اتنين في واحد

22 4 0
                                    

(اتنين في واحد)
الواحدة بعد منتصف الليل، ليلة شتوية باردة في أحد الشوارع الخالية ذات إضاءة خافتة تأتي من عمودي إنارة أحدهم تمرد على عمله ف بدأت إنارته في الارتعاش، زادت وتيرة الهواء البارد ف تبدد ثَبَات الأشجار ف أصبحت في حالة هياج، سار سائق سيارة أجرى عائدا من عمله ولكنه توقف فجأة أثر قطع في أحد إطارت سيارته، وكأن كل شيء في هذا المكان يتمرد،
نزل من سيارته ليبدل الإطار وأثناء ذلك لمح شيء تحت تلك الأشجار شيئا يشبه... يشبه يد بشرية!!
اقترب السائق في زرع وهمّ بفتح فلاش هاتفه مقترب لذلك الشيء الذي رآه وما أن تبين له ماهيته حتى صرخ صراخ شق له عنان السماء
يارباه ... هذه... هذه جثة... جثة مقتولة بطريقه بشعة للغاية!!
مرت حوالي نصف ساعة على ذلك المشهد... ف تبدل هدوء ذلك المكان إلى عجيج، فقد تحول لمسرح جريمة امتلاء برجال، وسبارت الشرطة ومتخصصي جمع الأدلة الجنائية، وحوط المكان بالكامل ب تلك الأشرطة الصفراء لمنع أي أحد غير المتخصصين بالتواجد
استمر الأمر حتى ظهر الرائد أشرف الحسيني دخل اللي المسرح يسأل زميله عن تفاصيل البلاغ ليخبره
- حالنا بلاغ من سواق تاكسي أنه كان ماشي من هنا ولقي جثة ل سِت مقتولة
سكت قليلاً ثم أكمل وهو ينظر لزميله بنظره ذات معنى
- مقتولة بنفس الطريقة
سأله أشرف باهتمام
- عرفتوا هويتها؟!
- مش هتصدق مين... الممثلة حسناء
قُطب جبين أشرف وهو يقترب نحو الجثة وهو يردف بثقة
- كده يبقى اللي أنا قولته صح، دي مش جرائم عادية... أحنا بنتعامل مع قاتل متسلسل بيستهدف المشاهير
__________________
في مَركز الشرطة
جلس أشرف أمام رئيسه في العمل بآخر ما توصل إليه
- يا فندم احنا بنتعامل مع قاتل متسلسل مش جرائم عادية، خلال خمس سنين لقينا جثث لأربع أشخاص وكلهم في شوارع جانبيه مفهاش كاميرات ومقتولين بنفس الطريقة
أول واحد كان مغني عنده 25 سنه
والتاني رسام عنده 22 سنه
والتالت كانت كاتبه شابه أقل من 20 سنه
وآخر حاجة كانت الممثلة دي واللي برضو صغيرة في السن
كلهم ناس معروفه، كلهم أقل من 25 سنه والأهم من كده كلهم تقتلوا بعد ما اسمهم سمع وبقى في كلام عليهم، دي مش صدفه يا فندم
والمشكلة مفيش اي دليل القاتل مش بيسيب اي أثر وراه
- انت عايزنا نقول للناس أن في سفاح ماشي يقتل في المشاهير ومش عارفين نمسك حاجه عليه، باقي اللي زيهم هيخافوا وهينقلوا الخوف الناس اللي متبعاهم ويتقلب الموضوع رأي عام، اسمع يا أشرف الموضوع دا يخلص فقرب وقت ومن غير ما الصحافه تشم خبر عن الكلام اللي انتَ قولته دا

عاد أشرف لغُرفة لمكتبه يُتابع سير القضايا، دخل زميله يخبره
- دا سجل مكالمات المجني عليها... آخر مكالمه كانت بينها وبين صحفي في جريدة(...)... اسمه حاتم والمفروض أنها كانت رايحه تقبله اليوم اللي اتقتلت فيه
نظر أشرف أمامه ثم أخبر زميله
- طب مستنين إيه ، طلع إذن بالقبض عليه وتجبهولي انهارده
____________________
داخل الجريدة كان جميع الصحافيين والعاملين يحتفلون بترقية زميلهم "سامر" ويقدمون له التهاني، عدا واحد دخل مكتبه دون الالتفات لما يفعلون ولا يكلف نفسه حتى بالمباركة له مثل الآخرين كان "حاتم" زميل سامر وصديقه من الطفولة ولكن تلك الصداقة بُترت من قِبل حاتم بعد تفوق سامر عليه في العمل.
أنهى سامر عمله في الجريدة وعاد لمنزله، توقف أثناء عودته أمام محل الزهور ليشتري باقة ورد رقيقة لزوجته "بتول"
وصل منزله أخيرا، فتح الباب ودخل ليجد زوجته تُحضر الطعام في المطبخ وتاركه سماعه أُذنها على الطاولة في الصالة فلم تَسمع صوت فتح الباب، أخذ السماعة واقترب من زوجته يحتضنها ويَضع لها السماعة قبل أن يُقدم لها باقة الزهور، أجلت بتول على حركته المباغتة ولكنها ما أن رأت زوجها حتى اطمأنت
- سامر خضتني
قالتها وهي تبتسم له قبل أن تنظر لباقة الزهور وهي تقول
- الله إيه الورد الحلو دا، دا ليا؟! بس إيه المناسبه؟! سكتت قليلا قبل أن تردف بسعادة غارمة
- لا، متقولش... أنت أخذت الترقية... مبروك ألف مبروك يا حبيبي أنت تستحقها
تبدلت ابتسامته للعبوث فجأة قبل أن يردف
- انهارده كل زمايلي باركوا لي واحتفلوا بيا... عدا حاتم تنهد وهو يقول... حاتم صاحب عمري
- عارفة يا بتول أنا كنت هقول لرئيس التحرير انهارده يدي له هو الترقية دي... يمكن دا يصلح صداقتنا تاني
احتضنت بتول وجه زوجها براحه يدها وهي تردف بحنان
- متزعلش نفسك يا حبيبي دي مش غلطتك أنت تعبت عشان توصل للمستوى دا... دي غلطته هو، غلطته انه مضايق من نجاح صاحبه
إماء لها برأسه وسحب راحة كفها يُقبلها بحب وامتنان على دعمها الدائم له

في نفس الوقت وأثناء عودة حاتم لمنزله وجد رجال الشرطة توقفه وتريه إذن القبض عليه
ليسألهم بتوتر
- ليه؟... ليه مطلوب القبض عليه؟!
- تعرف كل حاجة لما تيجي معانا
داخل غرفه التحقيقات
دخل أشرف ليجد حاتم يجلس في انتظاره، جلس على الكرسي أمامه وهو ينظر له بهدوء ذاد من توتره
- أستاذ حاتم... أحنا عرفنا من الجريدة عندك أنك كنت هتعمل حوار صحفي مع الممثلة حسناء يوم الاثنين اللي فات... اليوم اللي اتقتلت فيه، أنت كلمتها عشان تتقبلوا... وبعدين جالها رسالة منك أنك مستنيها بعربيتك تحت بيتها ولما رجعنا كاميرات المراقبة اللي قدام بيتها لقينا عربيتك وقفت وحسناء ركبت معاك
بأن الزهول والتوتر على وجه حاتم من الكلام والتفاصيل التي يخبره بها أشرف... ف أردف وهو يخرج منديلا من جيبه يجفف به حبات العرق المتكونة على جبينه من فرط التوتر
- حضرتك أنا فعلا كلمتها عشان اللقاء الصحفي وهي صممت انه يتم في بيتها عشان ماكانتش موافقة نتقابل في مكان عام
بس الباقي محصلش، اللي حصل أن وأنا في الطريق العربية عطلت بيا وودتها للميكانيكي ولما حاولت أكلمها اعتزرلها عن المعاد ملقتش تليفوني كنت ناسيه في المكتب
نظر له أشرف وهو يردف بغير تصديق
- والكاميرات اللي جايبه عربيتك تحت بيتها وهي بتركب فيها؟
فهتف حاتم بخوف من وضعه الحالي
- معرفش، صدقني هو دا اللي حصل... أنا ما قبلتهاش
وقف أشرف وهو يهتف بعصبية
- واضح أنك عايز تشرفنا هنا شويه لحد ما تفتكر اللي حصل بالضبط
خرج أشرف من الغرفة، سمع صوت هاتفه فوجدها مكالمة من معمل الطب الجنائي يخبروه بأنهم وجدوا عينة من القاتل (جزء من جلده) تحت أظافر المجني عليها... ويستطيعوا أن يطابقوها مع المشتبه بهم
فرح أشرف أثر تلك المعلومة ف هُم لم يجدوا أي دليل من قبل يدلهم على القاتل كما أنهم لم يتوصلوا لأي مشتبه به من قبل ولكن تلك المرة وجدوا المشتبه به والدليل لا ينقصهم سوى تطابق العينات
__________________

مر يومان من التحقيقات جاءت ناجية تحليل البصمة الوراثية التي أجرت لحاتم... دخل أحد زملاء أشرف يخبره بأن
- التحليل جات من المعمل الجنائي
نظر له أشرف باهتمام ليكمل الآخر
- بس العينة مش منطبقة
- يعني العينة مش منطبقة والميكانيكي اللي حاتم قال إنه راحله بالعربية أنكر أنه شافه وكاميرات اللي في الورشة كانت عطلانه يعني مفيش دليل قاطع إذا كان راح فعلا ولا لا
سكت أشرف قليلا ثم أكمل
- اسمع أحنا فاضلنا نعرف إذا فعلا كان ناسي موبيله في المكتب اليوم دا ولا لا... لازم نروح الجريدة ونشوف الكاميرات اللي هناك يمكن نقدر نوصل لحاجة
ذهب أشرف اللي الجريدة وطلب رؤية التسجيلات ف أخبره رئيس التحرير أنه يوجد كاميرات مراقبة فقط خارج المكاتب ولمشاهدة التسجيلات لاحظوا دخول أكثر من شخص إلى مكتب حاتم بعد خروجه عامل البوفيه، المصور الذي يعمل معه وزميل لحاتم
______________
أحضر أشرف حاتم ليكمل التحقيق معه
- إيه مش ناوي تعترف... الميكانيكي اللي قولت أنك روحتله أنكر... كل حاجة بتقول أنك قبلتها
مسح حاتم على جبينه بتعب قبل أن يقول
- أنا مقبلتش حد... ومليش علاقة باللي حصلها لا هي ولا الأربعة اللي قبلها... بس أنا في حاجة عايزه أقولها
نظر له أشرف باهتمام ليكمل
- الرسام اللي اتقتل من حوالي سنتين... أنا شوفته راكب مع واحد أعرفه في اليوم اللي اتقتل فيه... كنت ماشي بالعربية بليل ولمحته معه في العربية-
مين الواحد دا... وزاي ماتبلغش عن حاجة زي دي؟!!
هتف بها أشرف ليبرر له حاتم قائلا ً
- مبلغتش لأن وقتها مجاش في دماغي أنه ممن يكون ليه علاقة بموضوع موته... واللي كان معه زميلي في الجريدة... اسمه... سامر
..
يُتبع..

حكايات من واقع آخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن