جلّاد

٣

==

نحو اللانهائية، أغرق في قاعٍ ليس له نهاية، سقطتُ في المجهول الذي ليس له بداية، أجد نفسي ضائعًا بين الوعي واللّاوعي استيقظتُ مستندًا علي البيانو الضّخم وإذ بصفعةٍ من ليلة أمس ترتدّ علي عقلي تذكيرًا بما حدث.

الكمان الذي عزفت عليه كآخر شيءٍ قبل أن يتبدّد كل ما حولي ويتحوّل إلي ظلامٍ دامس، تختفي بعض المقاطع من ذاكرتي كي أبقي بما حدث كحُلم غريب. "غريبٌ يا نفسي، إنني أغرقُ في الكثير من الظلام، إنني لا أدرك فيما أوقعتُ ذاتي." أحاول الرؤية متأكدًا أنني قد فتحت عيناي بينما تتحرك قدماي بشكلٍ عشوائيّ في الغرفة. لا أثر للبَلل عن جسدي في الأمس، ولا أثر للدمُوع القاسية علي الملابس الغير موجودة حتي..

ألتفّ حول وفسي محاولًا إبصار أي شيءٍ إلا أن الظلام دامسٌ وأدرك أنني في غرفتي، غفوت! هل فقدت بصري؟ تتراكم الأفكار وأجد الحياة باتت ضيقةً للغاية في اللحظات القليلة، ألمُس الملابس التي أرتديها لأجد ثيابًا كنت أرتديها قبل المحاولة في الخروج للعاصفة وإنقاذ تلك الفتاة.

أجمع شفتاي في خطٍ مستقيمٍ مع محاولة تثبيت أفكاري علّي أبلُغ سببًا يزيل حيرتي، بالذهاب للطابق السُفلي بحذرٍ يصدح صوت طقطقة الخشب أسفل قدماي العاريتين مع البرُودة. تظهر مخلّفات العاصفة بشكلٍ واضح مع الألم الطّفيف في رأسي، لربما قد سُرقت؟ لا أري شيئًا.

ألمس أقفال الغرف وهي مغلقةٌ بالفعل ولم يتمّ فتحها..

يتوقّف الزمن بي وأجد نفسي متقرفصًا أتنهّد بيأس، لابد من كونه حلمًا طويلًا حتي شعرت بكم هو حقيقيّ جدًا.. قد هبّت العاصفة، وقد صدّقت أنني التقيتُ بفتاةٍ فيما أنني غاطسٌ بعالم الأحلام. "أيها الربّ، تعبتُ- تعبتُ حمل كل تلك الذنُوب بمفردي، أين العدل في البقاء طوال الحياة مسجُونًا أرتكب السيّئات، لما أرتكب المزيد من الذنُوب؟ الحمل ثقيل. يمكنني أن أقتُل ذاتي حتي قبل وصولهم اليوم فأنجو من العقاب وأنجو من حمل الذنُوب بشكلٍ أكثر. أستسَامحني؟." ترتفع يداي لنتف خصلاتي اللامعة تسقط في الأرض بشكلٍ مؤلم.

أنا عاجزٌ عن الموت واستكمال محطّتي البائسة، مدينتي تدمّرت ونفسي هلكَت في الليلة التي تم توجيه الأصابع كلها نحوي، في الليلة التي بتُ فيها مُغتصِبًا في أعينهم. لايمكنني أن أكون أسوء من ذلك مكانةً عند من هم أقرب لي، ماذا عن الغريب؟