حاولت قراءة المكتوب فاقتربت قليلًا ونظرت إلى ما تكتبه
كانت تكتب *هل تعتقدين إنك ستهربين مني*
كانت مكتوبة باللغة الإنجليزية
نظرت بفزع وخرجت بسرعة من الغرفة وتمسكت بطرف ملابس حسام وهو يمسك الطالب الهارب
وقولت له بنظرات مرتعبة : ح ح حسام الآلة الكاتبة تعمل وحدها بالداخل
نظر لي حسام باستغراب وألقى نظرة برأسه للداخل وهو يجر الهارب
فرأها ساكنة
- منى هل تتخيلين؟ إنها ساكنة والورقة التي بداخلها فارغة تمامًا
قال ذلك الطالب بخوف : ه ه هناك أطفال بالداخل و و وهناك طفلة نظرت لي
نظرنا لبعضنا أنا وحسام، إنه الشخص الخامس
.
.
.
على نفس طاولتنا ازددنا وأصبحنا خمسة
كنت شادرة لا أستطيع نسيان ما كتبته تلك الآلة، ماذا تقصد؟
قاطع أفكاري زياد عندما نظر لذلك الطالب وطلب منه تعريف نفسه
- أنا أحمد السنة الثالثة من كلية الإعلام
سألته : ما الذي كنت تفعله أمام الكشك المحترق، إنه حتى لا ينتمي لكليتك، إنه بعيد كل البعد عنك.
نظر لنا أحمد بريبة إنه لقائنا الأول ونحن نستجوبه
استشف وليد نظراته لنا وفهمها ثم قال : في البداية أنا وليد، ثم مد يده يسلم عليه وبعد سحبها أشار إلينا : هذا زياد وهذا حسام وهذه الفتاة منى، نحن جميعًا في كلية التجارة في السنة الثالثة مثلك.
نظر لنا أحمد وقال : أنا أكبركم، كنت في كلية التجارة لسنتين، لم أستطع التكيف في السنة الثانية لذلك نقلت نفسي لكلية أخرى
عندما قال أحمد ذلك شعرت بكذبه، هو لم يستطع التكيف، بل هناك شيء حصل حينها جعله يترك كليته
حسام: إذا ما الذي كنت تفعله في تلك الغرفة؟
أحمد : أنتم رأيتم الأطفال أليس كذلك؟
زياد : هل حلمت بهم أيضًا؟
أحمد وهو ينظر بريبة: أيضًا؟ هل حلمتم بهؤلاء الأطفال؟ أقصد ضحكاتهم، سمعتم ضحكاتهم؟
أمائنا جميعًا
نظر أحمد ليديه وهو يشبكهما على الطاولة وهو يكمل : لقد حلمت بهم اليوم ولكن شعرت اليوم أن الحلم مختلف لا أعرف كيف، لكن عندما ذهبت للجامعة كان هناك شيء غريب يدفعني للذهاب لهذا الكشك، سمعت فقط أنه احترق من الطلاب هنا ولكن لماذا ذهبت إليه لا أعلم.
ثم نظر لنا وأكمل : وجدت نفسي أدخل الكشك وافتح تلك الغرفة، لم أكن أعلم أنه يوجد غرفة حتى بالداخل، ولكني فتحتها كأني معتاد عليها وعندما فتحتها رأيت أطفال يجلسون في دائرة
قاطعه وليد: خمس بنات وصبي
حرك أحمد رأسه بالإيجاب وأكمل : دهشت عندما رأيتهم بدون أعين ولكن هناك طفلة منهم نظرت لي وعندما نظرت لي أعينها كانت موجودة
قاطعه وليد مرة أخرى : أي طفلة نظرت لك؟
أحمد : الطفلة ذات الضفائر وكانت ترتدي لباس نوم رمادي.
نظر لنا أحمد يستنجد بعينه لنا أن نصدقه وأنه غير مجنون،
شرح له حسام ما رأيناه أيضًا وأي الأطفال نظر الينا، ثم أخبره استنتاجي عن أننا يجب أن نكون ستة أشخاص، ثم نظر لي وقال: منى، ألن تخبريهم ما رأيتي؟
- أنت لم تصدقني فلماذا أتحدث
- أنا لم أقل أني لم أصدقك، فقط لم أرى ما رأيته
نظر الجميع في فضول نحونا عن محادثتنا التي لم يفهموا منها شيئًا
فأخبرتهم ما رأيت وماذا كتباه تلك الآلة الكاتبة
كتب حسام ذلك في الورقة اللي كتبها منذ أيام
وصمتنا مجددًا، ماذا الآن؟ هل سنراقب مجددًا لنجد الشخص السادس، ماذا سيحصل إن وجدناه؟ ماذا سيخبرنا عم أيمن عندما يكتمل العدد؟
.
.
ظللنا أسبوع لم نلتقي على تلك الطاولة مذ ذلك الحين
تبادلنا أرقامنا مع أحمد إذا حصل أي شيء يتصل بنا، تناوبنا أربعتنا بعد ذلك على تلك الغرفة منا من يحضر المحاضرات ومنا من يراقب
إلى أن جاء هذا اليوم، اليوم الذي ألتقينا سادسنا،
كان وليد هو من يراقب هذه المرة واتصل بنا فجأة وطلب منا التجمع بسرعة لأنه رأى فتاة تدخل الغرفة، تدخل وتخرج تدخل وتخرج، إلى أن دخلت واجتمعنا أمام الغرفة بعدها، كانت الفتاة تنظر للأطفال، ما زالوا موجودين، هي بداخل الغرفة ونحن على الباب، كنت متأكدة أن آخر طفلة متبقية تنظر إليها الآن، نحن لا نستطيع رؤيتها وهي تنظر لها ولكن كأن كل شخص فينا لديه طفل سُلط عليه، نظرت الفتاة بعدها إلى تلك الآلة الكاتبة لكني منعتها بإمساك يديها عندما رأيت الآلة تتحرك من جديد، هذه المرة لم أكن وحدي من رآها تتحرك، بل جميعنا رآيناها عندما دخلوا خلفي، كانت الصمت يعم المكان، لا يوجد أي صوت غير صوت الآلة وهي تكتب تكتب تكتب تكتب، ونحن ننتظر مترقبين ما الذي ستكتبه، فجأة أغلق الباب علينا بقوة، استيفظنا من صمتنا عندما نظرنا للباب المغلق، مهلًا أصبحنا ستة، داخل الغرفة! اكتمل العدد أخيرًا.
عندما أُغلق البلب فزع وليد ناحيته وظل يطرق وهو يحاول فتحه، ساعده زياد وهو يضرب الباب بكتفه وأحمد يحاول فتحه بقدمه، الضوء المتسرب للغرفة بدأ في الاختفاء لحظة بعد لحظة
تمتمت:لماذا دخلنا؟ لماذا لم نذهب لعم أيمن أولًا
كانت الفتاة تبكي بجواري بخوف تريد الخروج بسرعة
حسام كان صامتًا كأنه يكتم خوفه بداخله وهو ينظر لمحاولاتهم لفتح الباب، الآلة الكاتبة ما زالت تكتب وتكتب، إلى أن توقفت فجأة وكأن الكاتب الخيالي انتهى مع انتهاء الورقة، رأينا الورقة تُسحب من الآلة وكأن أحدًا ما سحبها ويضع مكانها أخرى، ويكمل الكتابة
ذهب حسام وأخذ الورقة التي تم الإنتهاء منها، تجمعنا حوله إلا تلك الفتاة نحاول قرأتها، كانت مكتوبة باللغة العربية، بدأت الورقة ب
"في يوم من الأيام كان هناك طفل وحيدًا يلعب مع ألعابه في غرفة حديقة منزله"
فجأة فُتح الباب علينا، كان عم أيمن من فتح الباب كأنه لم يكن مغلقًا أصلًا، عندما دخل النور قليلًا للغرفة وجاء بعض الضوء على الورقة، تحولت الورقة هباءًا منثورًا.
نظرنا جميعًا للورقة التي تحولت لرماد على الأرض ثم نظرنا لعم أيمن الذي ينتظر خروجنا.
كانت الفتاة أول الخارجين من الغرفة وحاولت الهرولة قليلًا، لحقت بها وأمسكت ذراعها : أعتقد أننا يجب علينا التحدث قليلًا.
أماءت الفتاة في هدوء مصطحب بفزع وخوف وكأنها تحاول اصطناع هذا الهدوء.
.
لأول مرة تجمعنا نحن الستة وكان سابعنا عم أيمن الذي جمعنا في بيته الصغير قرب الجامعة، فقد وعدنا بالتحدث إلينا عندما نجتمع نحن الستة،
ذهب عم أيمن ليعد لنا بعض الشاي والقهوة حسب طلبنا، ونظرنا خمستنا للفتاة الجالسة الصامتة منتظرين تحدثها إلينا.
قالت الفتاة بصوت منخفض ورقيق : أنا علياء، في كلية الحقوق السنة الثالثة.
سألتها - هل كنتِ في كلية التجارة قبل ذهابك للحقوق؟
رفعت حاجبيها لأعلى متعجبة: كيف عرفتي؟
- كما توقعت تمامًا
نظر الجميع لي بتعجب
أحمد : ماذا توقعتي يا منى؟
- جميعنا لنا شيء يربطنا، وهي كلية التجارة، جميعنا تعاملنا مع كشك عم أيمن، أو بمعنى أصح نحن عملنا مؤقتًا مع عم أيمن داخل الكشك ورأينا الغرفة، وظننا أنها مجرد غرفة صغيرة يرتاح فيها ويخزن فيها الأوراق لآلة التصوير.
حسام: كيف عرفتي هذا؟
- لقد بحثت في الأمر من الذي عمل مع عم أيمن من الطلاب، لم تكن وظيفة بل كانت مساعدة خفيفة منا له عند تراكم الطلاب عنده.
وليد: لم تخبرينا كيف عرفتي عملنا؟ حسنًا نحن عملنا معه من قبل ولكن أحمد وعلياء ماذا عنهم؟
- عندما ذهب أحمد وتفرقنا ذهبت للمتخرجين المتعينين في الكلية الذين كانوا في دفعته وسألتهم عن الأمر، ما الذي جعله يترك الكلية ويذهب لأخرى
ثم نظرتُ لأحمد
- هل تريد أخبارهم أم أخبرهم أنا؟
أحمد : لا سأخبرهم أنا، لقد كان عم أيمن مشغول جدًا في الكشك كالعادة قرب امتحانات منتصف العام، فقررت المساعدة فقد كان مساعده غائب في ذلك اليوم، وعندما انتهينا قرب المغرب شكرني كثيرًا وقدم لي بعض المال فرفضت لأني لم أكن أهدف للمال، لكنه عرض علي كوب من الشاي وبينما كنا نشرب سويًا شعرت بهواء يتسرب من تحت باب الغرفة بل ورأيت ظل يتحرك ذهابًا وإيابًا يظهر من تحت الباب، وبعدها سمعت صوت طفل صغير يبكي وحيدًا وصوت الآلة الكاتبة تكتب كثيرًا وبسرعة
سألت عم أيمن إذا رأى وسمع ما رأيته وسمعته نفى ذلك وأكمل شايه.
قررت بعدها مساعدته في الأيام التالية وكان نفس الشيء يتكرر عند المغرب،
أنت تقرأ
الغرفة THE ROOM
Horrorغرفة صغيرة مجهولة، داخلها الكثير من الأسرار لم يكتشفها أحد، آلة كاتبة قديمة تحدد مصيرنا، يقع الاختيار علينا لكشف تلك الأسرار وإنقاذ أرواح أولئك الأطفال، ولكن ماذا سيحدث لنا إذا... (رواية قصيرة)