شروقہا ☀︎ !

312 29 31
                                    

اتفقتُ مع نفسِي هذه الليلةَ الّا أنام ، بل سأسمر حتّى تطلّ الشمس وأرى كيف ذلك الشعور ، ولأن جدّي سمحَ لي باستعمالِ العليّة فلقد خططت لذلك ! .
سخّنتُ ليَ بعضَ الحليب ، وأخرجت بضعًا من حبّات البسكويت الذي احضرته معيَ من المدينة ، وجلستُ بجانبِ النافذة لأدعَ عينيّ تسرحُ وتلعب في السماء ، ففِي الرّيف أنت ترَى السماءَ الحقيقيّة لا سماءَ المدينةِ المزيّف .
اتسائل دائِمًا : لمَ جدّي يفضّل الرّيفَ على المدينة ؟
فيجيب عقلي : لأنه ببساطة ولدَ فيهَا ! .
لكنّ قلبِي كان يقولُ غيرَ ذلك ؛ هذه القرية في الرّيفِ بالذّات ، وأصدقكمُ القول ، أجدُ هنا ما لا أجدُهُ في المدينة ! ليس السماء فقط ! ، كل شيءٍ تقريبًا ، حتّى الأناس ؛ بسطاء ، أنقياء ، أقبلْ عليهِم فقط ؛ سيعاملكَ الرجلُ منهم وكأنكَ صديقٌ لهُ منذ وقتٍ طويل . الرّيف لطيف ، لطيفٌ جدًا .
نظرتُ إلى ساعتِي فإذا بنَا قد دخلنا الجزءَ الأخيرَ من الأجزاءِ الثّلاثة للّيل ، فصلّيت ركعتين ثم عدت لما كنتُ عليه ، الانتظار ..
-
كانَ ما كانَ دليلَ بزوغها هو أذان الفجْر , وبعدَ دقيقةٍ أو اثنتين ، بدأ يغطّي لؤلؤ السماءِ ضوءٌ باهت تبعهُ نسمةُ هواءٍ أشبه بالدغدغة ! وكأنّها تدلُّ على شيء ! فنظرتُ إلى الأرض فكانت كما لو أنّها استيقظتْ من سباتٍ عميق ! ثم تنفست ! نعم تنفّست !
وتفتّحتْ عيونُها .
الناس ، النّبات ، الحيوان ، وربمَا أشياءٌ لم أكن أشاهدها ! ، فأمّا الناس فقد خرجوا ليتوضؤا منَ السّاقية ثم مباشرةً إلى المسجد ، أمّا النبات فكانَ ينتظرُها مثلي ؛ ليتغذّا بالطبع ، أقبلَ عصفورٌ فوقفَ على الشجرة وغرّد ، يا ترى ؟ هل ينتظرهَا مِثلِي ؟ نظرَ إليّ العصفور لوهلة وكأنّه قرأ ما أفكّر به ، لكنّه سرعانَ ما طار بعيدًا نحو أصدقائه .
نادانِي جدّي لأداء الصلاة فاستجبت له ثم عدتُ سريعًا ، لقد تأخَّرت تأخَّرَت كثيرًا ! أو أنني مللتُ الانتظار .
بعد مدّة وجيزَة ، أطلّ جزءٌ منهَا باستحياءٍ وهو يقول : هل أشتقتم لِي ؟ ، أجبتها بهدوءِ مستبشِر : نعم لقد اشتقنَا .
مع خروجِها البطيء ، خرج الجميع ؛ فالفلّاحون خرجوا إلى الحقول ، والطيور خرجتْ ، والنبتةُ خرجتْ ؛ كلُّهم خرجوا لأنها جائت ! ☀︎ ، شاهدتُ ببطئ بزوغها الخجول إلى أن قالت : لقد خرجتُ الآن ، ألن تنام ؟ .
كتمتها ضحكةً من تخيلات عقلِي وهممت إلى فراشِي ، لا تخبرُوا جدّي بأنّي سمعتُ ندائَه لكنّي لم أجبه ، لقد كنت أصارع النوم طوالَ تلك الفترة ، والآن جدِّي يريد منّي الذهاب إلى الحقل ! ، لذا استسلمت فقط إلى النّوم .

شروقہا ☀︎ !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن