3

3 1 0
                                    


دائما ماسمعت عن مزاجية النساء،                     خاصة تلك القصص التي يحكيها الرجال في مجالسنا عن معاناتهم مع نسائهم، وسأمهم من
وضعهم. مع ذلك لم يكن كل هذا رادعا لي عن تمني وإعداد خطة الحياة الهنيئة من دون مشاكل، لهذا قبل زواجي قرأت الكثير
من الكتب التي تفصل في شخصيات النساء وطرق التعامل معهن واستعددت نفسيا لاحتواء زوجتي في كل حالاتها.
لكن با̒ عليكم لما لم يخبرني أحد عن مزاجية الكاتبات؟
سأحكي لكم عن النزهة التي قمت بها رفقة زوجتي لحديقة الملاهي.
إن السعادة التي يخلقها وجود زوجتي معي لا تضاهيها سعادة، مرحها، لعبها وحركاتها الطفولية التي تزيد من بهجتي وحبوري.
كنا نسير في ساحة كبيرة بين مختلف الألعاب التي جعلت زوجتي حائرة فيما تبدأ به أولا. ظلت متمسكة بذراعي كل الطريق
وكل ما مرت بلعبة ما وتحمست لها ضغطت على ذراعي لتنبهني حتى آلمتني، أعتقد أن قوتها في الضغط نابعة عن مهارتها في
دعك عجين الخبز، لكن لا علينا.
لن أبالغ إن قلت أنها كانت كالنحلة تنتقل من لعبة للعبة بسرعة تكاد خطواتها تشبه النط، تلتفت لي كل مرة ووجهها منشرح
بابتسامة كبيرة تعلوه، مشيرة لي بسبابتها أن أنظر هنا وهنا وهناك، وأنا رغم إعيائي من كثرة المشي إلا أنه لن يضاهي آلام بطني
من كثرة الضحك على تصرفاتها خاصة عندما فتحت فاهها مندهجة وهي ترى الدولاب العملاق وهو يدور فاقتربت مني حتى دنا
وجهها من وجهي وقامت برسم تعبيرات طفل رضيع على وشك البكاء راغبا في مايريد وهي تردد بصوت طفولي "حبيبي أرجوك،
أرجوووك هيا لنصعد هناك"، هاه وكأن خيار الرفض كان واردا فهي ما ان انتهت من كلامها حتى أمسكتني من يدي جارة إياي كي
نسرع خطانا.كانت عند كل مقعد نجلس فيه تخرج هاتفها وتدون بعض العبارات التي لن أجرأ أن أطلب منها إطلاعي عليها لأني أدرك رفضها
مسبقا.
ِرك المياه التي يلعب فيها الأطفال على قوارب صغيرة.  مرت دقيقة فقط
كان كل شيء على مايرام حتى اقتربنا من إحدى ب
حينها فقط بدأت دموع زوجتي في الانهمار، لم يصدر عنها أي صوت سوى سحبها لمخاط أنفها كل مرة. التفتت لها في دهشة "ما
بك ياعزيزتي، ماذا هناك" لم تجبني حتى كررت سؤالي أكثر من مرتين حينها فقط قالت "هذا هو المكان الذي طلب فيه نادر
الزواج من لميس لشدة حبه لها، وهو نفسه المكان الذي طلبت فيه لميس منه الطلاق بعد سنتين من الزواج لأنه عاجز عن
الانجاب" وأكملت في بكائها، لكني أردفت قائلا "لكن يا حبيبتي بعد زواج نادر بمنى ظهر في الأخير أنه لا مشكلة فيه وأن تأخر
الانجاب لم يكن الا قدرا من ا̒ فقط كي يكشف له كم أن عشقه لزوجته أخفى عليه عيوبها الكثيرة خاصة قلة صبرها وعدم
اهتمامها لمشاعره و...." حينها قاطعنتني "لماذا لا تفهم يا سامي لقد عانى كثيرا"، "المهم أن النهاية كانت سعيدة ياحلوتي"، "أنت
لا تفهمني مطلقا ولا تشعر بمعناة من حولك".
هناك فقط تفوهت بعبارة عضضت ورائها أصابعي ندما وذلك حينما أجبتها بتهكم "هاه وفي الأخير ماهؤلاء إلا شخصيات من
وهم خيالك يا حياتي"، لم أكن وقتها أدرك أن هذه العبارة كانت كرصاصة اخترقت فؤادها، وفي رمشة عين توقفت دموعها
واكتست ملامحها نظرة جادة مخيفة يملؤها الغضب، آثرت حينها الصمت، نعم يا سادة لأكثر من عشرين دقيقة وأنا أحاول معها
كي تتكلم، اعتذرت لها ولم تتكلم، حاولت خلق مواضيع معها ولم ينجح الأمر.
لكن حمدا ̒ في الأخير تفطنت لحيلة لإرضائها أعلم أنها لن تقاومها. غافلتها حين شرودها في التدوين على هاتفها وذهبت لعربة
بيع غزل البنات واشتريت اثنتين من الحجم العملاق. نزعت جزئا كبيرا من خاصتي. ووضعته كشارب وناديت زوجتي بصوت
رخيم يشبه شخصيات الكرتون "تفضلي أيتها الأميرة الصغيرة هذه الحلوى خصيصا لك هو هو هوو" حينها التفتت بغير تصديق
والدهشة تعلو ملامحها وأنا أرى كيف أن فاهها مزمومة ووجنتيها بدأتا في الانتفاخ حتى انفجرت ضاحكة ووضعت يدا على فمها
تكمل ضحكاتها وبأصابع اليد الأخرى تمسح دموعها التي نزلت من فرط الضحك، أعلم جيدا كم أنه من السهل إضحاكها كما من
السهل اغضابها خاصة فيما يتعلق بكتاباتها.
انتهت نزهتنا بعد أربعة ساعات أخرى تقلبت فيها زوجتي بين الحزن والفرح، بينما كنت طيلة الوقت أوحد ا̒، وأدعوه في سري
أن يعطيني القوة والطاقة لتحمل مزاجية زوجتي الكاتبة.

............

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 04, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

زوجتي الكاتبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن