صوت عقارب الساعة المتواجدة على حائط الغرفة الباردة،لا تقل برودة عن عينيها التي لا تأبى الأغلاق بعد حادثة الأمس، مالذي يحدث لها؟ إلى متى سيلحق بها هذا الكابوس؟ ولما كان عليها أساساً أن توافق عليه من البداية؟ استقامة بجذعها بعد تقلبات عديدة فاشلة للعودة للنوم، وهاهي تُبعد ستائر النافذة لترى ضوء القمر المفضل على قلبها، رفعت أناملها لتلامس زجاج النافذة القارص،ذلك أشعل القشعريرة فكل سائر جسدها،تأملت قمرها البديع، تحفظه جيدا، تتأمله جيداً،لم تستطع النظر إليه هكذا فقط،ابعدت جسدها عن النافذة قليلاً باحثة عن صندوقها، أخرجته من أسفل السرير آخذةً آلة الكمان من داخله، فتحت الستائر بشكل أوسع ووقفت أمام الشباك، اخذت نظرة أخيرة إلى القمر ثم وضعت الكمان فوق كتفها، وبيدها الأخرى بدأت تحركها للعزف عليه بكل انسجام، إن كان للبشر طرق للتعبير عن مشاعرهم المتلخبطة كالرسم، أو الغناء،الصراخ أو الحديث، فالعازفون لهم طريقة أيضا،اذا لماذا تستذكرون أموراً سعيدة و أخرى حزينة عند سماع بعض المعزوفات؟ أو اعتقدتم أنها بسبب طرب اذانكم للأيقاع فقط؟ اعزائي..هذه لغة الموسيقار،تلك مشاعره وقصصه المخفية وراء تلك النغمات، لغة لا يفقها البشر ،هذا ما جعل هيذر تخرج كل ما هب و دب من آلام فظيعة شعرت بها سابقا وبدأت بالعزف، اخراج مشاعرها على طريق العزف هو افضل شيء قد تفعله، ف نغماتها منتظمة وساحرة، تعجب تذهل و تأسر كل مستمع لها، لم تقبلها اقوى مدرسة للفنون في باريس هبائاً منثورة، انتهت من عزفها لترفع نظرها نحو الشباك مجدداً،لن تكذب عندما رأته يقف أمام شباك غرفته، متكتف اليدين، وشاحب الوجه،اشار على الشباك علامة أن تفتحه، انزلت الكمان من بين يديها ووضعته جانبا،دلفت الغرفة لتحمل وشاحها الرمادي وغطت كتفيها و رقبتها جيداً، دفعت الشباك برفق لتفتحه، نفحة الهواء القارسة دغدغت وجهها ملاعبة شعرها بطريقة جعلتها تبتسم من لا سبب، ابتسم على من تقف مقابله ليفتح شباكه هو الآخر ،لا شيء سواهما في هذا الزقاق، من نافذة إلى نافذة يتبادلون النظرات تحت ضوء القمر، بالرغم من أنه أراد البقاء طويلا في تأمل سماويتها، التي بدأ بؤبؤ عينيها يتسع بسبب الظلمة هناك، الا أنه كسر الصمت بقوله
"لو كنت اعلم انك تتألمين هكذا لكنت اتيتك كل يوم لتبادل الاحدايث عزيزتي"
لوهلة تصنمت ولم تفهم ما يرمي له
"ما الذي تقصده بكلامك؟"
ابتسم وآمال بجسده قليلا نحو الشباك
"ماذا هيذر؟ لسنا عازفين عبث أليس كذلك؟"
أطرافها بردت وكأن الدم توقف عن الجيران بجسدها، لا احد يعلم حيلتها في العزف..لا احد حقاً سوا..
"كيف..؟"
اغلق نافذته بعد أن جعلها تغرق بحيرتها ورفع حاجبه بشكل سريع ثم عاد إلى شقته،اغلقت هيذر شباكها و عينيها تأبى الأنغلاق، واقفة بذهول، أعطت ظهرها للنافذة ثم جلست على الأرض
"تاي؟..أيعقل أن يكون؟..مهلا أيعقل أن يكون هو !!!"
لم تستطع أن تنتظر اكثر فخرجت بثياب نومها الرقيقة مع حذائها التي ارتدته بطريقة عشوائية، صعدت السلالم بسرعة وهي تردد كلمة "ايعقل"، وصلت نحو باب منزله لتبدأ بالتخبيط عليه بقوة
"تاي !! افتح الباب بسرعة !! كيم تايهيونغ !!!"
كانت سرعتها هائلة والوقت متأخر للغاية، فما هي إلا ثوانن حتى شعرت بيد تشد بها بقوة وتقفل الباب بسرعة حتى لا يعتقد الجيران أن سكيرة موجودة فالجوار فيتصلون بالشرطة بحكم ازعاجهم، جسدها يعلو و يهبط بسرعة هائلة وبمقابلها قطعة الجليد ذاك،الذي لا ترتسم بمحياه سوا تلك الابتسامة الهادئة
"مجنونة"
ابتعد عنها لتمسك بيده من جديد
"كيف علمت بها تاي ؟"
نظر إليها بطرف عينه فيرى علامة الجدية التي اكتسحت تلك الفتاة، يجزم أن نظراتها تلك قد تدفنه حياً بحق
"لا شيء بالمجان آنستي"
نبس بنبرة لعوبة فأبعدت يدها بخوف،ووضعت يديها بين كتفيها ليضحك الآخر على تفكيرها
"بربك هيذر !! هكذا ترينني؟"
اقتربت من الباب لتمسك بمقبض الباب هامةً بالخروج، فمهما حدث لها يستحيل أن تثق مرة أخرى برجل واحد، يكفيها والدها الذي اباد معنى الرجولة بقاموس حياتها !!
"حوارنا لم ينتهي لعلمك فقط"
ادارت بمقبض الباب لتعود إلى شقتها وقبل مغادرتها نبس الآخر
"ابحث عنه أيضا..لست وحدك"
انقبض قلبها بقوة، فأغلقت عينيها بهدوء عكس ضجيج ما بداخلها..لقد وجدته أخيراً
-يتبع-
#625 يارب اكمل بتنزيلها لأن صراحة حابة الرواية
أنت تقرأ
زُقَاقْ المّوُسِّيقْىَ [متوقفة حتى اشعار آخر]
Short Story-ِ:لِمَا تَعْزِفُ هُنا؟ -:ِلأُعِيدَ لِهذا الزُقَاقُ حَياتِهِْ •كيم تايهيونغ♪°• •هِيذر♪°•