خفايا العالم الموازي (ملحمة من العالم الثاني )

الفصل الثاني

اذا كان الماضي لا يزال يلاحقنا باستمرار فلماذا نسميه ماضٍ؟ و ماذا يبتغي منا؟ مسرحية الماضي التي دُفنت في زاوية ما من العقل تم إحياءها و بكى الجمهور من جديد.. فيحترق العقل لكثرة تدفق الأفكار و تتمزق الروح ألما لهذه المسرحية.. فهكذا تكون زيارة الماضي مؤلمة موجعة بحق.

_جوني.. جوني هل أنت بخير؟
(جوني بعينين مغمضتين ) : ماذا حدث لماذا أنا هنا؟

_ "لقد فقدت وعيك بعد مكالمة هاتفية و لا أدري السبب حتى هذه اللحظة."

لم يكد رافاييل يكمل جملته حتى تذكر جوني ما حدث..
_ ماذا أستبقى في شرودك طويلا؟

أمسك جوني برافاييل بذعر قائلا :" الذي كان على الخط.. لم يكن إنسانا!"
_"ماذا؟! جوني فلتهدأ و تريح عقلك ماذا تعني بليس انسانا؟ "
_" لم يظهر اي رقم على شاشة الهاتف و لقد بدى الصوت و كأنه قادم من الجحيم.. حشرجة شيطانية يقشعر لها البدن.. يخبرني بأن الأمر لن ينتهي و سيظل العالم الموازي يلاحق البشر حتى الموت !

_ جوني مالذي تتحدث عنه بحق السماء؟
_ الإنتقام ، العالم الموازي.. هل .. هل نسيت كل شئ؟
_ كلا .. أنا لم أنسى بالطبع و لكن هذا من الماضي جوني.. كل شئ قد انتهى الآن .
_ إنه لم ينتهِ رافاييل و سيظل يلاحقنا للأبد .. هل نسيت موت آرثر؟
_ آه هكذا إذا ! لابد أنك لازلت متأثرا بموت آرثر.

أطلق جوني صرخة عالية ممسكا بطرف قمصان رافاييل:" أنا لست متأثرا أيها الأحمق إن ما أخبرتك به هو ما يحصل فعليا."
_" إتصال من الجن؟! شاشة بلا رقم هاتف؟؟ أي هراء هذا تتوقع مني أن أصدقه! "
_" اللعنة رافاييل أنت تتصرف و كأنها أول مرة تمر علينا حادثة ك هذه! "
_" أنا لا أتصرف هكذا أيها الأبله.. كل ما حصل في الماضي بقيَ في الماضي انت تتوهم لا أكثر. "
_" حسنا لا يهمني تصديقك من عدمه.. ربما لن تصدقني الآن فحسب لكن حين تتطور الأمور ستجد نفسك مقتنعا بكلامي. "

شتم رافاييل تحت أنفاسه مغادرا غرفة المعيشة..
كان نقاشه الحاد مع جوني قد سمم الأجواء فقرر أن يبقى بمفرده بعض الوقت .. قبل أن تكون الساعة الحادية عشرة مساءا و وجب عليه الخلود الى النوم ليذهب باكرا للعمل.
لقد دفن رافاييل تلك الحادثة و لم يعد يرغب حتى في ذكر ما جرى فبعد ما حدث كان عليه و جوني أن يغادرا تلك المدينة اللعينة و قررا منذ تلك اللحظة أن يعيشا حياة طبيعية و أن يبتعدا عن كل ما يتعلق بالجن و الشياطين و لكنه يُصدم هذه المرة و يشعر بأن هنالك أحداثا جذرية في طريقها ستغيير حياتهما من جديد.. أو بالأحرى تدمرها.
لكن لما كل هذا العذاب؟ أيعقل أن يكون أحيانا أن يكون أقصى ما يتمناه الإنسان هو حياة طبيعية؟ إنها إحدى تلك اللحظات التي تكتشف فيها أسرار العالم و كم أنك كنت تجهل الكثير من الخفايا و ...

_ رافاييل! رافاييل إسمعني رجاءا لقد انتفض قلبي لتو لما حدث أشعر و كأن الدم يتجمد في عروقي .. لقد لقد أعاد الإتصال نفسه مجددا و ..

قاطع رافاييل الإتصال قائلا :" إسمع أيها اللعين إياك أن تكرر الاتصال بي لتخبرني بهذا الهراء مجددا خاصة و أنا في العمل ليس لدي وقت لهذيانك. "

لم ينتظر رافاييل ردا من جوني بل قطع الاتصال مباشرة دون تفكير..

ثم ل لحظة شعر و كأن قدميه لم تعودا تحملانه فأخذ قسطا من الراحة.. انه منهك من العمل بالفعل و لكن ما يحصل مع جوني هو مازاد من ارتباكه.. دعكم من فرضية واقعية ما يحصل مع جوني بالفعل و لكن عقله رفض تصديقها أ لكونه رافضا لإعادة ذلك الكابوس؟ أو لكون أنه إعتبره هراء بحق؟ بالطبع الاحتمال الأول هو الأصح ف ل لحظة أخذ نفسا عميقا و كأن يحاول تنظيم أفكاره ثم بدأ عقله بنفض الغبار عن ذاكرة تم دفنها في ركن مظلم و لكن هاهي تظهر الآن .. لم يتحرك ساكنه لشيئ غير موت آرثر.. بالطبع كيف لا تتحرك تلك البركة الراكدة من العواطف أمام هذا الحدث المؤلم. الاشتياق للموتى موجع بحق فهو الادراك بأنه الرحيل الأبدي.