١٥٢١/٧/٣
في تلك الليلة أفرط بوسيدون في شرب النبيذ . آفة بوسيدون هي الإفراط في شرب النبيذ
اختل توازنه و سقط ، بينما كان تلاميذه يراقبون سقوطه ؛ حاصره الكثير من الجنود ، قاموا بتكبيله ، و قص لحيته ليفقد ما كان يميز وجهه .
لقد سقط ما كان عظيما ، إنها حرب إذا حاولنا أن نبحث عن تفسير لما يحدث . الارتقاء مقابل الانحدار ، العقل مقابل الخرافات ، الفرد مقابل القطيع ، بوسيدون ضد الجميع !
الأخلاق السائدة تقول : كن ضعيفا ، بوسيدون قال : كن قويا فأنا لا أبارك إلا الأقوياء .
الأخلاق السائدة تقول : لا تفكر ، بوسيدون يقول : ينبغي أن تملك عقل حر و مستنير .إذا كنت مفكرا يجب أن تحمل السلاح لتدافع عن أفكارك ، لقد كان النجاح حليفا لجميع المفكرين المسلحين .
بعد عدة أيام من وضعه في السجن ؛ جاء موعد المحاكمة المنتظرة ، حيث اكتظت المحكمة بحشد هائل من الناس ، من جميع الفئات ، يريدون الشئ ذاته : التخلص من بوسيدون .
اقتربت منه ماري و هي تبكي ، و تشعر بالندم ثم وجهت له صفعة و قالت :
يا لك من وحش ! لقد صنعت هذا الوحش بنفسي !
الويل و الهلاك لك أيها المسخ !
ثم ازداد صراخها حدة ، و قام الحارس بإبعادها .
لقد كان بوسيدون بمثابة خيبة أمل ، و خيانة عظمى بالنسبة لماري و طائفتها ؛ حيث خالف جميع تعاليمهم المسالمة.
نصت تعاليم طائفة (.....) على العيش في سلام ، و تقبل الآخرين ، و محبة بني البشر ، و تنوير العقل الجمعي .
الحق أقول لكم : إنهم بعيدون كل البعد عن الواقع ؛ منذ بداية التاريخ الإنساني و الصراع مستمر بين العرق البشري ، ليس من أجل الوصول للحقيقة بل لإثبات صحة فكر ما .
في ظل تلك الظروف تبقى الإرادة حرة مجرد كذبة ، و حرية الاختيار فخ .
وحده الأحمق يشعر بأنه حر ، و لكنه ليس كذلك ، ولا يملك حتى القدرة على الإختيار .
العقل مقيد ، و القلب أيضا ، و تفقد القيم الأخلاقية معناها ، و يتساوى الفعل و اللا فعل.ما الفرق بين طائفة (.....) و بوسيدون ؟
- بوسيدون مفكر و مقاتل .وقف سايمون في منتصف القاعة و قال :
اليوم ننتصر لكل ما هو خير ، اليوم هزمنا المهرطق .اقترب من بوسيدون و سأله :
هل أنت الملك كما تدعي ؟أجابه قائلا :
نعم ، أنا الملك الحقيقي .سأله مجددا :
هل دعوت إلى حمل السيف ؟أجابه قائلا :
نعم ، فردوسي قائم بحد السيف .لم يهرب و لم يتراجع ، بل واجه الأمر بشجاعة و جرأة شديدة . وقف مكبلا بالأغلال ، نظراته تنطق بجميع الإجابات .
سأله مجددا :
هل تكترث بمصير الشعب ؟- لا ، لا أكترث
يا لك من وغد !
قال بوسيدون بتعجب شديد :
و لما يتوجب عليا الاكتراث بمصيرهم !؟
إنهم هالكون على أية حال ، و النصر من نصيب النخبة .اندهش سايمون ،و شعر لوهلة أنه يقف أمام الشيطان الحقيقي . بدأ يتراجع للخلف ، و قسمات وجهه تعبر عن الخوف الذي بداخله ،ثم وقف صامتا و كأنه فقد القدرة على التحدث .
تابع بوسيدون حديثه قائلا :
أنا ما كنت تبحث عنه . أنا اعرف نفسي جيدا ، أنا نيران و فوضى . نقيض ما تؤمن به ، أنا مطرقة و قاتل . لا تحاول أن تهزمني ! لا تحاول ! لأنك عندما تقف أمامي ؛ سأصبح أنا ما بداخلك .
عندما تغترف من النهر ، تصبح قطرة من قطراته .
عندما تخوض الحروب ، تصبح السيف .
أنت لا تعرف الموت ، أنا رأيته و تغلبت عليه ؛ لذلك لا يمكنك ان تقتلني .
جميع الأشياء ليست مقدسة بالنسبة لي ، و كذلك عقيدتكم غير مقدسة أيضا .
اعرف هذه الرائحة جيدا ، إنها رائحة الخوف ، اعتادوا عليها أيها الحمقى ! اعتادوا عليها !
هناك قانون واحد فقط يحكم عالمنا :
" المجد للسادة و المذلة للعبيد ."
لا أرى سادة اليوم بينكم ، الحق أقول لكم : لن تنجب تلك أرض شيئا أعظم مني !
لا ! لا ! لن أسقط اليوم ! لن أسقط اليوم !
أنا لست جسدا ، أنا الكون نفسه ، و من رمادي نهضت .هرع أحد الجنود إلى القاعة ، و هو يصرخ ليخبرهم بوفاة الملك .
مات الملك مسموما ، و على إثر ذلك الخبر سادت الفوضى في القاعة .
عندما سمع سايمون الخبر ؛ شعر بأن موته أصبح قريبا .
أغلقت الأبواب ، و حدث انقلاب غير متوقع ، حيث بدأ الجنود في إطلاق الرصاص على جميع الموجودين بالقاعة ، و تعرض بوسيدون لإصابة خطيرة ، و سقط سايمون صريعا .سقطت الأسرة الملكية بعد عشر سنوات من الحكم ، يا لها من مأساة !
الدماء تجلب المزيد من الدماء ، أليس كذلك ؟
الأفكار تستطيع أن تخلق الفوضى ، الكلمات تجلب الموت .أرى سقوط الأبطال ، و مصرع الملوك . قصة واحدة ، أحداثها تواصل التكرار ، بعدد لا نهائي ، حيث يعيد الإنسان نفسه ، حيث يصرخ المرء : إلى أين أسير ؟ و ما يتوجب علي فعله ؟
أين الطريق الصحيح ؟ لا يوجد طريق صحيح !
لا جدوى ! لا جدوى ! الكل باطل ! الكل باطل !
إلى أين نسير ؟
عيناي ! ماذا حدث لي !؟ و لماذا فقدت قدرتي على الرؤية ؟
نحمل الهزيمة ، و نحمل العار ، لقد ماتت جميع الآلهة القديمة .تذكر ! تذكر ! الوغد المحطم !
تذكر آمالنا ، أحلامنا الضائعة .
يا للهول لقد فقد العقل قدرته على تقييم الأشياء ._____________________________
١٥٢٢/٧/٣
وصلت إلى القصر بحلول المساء ، و سمح لي الحارس بالمرور ، و عندما دخلت القصر قالت الخادم :
لقد وصل اللاهوتي ، يا سيدتي .يا للعجب ! منذ عام كنت ساحرا ، و الآن أنا لاهوتي .
ربما الأمر متعلق بمظهري . الثياب السوداء ، و لحيتي ، و شعري الطويل ، و ملامحي الحادة .و بعد عدة دقائق جائت الأميرة الشابة ڤيكتوريا ، و رحبت بي و قالت :
لقد سمعت عنك الكثير ، أيها اللاهوتي .
لقد بدأت حقبة جديدة ، حقبة النبلاء ، و نحن الآن في حاجة لخدماتك .يبدو و كأن الأسرة الملكية الجديدة تحاول التعلم من أخطاء الأسرة السابقة .
الديمقراطية فكرة طفولية و ساذجة ، حكمت بالموت على سقراط ، و مازالت تحكم بالموت على الأقوياء و النبلاء ، و لحسن الحظ إنها قد تداعت و سقطت .
الإنسان في حالة بحث دائمة عن كل ما يفوقه قوة ، سواء كانت تلك الأشياء في الطبيعة أو خارجها .
فيما مضى ابتدع الإنسان الآلهة لتنظيم الحياة ، و الشيطان لتبرير الخطيئة.