دوما على حق!

12 2 7
                                    

كنت أراقب السماء السوداء متذكرا بعضا من طفولتي، فحتى و إن كانت أرضا مختلفة عن مسقط رأسي إلا أنها نفس السماء، و نفس المنظر

كل رفاقي من الكتيبة يستريحون بعد يوم عمل طويل، فالأوغاد الذين يزعمون أن هذا موطنهم و أن القدس حقهم عنيدون بشكل غير متوقع، لدرجة أن توجيهنا الرصاص في وجوههم لا يخيفهم، حتى و إن كان الإنجيل يؤكد أن هذه أرضهم، حتى و إن كان التاريخ لا يشير لأثر أجدادنا هنا، حتى و إن كنت غير متأكد مما أفعله، فأسرائيل على حق! هذا ما تعلمته
....
اخبروني أن عمل الغد سيكون في جنين، ستكون فرصة جيدة للإطاحة بالمزيد منهم، واضح أن الغلبة ستكون لجيش قوي مثلنا فمن ضدنا ليسوا سوا مواطنين، تساءلت هل تلك المواجهة عادلة أساسا لكن قطعت أفكاري سريعا فإسرائيل دوما على حق!

....

أذكر أنني كنت اتربص من بعيد أبحث عن هدف جيد، حين رأيتهما يرتديان تلك السترة الزرقاء المعروفة، انهما صحفيان!
رأيت فيهما هدفا سهلا، لا يحملان السلاح بل مجرد ميكروفونات يحكيان فيها الأحداث الحاصلة، لقد كانا مجرد عاملين يحكيان الصدق فقط، انه خطؤهما أنهما صادقان فعلى اسرائيل أن تظل دوما محقة!

تجهزت لإطلاق الرصاص، هدف ثابت استعدت لإسقاطه أرضا، تخيلت الضجيج الذي سيحصل بعدها، و تخيلت ردود فعل الدول الداعمة و المعادية لنا، ستكون جلبة كبيرة، و خسارة كبيرة لفلسطين، ارتعشت يداي للحظة و أنا أسأل نفسي هل ما أفعله هو الصواب، لكنني ثبتها من جديد كما ثبت أفكاري، إن ما أفعله صحيح أي شيء من أجل إسرائيل هو الصواب

الأولى في ظهره و الثانية اخترقت رأسها، رصاصتان خرجتا من عندي بكل فخر وطني، سمعت بعدها الكثير من الصراخ، اذن اسم تلك السيدة شيرين، ذكرتني دموع رفاقها يوم بكيت على صديق قديم لما مات، كنت وقتها ضعيفا جدا، و خائفا جدا، أصب كل كراهيتي عليهم
هل هم أيضا يحسون كما أحسست؟ هل هم يروننا قتلة كما نظرت إليهم؟ هل مشاعرهم صحيحة؟ لكن من يهتم، لقد قالت إسرائيل أننا الصالحون و هم الطالحون و إسرائيل دوما على حق

ليلتها جاء لي زميلي غاضبا و لكمني في وجهي قائلا: "أي غباء أن تقتل صحفية و تستهدف آخر، ألم تفكر أن هذا سيكون وصمة عار لدولتنا المجيدة، ألم تفكر أنهم سيتهموننا حينها بالعنف؟"
ياله من مسكين، لا بد أنه لا يسمع الحقائق جيدا. أجبته "من قال أن قواتنا هي التي أطلقت عليها الرصاص، إنهم مجموعة من المقاومين قاموا بذلك و أخطؤوا في الهدف ليصيبوا صحفيتهم"

كان ينظر إلي محتارا حين سأل: "أي ثقة لترد بهذا الأسلوب؟ أتنكر عملك؟"

رددت:" ألم تسمع رد قادتنا في الإعلام، لقد قالوا أننا لم نفعلها، أنا لم أفعلها هذا ما قالوه، و إسرائيل دوما على حق"

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 11, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ترمس متناثرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن