3

33 3 2
                                    

هذا ظلم يا إخوتي أليس كذلك؟أناس يتمتعون باللحم و شعوب تكدد العظم، أناس يستمحون بالشامبو و الماء الدافئ و شعوب تسبح في دم غارق . أناس على الارائك مرتاحة ، وشعوب تجري وراءها الاشباح. و لكن أين المفر؟ لأن وطننا قيامة .
صحيح انا طفلة لم أسلّح لكي أحارب سماء نفسي و لكني رفعت القلم بخط حبره و إذا كتب القلم زادت النار توهجا و مشي الألم في عروق العضام و تتكسّر الاجفان التي هي مغطاة بالألوان.فيا إنسان ثم وخذ حقّك و استيقظ لقد حان الاوان.
أنا الطفلة التي يقال عنها محبّة و عاشقة ولهانة فأنا إذا كنت أتصف بذلك فإذا أصلي الصفاء. فلو بيدي فلو أستطيع أن أقلب هذا الكوكب ياليت لو جاء بيدي لكي أملاءه ببذور الحب ، فتنتشر بكل الدنيا أشجار الحب ويصير هذا الاخير هو الدنيا و الدرب . سأحمي هذا الكوكب من الدمار ، سارفع عنه ستار الحرب، و أبعد عنه كل شرور الارض ، و اقتلع نبات البغض من الجذور ، و أن أقطع رأس الثعلب، و أرميه الى أبعد كوكب . سوف أغسلكم لكل من غدرني بماء صاف كإخوة يوسف لأطهر أعماق الاخوة سأمسح عن كل هذا الكوكب آثار و بقعات الفقر، وأهنئه من القهر، سأقتل الظلم ، و أشرب في هذا الكوكب أنهار الدم،سأرفع المشقة عن الانسان المتعب، و لكن ما بيدي حيلة...... أرى الظلم بعيني ولن أتزحزح لأن أقلام الكتّاب العرب تترد وعلى ألسنتهم خطبائهم منذ عهد قريب كلمات الوعي ،اليقظة،النهضة،الحب،الاخوة....و الوعي في معناه الاجتماعي الذي يقصده هؤلاء الكتاب و الخطباء إدراك بعد جهل، و اليقظة في قصدهم تنبه بعد غفلة و النهضة معناها حركة بعد ركود و الحب حركة النفس الفارغة و الاخوة هي أن تقول أنت أخي حركتا وليس فعلا.
فوالله أعترف أن نومي كان ثقيلا و بأن عمر أمراضنا كان طويلا ، ونعرف ان النوم الثقيل لا يصحو صاحبه لابصوت يصح أو بضرب يصك، وقد أصابنا من القوارع ما لو أصاب أهل الكهف لأبطل المعجزة في قصّتهم و مما كانوا به مثلا في الآخرين ، و ما أضلنا إلا المجرمون الذين يدعون بعضهم على الجميع بوسيلة التفريق و يدعون بعضهم الى النجاة بطريقة التغريق ، و الاولون هم رجال الدين الضالون الذين فرقوه الى مذاهب و طوائف ، و الآخرون رجال السياسة الغاشون الذين بدلوا المشرب الواحد فجعلوه مشارب..... فهل هبّة من روح الاسلام على أرواح المسلمين تذهب بهؤلاء و هؤلاء الى حيث ألقت، و تجمع قلوبهم على عقيدة الحق الا إذا أصبح المسلم يلتفت إلى جهاته الاربع فلا يرى إلا أخا يشاركه في الآلام و الامال...فهو في الحقيقة أن يشاركه في العمل. إن الوسائل إلى هذه الغاية كثيرة و أقربها نفعا و أجداها أثرا أن تربى الأحداث من الصبا على غير ما ربّانا أبائنا و أن نحجب عليهم نقائصنا فان اطلعوا عليها سميناها باسمها وانها نقائص و أنها سبب هلاكنا.
بمعنى أن روح الاسلام تجمع قلوبنا على عقيدة الحق الواحدة الجامعة على أسس وضعها الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه و سلم يرى فيها المسلم من جميع الجهات أنه له أخا يشاركه في الآلام و الامال.
ولكن كيف صارت أمتنا اليوم ؟

من أنا؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن