الفصل الثاني ...
دخلت نور بخطوات بطيئة تتفحص الغرفة بهدوء واسعة إلى حد ما، نظيفة مرتبة، هي لا تحتاج أكثر من ذلك، ينقصها بعض من الهدوء وصفاء ذهنها حتى تستطيع استكمال المرحلة القادمة واجتيازها بسرعة، انها في قرارة نفسها لا تود المكوث هنا بتاتاً، في النهاية هي مع رجل، وهذا غير مقبول بالمرة، ستمكث وأثناء استئجارها ستبحث بكل قوتها عن سكن جديد مع فتيات مهذبات غير هؤلاء المجانين، يكفي المصائب التي تقع فوق رأسها، يكفي ما مرت به أثناء مكوثها مع إحدى صديقاتها، تدفقت الذكريات أمامها لتُذكِرها بأحداث تتمنى أن تمحيها من حياتها ...
****
اعتدلت بالفراش وهي تُتابِع هاتفها بضجر ، بدء الملل يدخل حياتها ويسيطر على مسارها هي لا تتمنى ذلك، أين ما قالته لها صديقتها آلاء، أين ما شجعتها عليه، أسبوع أسبوعين، ثلاث، شهر وبدأ كل شيء يتبخر، حتى ترحاب صديقتها وأخيها بدء يتراجع، قطع تفكيرها دخول آلاء عليها، فقالت نور بحماس :
_ما تيجي نخرج النهارده توريني مكان جديد في دبي !.
جلست آلاء أمامها تناظرها بضيق :
_وبعدين وأخره الفُسَح إيه ؟!!.
تبدد حماسها لتقول بنبرة مستفهمة :
_ مش فاهمة قصدك إيه ؟!.
_ قصدي أن الفلوس اللي معاكي أكيد بدأت تخلص يا نور، ولازم تشوفي حل، أنتي يا حبيبتي مهما كان بردوا قاعدة في غربة!.
جف ريق نور وقالت بنبرة متوجسة خوفاً أن تتخلى عنها صديقتها :
_ طب إيه الحل، لو عندك قولي على طول.
اعتدلت آلاء أكثر في جلستها تنظر لها نظرات ذات مغزى، جهلتها نور ولم تستطع تفسيرها : لازم تشتغلي، ومش أي شغل، تشتغلي شغل يحقق ليكي ربح كبير علشان تقدري تحققي اللي نفسك فيه، وأنا بقي يا ستي عندي الشغل ده، شوفتي بقي صاحبتك بتحبك أزاي!.
أنهت حديثها بابتسامة خبيثة، فقالت نور بحماس :
_طب لما هو عندك ما تقولي من بدري، إيه هو بسرعة؟!.
صمتت آلاء لبرهة ثم تحدثت بهدوء :
_شغلانه حلوة أوي وهاتكون بليل، وفي نفس الوقت هاتشوفي اللي عمرك ماشفتيه، هاتشتغلي في night club.
اتسعت عيناها قائلة بصدمة :
_إيه!!، فين؟!.
التوى فم الأخرى باستهزاء :
_ نايت كلب يا حبيبتي، هو أنتي فاكرة أنه زي الكباريهات اللي في مصر، لا دي حاجة عالية أوي، وشيك، ومقولكيش على اللي هاتشوفيه هناك، بلاش منظورك الضيق ده!.
رمقتها نور بجمود وبداخلها غير مشجع لهذه الفكرة، صحيح هي تبحث عن الحرية والانطلاق، ولكن مازالت قيود العادات و التقاليد تفرض سطوتها بداخلها، مما جعلها تفكر بأفكار غريبة تجاه صديقتها، فقالت مستفهمة بفضول :
_وهو أنا هاشتغل إيه بقي هناك، أقدم مشاريب.
هزت آلاء رأسها بنفي قائلة بمكر :
_ لا حاجة أعلي انتي هتروحي وأخويا بيشتغل هناك..
قطعتها نور وقد أصابتها الدهشة من صدمه جديدة وهي تصيح :
_ هو مش أخوكي ده قولتيلي بيشتغل مندوب!.
التوى فم الأخرى بتهكم :
_ أنتي فاكرة يا حبيبتي أن شغل المبيعات هنا يأكل عيش، الحياة هنا غالية أوي أوي، بدليل الفلوس اللي أنتي جايه بيها بدأت تخلص وكل اللي قعدتيه شهر ونص، شغلانته بليل هي اللي معيشنا في المستوى ده...
هزت نور رأسها عدة مرات تحاول ترجمه عمل أخيها، فقالت آلاء موضحة :
_ عماد أخويا هياخدك معاه، وهتقفي جنبه وأنتي لابسه يونيفورم المكان، لو حد من الزباين شاور عليكي هاتروحيله تقعدي معاه، تتكلمي وتضحكي وتشربي معاه وتقضي وقت لطيف وعلي حسب قعدتك ومدتها تتحاسبي شوفي بقي أنتي وشطارتك ...
قطعتها نور وقد احتلت الصدمه ملامحها قائلة بصياح معترضة :
_ بس، اخرسي خالص، هو أنتي عوزاني اشتغل إيه، إنتي اتجننتي ... انا اشتغل فتااااحه ؟!!!!!
نهضت آلاء وتحولت ملامحها لتظهر مشاعر قد دفنتها منذ مجيء نور لدبي قائلة بحدة :
_آمال أنتي فاكرة نفسك جاية دبي تعملي إيه، تتفسحي وتخلصي فلوسك وبعدين تقعدي في رقبتي أنا وأخويا ولا إيه لا فوقي، أنتي في غربه يا حبيبتي أنتي تتفرمي هنا ومحدش يحس بيكي، مين هايشغلك وأنتي ممعكيش أي خبرة، فوقي يا حبيبتي أحنا مش أهلك..
نهضت نور تقف بمقابلتها تناظرها بغضب قائلة :
_بس ده مكنش كلامك ليا..
قاطعتها آلاء بغضب ولهجة عنيفة :
_هو ده الكلام من هنا ورايح عجبك تمام، مش عجبك اتفضلي دبي واسعة.
اختل توازنها للحظات بعدما وقعت كلمات صديقتها عليها، جلست على طرف الفراش تشعر بالتيه، كلماتها كانت أحد من السيف، كلماتها أصابتها في مقتل أفاقتها من تلك الحياة الوردية التي رسمتها لنفسها فور أن وطأت قدمها دبي، ماذا أوقعت نفسها به، لقد ألقت بنفسها في التهلكة، لم يسعفها عقلها بالتفكير سوى بشيء واحد فقط هو أن ترفض بقوة، يكفي ما فعلته لن تزيده سوء..
رفعت رأسها وناظرت آلاء بقوة وبداخلها يهتز ألف مرة لما تقوله :
_ زي ما قولتي دبي واسعة، وأنا هامشي، ومش هتقف عليكي...
ابتسمت الأخرى بسخرية :
_ وريني بقي شطارتك يا قلبي..
استكملت حديثها وهي تقترب منها، تسلط أعينها الحادة عليها هاتفه بتحدً :
_ وأنا بوعدك أنك هاتيجي تاني علشان تشتغلي الشغلانه دي.
نظرت نور لها بتحدٍّ مماثل قائلة :
_ لا...وألف لا مش هاشتغل الشغلانه دي، وهاحقق اللي أنا عوزاه و بشرفي.
أنهت حديثها وجذبت حقيبتها تفتحها بعصبية، وبداخلها يغلي ويغلي من صديقة زالت قشرتها وظهر جلدها الحقيقي، حَقًا مثل الثعبان تلونت حتى أقنعتها بما تريد والبلهاء اندفعت خلف حديثها بدون تفكير، لملمت باقي أشيائها وقبل أن تخرج استمعت لحديث آلاء وأخيها عماد الخافت نوعًا ما ...
_ أنتي أزاي تمشيها يا آلاء، أنتي اتجننتي، صاحب المكان مستني الوش الجديد اللي هناك كلهم اتهرسوا !.
أجابته آلاء بثقة :
_ اللي زي دي يابني، لازم تتقرص صح علشان تعرف النعمة اللي كانت فيها، صدقني هاترجع زي الكلبة لغاية هنا، أنا فاهمة كويس متقلقش....
كتمت شهقتها بصعوبة، بعدما أدركت معنى حديثهم، كيف لها أن تنخدع بهذا الشكل، يجب أن تهرب وبسرعة من هذا المكان....
عادت من شرودها وبداخلها يتمزق حزناً على قرار قد أخذته في لحظه تهور، ليس أمامها سوى طريق واحد هو أن تبقى بدبي وتبدأ حياة جديدة، أحياناً شدائد المحن وصعوبتها تجعلك في دوامه غريبة من التفكير، لن تستطع وقتها حساب نفسك ما بين ماضيك ومستقبلك أي منهم الجحيم، ولكن من المؤكد أن جحيم الماضي سيكون أهون من جحيم مستقبل قد تجهله...رفعت بصرها للأعلى تناجي ربها بحديث غير مرتب ولكن هي في أمس الحاجة أن تخرج ما تخفيه تخرج سرها، يكفي ما تظهره لقد سئمت من كل شيء :
_يا رب أنا عارفة أنه غلط اقعد مع راجل غريب في بيت واحد بس أعمل إيه، مقدميش غير كده مفيش مكان أروحه، ولا بقي ينفع ارجع مصر، كل حاجة اتدمرت قدامي، أنا واثقة فيك وعارفة أنك معايا في كل مكان وهتحميني حتى منه لو فكر يأذيني ...
خرجت من عمق مشاعرها بتنهيدة قوية تخرج جميع خباياها...
أما هو فكان يقترب من الغرفة حتى يتحدث معها، استوقفته كلماتها الغير مرتبه ونبرتها الحزينة المنكسرة، نفض كل تلك الأفكار التي هاجمته لتفكير بها، أثارت فضوله وخاصةً تصرفاتها غير المحسوبة، طرق الباب عدة طرقات هاتفًا :
_ لو سمحت تعالي برة علشان نقعد نتكلم...
أتاه ردها السريع لتقول :
_ آوك...ثواني..
وبالفعل قبل أن يتخذ من الأريكة الموضوعة بمنتصف الصالة مكانًا للجلوس كانت تخرج من الغرفة وعلي وجهها ابتسامة، بعد سماع حديثها ذلك أدرك أن تلك الابتسامة التي استفزته قبل قليل ليس سوى إلا ابتسامه مصطنعه فقط، هذه الفتاة تخفي الكثير والكثير، جلست أمامه ومازالت تلك الابتسامة اللعينة ترسمها فوق ثغرها...
_ هو أنتي بتضحكي كده ليه؟!.
حدثها مقتضبًا الجبين، فأجابته بعفوية :
_ يعني أبوز في وشك تقول عليا كشريه و تقول لا والله ما أنا مقعدها معايا، وبعدين الابتسامة في وش أخيك صدقة، وأنا اعتبرتك أخويا...
رفع حاجبيه بدهشة قائلاً بسخرية :
_بتحاولي تبيني نفسك ذكية، بس مفضوحة آوي.
امتعض وجهها من سخرية حديثة، وضعت ساق فوق الأخرى بكل عنجهية :
_ أنا ذكية جِدًا، وأقدر أوقف أي حد عند حده، أنت بس متعاملتش مع نوع زي من البنات!!.
التوى فمه متهكمًا :
_بجد يا نور فعلاً، أنتي بتقولي فيها أول مرة أشوف نوعية زيك كده!!.
أشارت له بيدها وهي تصطنع الحدة :
_ بقولك إيه أولًا قولي يا أنسه نور أو أستاذة نور، ثانيًا أنت عاوز إيه جايبني من أوضتي ليه؟!.
ضحك بصوت مرتفع قائلًا :
_هي بقت أوضتك خلاص، مش بقولك أنتي حبوبه آوي يا..
صمت لبرهة يرمقها باستهجان :
_ يا أستاذة نور !.
مطت شفتاها بضيق منه والتزمت الصمت، بينما هو استطرد حديثه :
_ كنت عاوز أسألك أنتي جاية دبي ليه؟!.
اندفعت بإجابتها :
_وأنت مالك!.
ضغط فوق شفتاه بغيظ ليقول بعدها بنبرة تهدد بنفاد صبره :
_أنتي جاية هنا دبي ليه؟!، لو مجاوبتيش اعتبري اتفاقنا لاغي!.
ضيقت عيناها بغيظ من طريقته في التهديد، ولكن يجب عليها أن تتحلى بالبرود والصبر، فأجابت :
_ عادي جاية اشتغل!.
_ أهلك ميتين ولا أيه!.
اندفع بسؤاله، فاهتزت مشاعرها وظهر ذلك جليًا على ملامحها وخاصةً عينيها التي تجمعت بها الدموع، خرج صوتها ضعيف :
_ آه.
حمحم هاتفًا بأسف :
_ أسف، بس يعني لازم اعرف عنك كل حاجة، بصي يا نور .. قصدي يا انسه نور أنتي باين عليكي صغيرة وقراراتك متسرعة وأنا متعودتش أشوف حد وخاصةً لو مصري ومساعدوش ما بالك بقي ببنت بلدي، ولو جاية هنا تاكلي عيش وتشتغلي فـ أنا هاساعدك واسمحلك تقعدي هنا المدة اللي أنتي عاوزاها لغاية ما تنقلي لسكن فيه بنات، اللي أنا بعمله ده علشان أنا دوقت طعم الغربة وشوفت حاجات كتير انتي صعب تتخيليها..
ودت أن تبكي وتخبره أنها رأتها ووقعت فريسة بها، ولكنها حاولت النجاة وستحاول ولن تهدأ حتى يعود الأمان والطمأنينة لنفسها، استمعت له بصمت تام، استمعت له وهي تسمح لعقلها أن يقتنع بحديثه حتى يهدأ من تلك الأفكار اللعينة التي تهاجمه بخصوص مكوثها معه بمكان واحد، وفور انتهائه قالت بنبرة هادئة وعينيها تنتقل في كل مكان ترفض النظر الية :
_وأنا زي ما قولتلك أنا مؤدبة ومتفكرش فيا تفكير وحش، أنا بس الظروف اللي جبتني هنا، وأكيد أنت أحسن الوحشين علشان كده طلبت اقعد هنا، وأنا أوعدك مطولش وألاقي سكن بسرعة!!.
_ أتمنى..بصي بقي طبعا أوضتك دي وياريت تلتزمي بيها، الحمام هنا...
أشار بيده ثم انتقل بيده نحو مكان آخر :
_ وده المطبخ، ياريت تلتزمي بكل حاجة في مكانها..
هزت رأسها بالموافقة والتزمت الصمت، انتقلت ببصرها هنا وهناك تدقق النظر بالشقة وتفاصيلها حَقًا أعجبتها...أما هو فشرد بها وخاصة ملامحها وجد نفسه يتفرس بتفاصيل وجهها ، جميلة جِدًّا، جميلة حد الفتنة، بيضاء، أعينها يندثر من خلالها العسل الصافي، خصلات شعرها المموجة ما بين الذهبي والبني القاتم، وخاصةً تلك الشامة الصغيرة التي تقع فوق فمها تثير الشغف في قلب من يدقق النظر بها، نهر نفسه على ما يفعله، هي ستكون أمانته وسيحافظ عليها، استفاق على حديثها ويدها الممدوة أمامها :
_هات مفتاح الاوضه بتاعتي..
رمقها لثواني يستشف ملامحها الحادة، جذبه من جيب بنطاله بسلاسة وألقاه نحوها وهو يقول بنبرة هادئة :
_أهو..
رفعت بصرها تسأله بترقب :
_ في نسخ تانية ...
أجابها بعبث :
_ آه ..
آه مستفزة تصاحبها بسمة ماكرة، أثارت الرعب بداخلها للحظة أنبت نفسها على قرارها ذلك، أما هو فلاحظ اضطرابها فقرر أن يتراجع عن طريقته معها :
_اهدي بهزر لا هو صاحب الشقة مسلمني نسخة واحدة لكل اوضه.
أنهى حديثه هو ينهض قائلًا :
_ أنا نازل اشتري حاجات، لو حد جه وخبط متفتحيش آوك.
هزت رأسها مرة أخرى دون رد، فقال هو متعجبًا وهو يتجه نحو الباب :
_سبحان الله اتخرست فجأه .
خرج من الشقة وفور إغلاقه للباب قامت هي بتقليده :
_ وياريت تلتزمي بكل حاجة، هسرق حلة مثلاً، إنسان غريب...
رفعت بصرها تنظر للمطبخ وبدأت معدتها تصدر أصواتا عجيبة، تشعر بالجوع الشديد، لا بأس أن تأخذ القليل من المعكرونة وستعيره كميتها فور شرائها لاحتياجاتها، نهضت تبحث عنها ولكن لم تُكمل بحثها بسبب ارتفاع رنين جوال ما..
التفتت بجسدها تبحث بعيناها عن مصدر الصوت حتى وجدته بالقرب من الأريكة، اقتربت منه ببطء، لابد أنه قد نسي جواله، طالعت الاسم بفضول وجدت اسم "ريم" ... همست بالاسم بتفكير لثوان ولكن نهرت نفسها في الانغماس في حياة الغير وقررت أن تتجاهله وتلبية نداء بطنها الصغير...ولكن رنين الهاتف المتواصل أفقد تركيزها وجعله ينصب حول هوية ريم تلك، اقتربت مرة أخرى من الهاتف تحادث نفسها "طب أرد، ولا ماليش دعوة..."
_ أرد، وأتكلم رسمي!.
_ لا مردش عيب مينفعش..
انتهى الرنين فحمدت ربها قائلة :
_ الحمد لله فصل لوحده..
وقبل أن تتحرك خطوة واحدة كانت يرتفع رنين الهاتف مرة أخرى بنفس الاسم، فقررت أن تجيب وتنهى إزعاج تلك المتصلة :
_ الو..
_ أنتي مين؟!.
حمحمت بحرج تحاول إخراج كلمات لائقة : _أنا...
شعرت بجسد ما يقف خلفها استدارت وجدت يوسف يقف ويناظرها بغضب...أعطته الهاتف بسرعة، فآخذة هو مُجِيبٌ :
_ الو..
استمع لصوت ريم أخته قائلة:
_ مين دي يا يوسف اللي ردت عليا !!.
أغلق الاتصال فورًا صائحًا : إيه ده أنتي رديتي على ريم!!.
_ ريم مين؟!.
سألته ببلاهة، فأخشن صوته قائلًا : وأنتي مالك، أنتي كمان هتدخلي في خصوصياتي..
امتعض وجهها لتقول باستنكار : خصوصيات، أنت مش شايف أن الكلمة دي كبيرة شوية حضرتك، ده مجرد تليفون رن وزهقني من كتر الاتصالات فقولت أرد أقول إنك مش موجود..
_ يا بجاحتك!!.
رفعت أصبع السبابة تشير في وجهه وهي تقترب منه هاتفة : بقولك يا محترم أنت، متحاولش تتعدى حدودك معايا..
أي حدود وهي تقترب منه بهذا الشكل!!، اقتربت منه لدرجه اضطربت بها مشاعره ما بين توبيخها على ما فعلته، والانغماس بملامحها التي جذبته عن قرب، ملامح بها هجين غريب بين الشرق والغرب، ركضت عيناه فوق ملامحها فشعر بمشاعر غريبة للحظات، لحظات وأصر على تجاهلها، هي وهو لا يمكن أن يتقابلا عند نقطة واحدة!!، انتبه على انفعالها قائلة : فاهم ولا لا..
_ فاهم إيه؟!..
أبعدت خصلات شعرهااا للخلف كحركة اعتيادية منها حينما ينتابها التوتر : إنك متعدداش حدودك معايا..
كتم لفظ بذيء كاد أن يخرج من شفتاه القاسية، فقال بحدة : لا بقولك إيه أنتي اللي متعدديش حدودك معايا مهما كان، خصوصياتي دي خط أحمر وبالذات ريم، فاهمة ولا لا..
اقترب منها بخطوات بطيئة، عقله يشجعه أن يفتك بها لفعلتها تلك حينما خرج من اضطراب مشاعره بسبب قربه منها الغير مقصود، المجنونة تعدت على أهم شيء لدية، أما هي شجعت نفسها أن تكون قوية تسيطر على توجسها منه حتى تستطيع أن تظهر له قوتها، دون أن ينفلت من يدها زمام الأمور وتقع فريسة سهلة له، هي مازالت تجهله وتجهل أخلاقه!!.