الفصل الخامس والاربعون (الجزء الثاني)

39.4K 331 3.2K
                                    


تألقت سيدة الليلة على مرأ الحشود الذين حضروا الحفلة على شرفها، والتي عُرفت بأنها رضاوة الزوجة الأولى للضابط مشعل بن خالد آل مسفر.
حيثُ ذاع صيت هذه السهرة بالثناء والمديح، فقد كانت تتسم بالذوق الرفيع في اختيار جميع تفاصيل الترتيبات.. ولاقت الحسناء من إعجاب في الوسط الراقي.. إذ إنها اية من آيات الجمال والحسن البديع ما يلفت الأنظار ويجذبها، برداءها الذهبي المسترسل على قوامها الممشوق.. عاري الكتفين يظهر عنقها السابغ الخالي من أي زينة.. إلا انه يتدلى من أذنها حلق زاهٍ.. كان الفستان يتحلى بجزء علوي مطرز بالذهب الخالص فيعطي فخامة باذخة مؤانقة، مزمومًا على خاصرتها.. ويواصل استرساله بلين وسهوله لأسفل دون تكلف أو تطريز.. إذ كان هبة من زوجها.. صُمم خصيصًا لها.
على الرغم من العدد المهول من الجنسين، إلا إنه زاد بنشر البهجة والسرور.. كان كُل شيء جميل بل أنيق بنسق كلاسيكي بهي. وها هي تقف مودعة الجموع بطريقة نمقة راقية.. وببشاشة المعالم الهادئة.. احتضنت ابنة عمها وهامستها مصاحبة توديعها بقهقهة خفيفة. ما أن خرج الجميع.. التفتت الى اختيها وهن يتجاذبان التعقيبات عن الحضور.. بينما يتلفعن بالعباءة.. اقتربت منهن متلاعبة بخصلات شعرها التي غيرتها الى البني المُذهب.. جاذبتها لنحرها.
قالت بابتسامة خفيفة ممتنة، إبان ناظريها التي وقعت في غيداء: شكرا انك حضرتي.. بصراحة ما كنت متوقعة بتجين.
ردت مبادلتها الابتسامة: افا عليك جيت لعيونك.. ولانه بيتك.. عاد الصدق غيرت جو على حس الغبية رفيف.. حصني نفسك وبيتك ما تشوفين شلون تناظر.. ودها تولع في الجميع.
عبست معالمها باشمئزاز: أصلا عزمتها لجل كذا.. ابيها تشوف بيتي وتموت بغيضها الحسود.. غير كذا يحرم عليها تطب بيتي مرة ثانية.
-ايه كفو عليك زين ما تسوين.. عاد لا اوصيك في اللي خبري خبرك.. فاهمه علي ما يحتاج أوضح!
رفعت حاجبها بفقه: ما عليك فاهمه.
عبير: أقول اسرعي خلينا نخرج سوا.. ناصر ينتظرني من زمان.. وانتِ يا توتو انتهبي على نفسك أي شيء تحتاجينه أو تبين تفضفضين اتصلي علي.. لا تتصلين على هالخبله بتوديك في داهية.. شوفي شلون الكل كان مبسوط برجعتك لا تهتمين بقلة الناس الحاقدة اهم ما عليك عمتك سحاب وشلون تغليك اما الباقي ما يهموك.. تمام يا روحي.
قبلت وجنتيها.. ومسحت على شعرها برفق ولطف أخوي عميق.. فكانت تتلألأ عينيها بإعجاب وإطراء كامن لأختها الصغرى وما ورثته من ملامح والدتها الزاهية.
غيداء: ما عليك منها اتصلي علي في أي وقت.. تراني اعين وعاون وخاصة في وضعك ابيض الوجه.
قهقهة تاج بخفة.. وعينيها تتوهج بانشراح وغبطة في اختيها.. تشعر بهبوط للأحاسيس الكمد والغمة التي واكبتها لفترة وجيزة.. على الرغم مما سيواجه راحة الهناء التي ستعيشها، إلا أن شعور الاغتباط قد سطع من عينيها كسطوع نجم في دياجير الليالي، وشع وجهها حتى لكأن هالة من النشوة تتكون حوله.
القت عبير كلماتها على غيداء المتباطئة في تغطية شعرها: عجلي يا بنت.. يالله مع السلامة توتو.. انتبهي على نفسك يا عمري.. الله يحفظك من كل شر.
-مع السلامة يا قلبي.. بوسي لي جوجو.. المرة الثانية هاتيها معك.
ازاحت غيداء عبير بطريقة تهازوء: ابعدي أقول.. مع السلامة.. اتصلي لا تنسين.
بابتسامة عذبة: ابشري يا روحي.. مع السلامة.
سارت تودع اختيها الى حين وصولهن الباب.. وما أن خرجتا.. حتى عادت تميس غنج وتخطر عُجبًا.. عيونها تعبر على توهج هذا المكان الساطع بالإضاءات الزاهية والبراقة كما لو أنه يشابهه في أبهة شموخه.. ويشابهها في رقة أثاثه وجماليته.
كانت الحفلة بالنسبة إليها رؤيا آسرة من الألوان الزاهية والموسيقى الحالمة، والضوضاء والحركة.
ولم تكن لتجلس دقيقة واحدة. ومع أن الإرهاق والتعب أخذ منها مأخذه، كانت ترقص وترقص.
وكانت أعين الحاضرين تنصب عليها بسخاء مفرط.. بل حتى الجدة حياة لم يفارق لسانها ذكر الرحمن على زوجة حفيدها البكر.. كلما هوت بصريها على تاج.. وأخذ طرفها الساجي وجه الحسناء، فأذهلها ما رأته من سحرها. صعدت لجناحها.. وصدى حذاءها يصدح بترانيم ناعمة كما سيرها البطيء.. دخلت غرفة نومها. وألح عليها هذا الشعور حتى اندثر معه كُل صبرٍ التمسته من العزيمة.. فأخذتها أقدامها صوب النافذة العملاقة.. مهم حاولت أن طلتها الفاتنة تمثل حضورها أمام ضيوفها الا ان الحقيقة، أنه اهم ضيوف حفلها.. واكثرهم انتظارًا وترقبًا، وتلهفًا.
فأبعدت الستائر بخفة.. وران إليها وقوفه في الفناء الخارجي.. بين حلقة من الرجال.. يحرك يديه بـ إيماءات دقيقة لشرح كلماته الثقيلة، ويظهر بأنه يودعهم.. أن الأهبة التي تحيطه تجعله دائمًا في واجهة الأنظار.. جامحُ الطلّة.. سُمُوق المظهر.
هُناك أُناس خلقوا بجاذبية ملفتة.. كما لوحة نادرة تتهافت الأعين لرمقها.. وهذا الرجل خير دليل! تشعر بأن الجميع يشاركها إياه.. وهذا يؤديها ويرهقها.. كيف لها أن تكون غمد سيفه بغيرتها منه وعليه! وأضاءت شفتيها ببسمة استخفاف، وحركت رأسها كأنه تنفضه من ذهنها ما ألح عليها.. وهز وجدانها.. واثبط تفكيرها.
تحركت نحو التسريحة.. تتأمل معالمها وكيف غدت منارة.. فمرغت الأحاسيس على سماتها الغانية. وراحت تخلع حلق أذنها بكثير من السهو.. ليست سوى دقائق.. حتى ولج داخل خِدْرها.. وقعت عينيه على فتاته.. مضى بتمهل للداخل.. ولا تزاح بصريه من عليها.. فتعلقت العين بالعين ولم ترمش، بلهفة العشاق وحدّ العطش.. فمن أين الارتواء والشبع!! والصمت في ضجة اعتراف، فتبكي في الصمت المعاني.. وتموج بداخل النفس ملايين الأقوال والحوارات.. كما أمواج المواني. رغم الخلاف، رغم قطع حبل الوصال، رغم الهجر.. والزعل والعناد، برغم ما مضى وما سيمضي.. عُدنا.
إنها سطوة القدر محكم بتسلسل دوري ثابت، فنحن نعيش وسط نظائر، تجاذبنا بين الولادة والموت، بين الزهو والالم، بين الغلبة والانكسار، بين النجاح والفشل.. بين الحب والكراهية، والإخلاص والغدر.. فنحن مجبولون على ذلك لا خيار لنا فيه.. فهو يحمل بين طياته العظيمة وتقلباته الضخمة ما يحكم تفاصيلنا الضئيلة.. معتقدين أننا من نصنع اقدارنا! دنى طرفها بعد أن رمقت إجهاد وإعياء بيّن على محياه البتَّار.. ولاحظت على عجله من تأملها المستهلب فيه، غضب عارم لا تدري أي مقصد يقصده هذا الرجل الذي يسير بخطوات واثقة نحوها.. وكأن التأني خُلق لهذه اللحظات التي يخلع فيها شماغه بأريحية متوانيه، قاذفه على أقرب اريكة مر بجانبها.. فرفع ذراعه يفتح بها ازرار ياقته.. ثم كبك اكمامه.. مشمرًا عن ساعديه.
عضت طرف شفتها، وأحجبت الرؤية عن نواظرها بإغلاقها... احتدت الى الوجوم الهاتف.. تحاول هي ولسانها، تحاول وتخسر رهان التلفظ.. تحاول محاولة إغماد البراكين الثائرة في قُمع صدرها.. لكنها عاجزة المَرْسى.. حين التقفتها كفيه.. محاوطة خضرها، بطريقة متسيدة في قبضته.. كما لو أنه كأس نصر! تشبعت جيوبها الانفية من رياء عطره المتفرد.. وبخور العود العتيق.. الذي يحيطها.. كما يفعل هو الآن.. بلثم عنقها.. لثم طفيفة.. حتى أنهاءها بقبلة عميقة ساطية في وسمها أعلى عنقها.. إلى أي غيم تنتمي شفتاه، بأي زوبعة تنذرها يداه! ولهيب قبلته لا تزال تشتعل في محرقة انوثتها الطاغية! أنفاسه تسير دون مساس على كامل ذراعها.. ويأخذ قبلة تليق بجلالته على باطن كفها الصغير.. عانقها عناق يجمع فيه جسدها ملتحمًا بجسده.. حتى احست بنبضات قلبه تطرق ظهرها.. تستشعر بكل أنش في زوجها! يهتف راغب بها.. بل يجذبها ويعتقلها.. يحسسها بغرام كانت له كافرة، بل تعتزي وجوده على أمل الخلود.
همس: عودًا حميدًا.
فتحت ناظريها الناعسة.. فعكست المرآة بصريه المحمرة، تشابكت النواظر وقيدت الأنفاس عن العتق.
فبادلته الرد بذات الدرجة الهامسة: الله يسلمك.
-الله يخليك ويبقيك لي.
أركز ظهره قليلًا.. وتتخلل أصابع يده خصلات شعرها.. أغمض عينيه لبرهة مستنشقه.. ثم قال وهو يُبلج النواظر ببطء: شلون كانت عزيمتك؟! أجابت بتقطع الكلمات الساهية من فاهها، حين عبرت عيونها بدراسة على معالمه قبل أن تجيب.. هُناك انفعال حاد واستياء غير مبرر، في تعابيره: اعجبتني حيل.. شلونك؟!
ابتعد ويعيد تسريح شعر رأسه للخلف.. أثناء سيره جهة الكنب: الحمدالله على كل حال.. اجلسي باخذ علومك.. أخبارك واخبار الدراسة معك؟!
كان ينازع ما تخفيه الصدور من استياء عارم من ليان، تلك الأخت التي شوهت وشوشت كُل حسن وطيب... فتاة خلعت العِذارَ، وارتبكت المعاصي؟ مرغت شرف عائلتها بالأوحال والدنس.. انحدرت الى الرذائل والمآثم دون أن تحفل سمعة ولا اسمًا ولا شرفًا! والنفس تخرم من فكرة أن اخويه قد ارتكبوا أبشع ما قد يرتكبه أنسان! بالنسبة لبيئة سوية، شريفة.
نزعت جميع المجوهرات المتزينة بها يديها.. زيادة على ذلك جردت الدبلة التي لطالما لم تخرجها من بنصرها الايسر.. إلا إنها فعلت.. عوضًا عن ذلك وضعت خاتم غير متكلف، وناظريها لا تبعد عن عنقها.
أي مشاعر كانت تترجم شفتاه، أي قبلة هذه! أن تُوصل امرأة لذروتها دون إدعى أو تكبد! لكأنه كان يبرم مؤامرة لاحتلال جسد.. فيواصل قلبها إفساد مفعول قبلة! اردفت بعد ثواني أثناء انتهائها من وضع زينتها في مكانها المخصص، وهي تلتفت جهته: الحمدالله تمام.. تقريبًا باقي على السمستر اسبوعين.. الأسبوع اللي جاي واللي بعده.
ذكرتها وتقدمت صوبه.. ويديها تعيد خصلات اِنمارت على وجهها.. جلست على الاريكة الجانبية له رجل فوق الأخرى.. ترددت في قولها بين الإفصاح أو الإضمار عند بروق ذبلان معالمه الباسلة.. ولكن يجب أن تطرح شرطها الذي سيحدد ليلتها.. وجاهدت لتقول ما ينبغي قوله، لكنها بدلًا من ذلك أغضت بعينيها، ثم أحدتهما الى وجهه المرهق.
غير إنه لم يخفى عليه.. لسان يجازف الصمت، فتكلم بنبرة ثابتة: عطيني شرطك!؟
رانت إليه بتفحص دام ثواني.. وكأنها أجمعت أمرها.. بثبات القول، والفكرة التي عُقدت في إدراكها لحاجة في نفسها.. ترغب بأن تروض غرور وكبرياء رجل ما قادته كلمة غير كلمته.. ولا انصاع لشخص غير شخصه.. رغبتها ليست في إذلاله أو تقليل شأنه ولكن إثارًا لذاتها.. وبغية لتهذيب عجرفة لامستها فيه.. وتعاظم في كينونته.
ببطء التلفظ: تصوم شهرين متواصلة.. اهجرك وتهجر عطيتك خلال هالفترة.
ذكرتها والحدق لا يزيغ من عليه.. بل أكملت بعد ثواني عابرة: وضعت هالشرط لجل علاقتنا تنصلح.. الصيام يهذب النفس ويزيح عنها الكبر والعناد اللي متعبنا.. واعتقد كلنا نبي نرتاح.
لم تدبج معالمه عن أي أثر من شرطها.. على إنه استعجب من فكرها.. ضايقه كلامها والشعور الذي حلَ بسماه.. باتت تدفعه قسرًا.. وهذا ما أزعجه، ما نالته لم يناله غيرها.. تمادت واسهبت في بلوغ نصبها.. كان يحاول إخماد لهيب التباينات والخلافات بينهما، الا إنها باتت له غير مدركة حجم تصريحها!
هز رأسه بهدوء.. الإ ان عدم الرغبة منجلي عليه: متأكدة من هالشرط اللي وضعتيه!؟
قالها إبان وضع قبضته أسفل فكه.. ينظر لها بتمعن حادق.
طأطأت بالموافقة والاقدام: ليش فيه شيء؟!
-فيه أشياء كثيرة لو منتي مدركه قولك.. لكن أنا عند كلمتي.. بنفذ لك شرطك بس مب على غيرك.. انا رجال افصل علاقاتي عن بعضها.. اعطي كل ذي حقًا حقه.. وكونك مرتي لك حقوق وواجبات يستحيل ان اتكاسل عنها لو وش ما صار.. أن تبين الهجر بهجرك نزولًا عند رغبتك.. ولأسباب حاكها لك فكرك وتعنيك وحدك.. لا تشملين غيرك معك.
حدجته بنظرة تفيض منها الإحتدام والغيظ، فجعلت تراقبه صامته جامدة الوجه.. وتترمض في داخلها على نار.
تلفظت بهدوء عكس ما تضمره، ولكن صرامة ظاهرة: بس بكذا أنت اخليت بشرطي الثاني.. شرطي واضح يا مشعل.. ما يحتاج يتجزأ.
-يا تاج شرطك معي أنا.. يخصني ويخصك.. ما يخرج عن نطاق حياتنا.. لك الاحقية في وضع الشروط اللي تبين وانا قلت واعيد وأكرر شروطك يا تاج مجابة.. لكنها ما تخرج عن إطار علاقتنا.
وعيل صبرها في تلك الفنية وضاق صدرها، من شدة ما نالها الكمد، وصرحت بصوت عميق، ولهجة صارمة مفعمة بالقسوة: وهذا هو شرطي.. ان ما تقدر عليه عطني العلم!؟
حل صمت مهيب بعد نشوب الحوار.. وظلت النواظر تلتقي.. فتخلق زوابع من التجاذب والتضاد.
عيونه تجول في معالمها، تغيرت كثيرًا.. نبرتها ما عادت تلك النبرة الهادئة اللطيفة.. تقاسيمها الجميلة الناعمة غدت صارمة حازمة.. لربما كان هو الصانع الذي قام بتشكيل فتاته! حتى تمردت وعصت.. خالفت وعارضت. رد بثبات القول: وش العلم اللي تبيني اعطيك إياه.. محدن فيكن لها حق في الثانية.. لك حياتك ولها حياتها.. لا تخلطين الأمور.
اشتدت معالمها.. مغتصبة ابتسامة مقهورة: هذا اخر كلام عندك! شفت شلون رفضت لو اني داريه باللي بيصير ما كان رجعت.
شخص البصر فيها وجموع الغضب تضرمُ في جوفه.. تنفس الصعداء وابتعد من ظهر الاريكة وقبل أن يهمّ واقف، قال: خذاك الكبر ومعاند الراس.. ما ترخين ابد! غلطتك تحسبين ان العلاقة دايمه بطريقة التهميش وكثر العتب واللوم! ما تدرين انها تسبب فجوة بين الزوجين.. سايرتك في شرطك الأول.. وهو عيبه في حقي.. لكني نفذته لجل ما اكسر كلمتك.. بس بالغتي حيل.. بالغتي حيل يا تاج في وضع حدود ما لها أساس من الصحة.. أن كنتي تعتقدين انك تختبرين متن علاقتنا بهالطريقة فهي مصيبه والاعظم لكنتي مؤمنة بها.
وخطى خطوات معدودة حتى توقف في منتصف الغرفة.. صرح دون ان يلتفت: حهزي نفسك لثلاثة أيام.. بكرة رحلتنا بناخذ عمرة.. كود تهجد الشياطين.
واستوقفته قبل أن يمضي، وهي منتصبة: اجلس خل نتفاهم.. مب معقولة كل حواراتنا تنتهي بهالشكل!
-ما ظنتي نتفاهم وأنتِ راكبة راسك.. وانا أخلاقي بخشمي.
وأكمل سيره بمعالم جامدة ومظهر صلب لا تلين له عاطفة ولا يرق إحساس.. إزدادت فتاته غرور.. ولم تدع له مفرق طريق يسير عليه بيسر. فلتخاف الله في استسلامه، فلولا الرجاء في عشقها.. وشغف حبها، لأقال الهوى من سماءه وما تبعه.. فهو من افاضل قومٍ ماجدين كرام.. فرفقٍ بروحٍ ملكتها وما في اقصى الضلوع.
أما هي لم تبرح مكانها وظلت تحدق في مكانه كما لو أنه لا يزال أمامها.. تعبرها كلماته بشيء يكمش على صدرها.. وهي تعلم بأنها تمادت وطغت.. اختبرت أخر رمق صبره.. كيف لها أن تحول بينها وبين الخليل.. اليست تريد قرب يطيب ما فيها من علل ومواجع الفراق.. افكارها جميعها تأخذها.. كيف لها أن ترضى بأن يهجرها وينعم بقرب ضرتها! فلتعيد حساباتها وتقرر.

لا تحملني خطا ما هو خطاي..لو أنا المخطي كان والله اعتذرتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن