'عَالم مُوازي'

33 6 12
                                    


نسماتُ الخريفِ تُحلق في سماءِ البلدة ليلًا ، المُلغمَة بغِمام ، توشَك علي الانهيار ، الحَركة تدُب في الشوارع ، مُزعجة ، سُكان البَلدة يتخبطون هربًا مِن الحُراس المُلجَمين بالشَرز و الغَضب ، لحَظات ودوي المَطر المُنهمِر يعلو وجُههُم ، مُنذرًا عَن ليلة عُدوانية .

" أسرِع رَين الحُراسِ يقتربون ، هيا " أقطحَم صوتًا أُنثاويًا الغُرفة ، يكشفُ عن امراة ، في مُنتصَف عقدِها الخامِس ، تقاسيمُ وجهها امتلأت بطُرق الحَياة .
ليُتمتم رَين بضجَر غاضِب :
" حسنًا أُمي أقتربتُ "

قطراتُ العرق غطتْ وجه رَين ، وهو يُحاولُ مُسرعًا تخبِئة لوحاتهُ ، فنهُ ، مهاراتهُ ، كُل ما يملُك ، بسببها ، بَلدته ، بَلده كلُودُفيا ، مُحارِبة الفِنون ، بكُل أنواعِها ، كانت مُنذُ الأبدْ تُضيق علي أصحابِ الفِنون جميعًا ، لينتحروا ، أو يقتُلهم سِكانِ البَلدة ، حَتي استحدثوا القانون ، لإعدامِهم .

لم تكُن البَلدة تُجرّم السَرقة أو القتل بل الفَن .
لَم تكُن تُلقي بالًا للمُجرمين الذين يلوجون البَلده ، بَل مِن يُمسكون بالفُرشاه ، أصحاب الفَن .

كانوا يُنمون الأطفال في المدارِس علي كُره الفِنون ، يزرعون فيهم الخُرفاتْ ، بأنها تجلبُ غَضَب الإله ، الظُلمة ، الخَوف ، الحُزن ، المَرض و المَوت علي البَلدة و ساكنيها ، لكِن هَل هذا صحيح ؟..، رَين لم يَكُن يُؤمِن بذَلك ، لَم يكُن يهتمَ أيضًا ، كُل ما يجول كالأشباح في عَقله هو الفَن .

دقائق قَليلة مَرتْ ، و كان الحُراسِ انتهوا مِن تَفتيش البيوتْ التي في الحَيّ ، لا بَل انتهوا مِن تحطيمها بغلظَه ، كان تفتيشًا دوريًا كُل عام ، يكون مَع بداية ظِهور حباتُ الثَلج تُزين الأُفُق ، لكنهُم أتوا علي حِين غَفلة ، مُبكرًا ، هَذا العَام ، وذَلك كان يَزيدُ ذُعر و هَلع والده رَين .

و مَع إنتهاء رَين مِن إخفاء و نَقل أخِر لوحاته ، مافتئ أحَد الحُراس يقطَحمُ المَنزل بوحشية ، تصَدع خشبُ البَابِ أثر ذَلك ، وتدفَق الباقية خَلفه ، طالعهَم رَين بنظره غيظٍ شَديد ، شاعرًا بثَورة تجتاحهُ أثَر دخُلِهم و عَبثهم بمُمتلكاتِ المَنزل ، لكنهُ أخفي توتره الذي استحوذ عليه بمهارة .

هو لا يُنكر هذه المَرة بأنه يتملكه الخَوف ، ليس عليه بل علي أُمه ، يخافُ عليها أن يمسها سوءٍ ، و ديانا حبيبته ، هو خائف من أن يفقدهُما .

انتهوا مِن فعلتَهُم ليهبوا مُسرعين بالخِروج ، أطلق رَين تنهيدة مُثقلة بإرهاق ، انحازتْ عينيه إلي والدته يُطمئنها ، أحتضنها بدفئ يبعثُ إليها الشِعور بالأمان ، وبأنهُم مازالوا هاهُنا .

—————
بَعد مِرور شهرًا

يتهاوي النَسيمُ الشتوي بين الشوارِع ، بلذعه بَرد تُصيب بقَشعريره ، كانتْ تَتجهُ ديانا بثوبٍ حريريٍ بُني تسحبهُ خَلفِها، إلي مكانها السري لمُقابله رَين ،نَحو أحواضِ الورود المَزروعة ببراعة حَول نافورة المياة الرمادية ، تجلسُ عليها شاردة ، تنتظرُ .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 09, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

كلُودُڤيا ' مُحاربة الفنون ' ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن