم، فلا شيء يمنحها السلام".
فيا سبحان الله نحن كلنا مساكين إذا طرحنا السؤال فما هو الجواب ؟ و إذا ذهبنا الى الجواب يكون قد ذاب و ذهب و لم يعد .
فأنا الانسانية كلها، و لكن ليس بأكملها ، فأنا محكومتها و لست بحاكمتها ، أنا مظلومتها و لست بظالمتها ، و أنا مهدومتها و لست بهادمتها ، انا قويتها و لست بضعيفتها ، أنا رفيعتها و لست بخسيستها. و لكن كيف أقنع الجميع بكلمة " من أنا ؟" كيف أجعلهم يشاركونني في شخصيتي هذه؟ و لكن هذا لا يهمني ان اعجبتكم شخصيتي ام لا . فإذا لم تعجبهم فأقول لهم أنا كائنت من كنت ، لا مهرب لي منكم ، و لا لكم مني ، انا و انتم كلانا الانسانية بأسرها، فلولا الذين سبقونا لما كنا، و لولانا لما كان في بطون الامهات انسان.أفي قلب جاركم سعادة؟ فاشتركوا معه في سعادته.
أنت تقرأ
من أنا؟
General Fictionهيأ الله الانسان لأمر عظيم، و أعده لخطب جسيم، ادخر له مالا عين رأت و لا أذن سمعت و لاخطر على قلب بشر من النعيم المقيم. و لهذا وضعت هذا الكتاب ووضعت طرق الاصلاح بين الانسان و اخيه و بين روحه و نفسه ، و اذا تم عقد الصلح بين هؤلاء سهل على العبد محاربة...