الحب الملوث: ظلال العالم السفلي

༺البيدق الأبيض هو مفتاح الصندوق༻

🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂

• زقاق رقم ٢، ميلانو •

كانت الليلة قد غطت المدينة بعباءتها القاتمة...إلا أن المصابيح الضعيفة التي تضيء الحيّ القديم كانت تلقي ظلالاً طويلة وغير مستقرة على الجدران العتيقة...وكأنها شهود على كل الأسرار التي خبأتها هذه الشوارع على مر العصور...

هناك في عمق الزقاق..وقفا معًا..جينيفر ومارك..كانا يواجهان شقة تبدو للوهلة الأولى عادية..متهالكة بعض الشيء كغيرها من المباني التي تسكن هذا الزقاق القديم..لكنه يعرف أن هذه الواجهة البالية ما هي إلا غطاء لسر أعمق..لا يعرفه احد سواه..

لقد اكتشف هذا الزقاق في عمر الثامنة عشر..كان عائدًا من إحدى القتالات الغير القانونية التي يشارك بها خلسةً..ان أراد تصفية ذهنه..يذهب إلى مكان مهجور..أثناء سيره لاحظ شيء غريب في هذه الشقة تحديدًا..هذا ما دفعه للإستيلاء على كل الزقاق..

كان شعر جينيفر الداكن يعكس ضوء المصابيح بلمعان خافت..وقفت بثقة تحتضنها كأنها عباءة من الحديد..ارتدت معطفًا طويلاً من الجلد الأسود..وأصابعاها الملفوفة بالقفازات تحكم قبضتها على السيجارة التي تتوهج طرفها الأحمر في الظلام...عينيها كانتا تتفحصان المكان بصمت...تستشعران كل تفصيلة..كل حركة خفية..وكأنها تبحث عن شيء لا تراه العين المجردة...

كان الهواء باردًا..لكنه لم يؤثر في وقفتها الصارمة..تبدو و كأنها تجهل المكان..لكن داخل زوايا عقلها توجد ذكرة منسية..هي تعلم انه يتواجد هنا عند بطشه..كيف لها ان تنسى جسده الذي كان يرتجف بين احضانها عندما يسيطر عليه الغضب..كيف يتمسك بها كأنها خلاصه...

و حدسها الذي لا يخطئ يخبرها انها ستجد قطعة من هذه الأحجية...

إلى جانبها..كان مارك يقف بنفس السكون..وعيناه القاسيتان تراقبان الشقة بحذر..رغم صمته..كان عقله يعمل بسرعة..خطط مسبقًا لكل خطوة.. و كل احتمالية..عندما كان في القصر..تحديدا عند استعابه المكان..

كان يرتدي معطف صوفي اسود أنيق..اخفى بذلته و اسلحته..وحذاء جلدي يلمع في الظلام...كان يحمل في داخله جنونا قاتلاً...هو يعلم أن اجتماعهم في هذا المكان تحديدا يعني التوصل إلى شيء خطير...كل شيء يجهله هي تعلمه..و العكس صحيح..

منذ اللحظة التي أبصرت فيها أعينهم النور، كانت أقدارهم قد نُسجت بخيوط الكراهية التي لا فكاك منها..خيوط تشابكت مع تاريخ العائلة المليء بالصراعات والدماء..وُلدوا في عالمٍ حيث الهوية تُشكِّلها الأسماء، والنزاعات تُورث كما يُورث الشرف..كل حركة، كل كلمة، كل نظرة تحمل في طياتها صدى العداء القديم الذي جعل منهما خصمين على رقعة شطرنج القدر...