اتنين في واحد (الجزء الثاني)

15 1 0
                                    

في مكتب أشرف جلس سامر الذي تم إحضاره للتحقيق معه بشأن وجوده في مكتب "حاتم"
سأل أشرف الجالس أمامه، برسمية
- أستاذ سامر أنت سوفت تسجيلات الجريدة وأنك دخلت مكتب زميلك حاتم في غيابه؟
رد عليه سامر بثبات
- ايوه دا حصل
- ليه؟!
- هو إيه اللي ليه حضرتك؟!
- دخلت مكتبه في الوقت دا ليه؟!
- حضرتك المكتب دا كان مشترك بيني وبين حاتم... ولما اترقيت من يومين نقلت مكتب جديد، ف أنا لسه ليا متعلقات في المكتب
قطع أشرف كلام سامر يسأله
- لما دخلت كان في تليفون على مكتب زميلك؟!
رد سامر عليه بضيق
- مش فاكر
- انت تعرف(....) المغني ، اتقبلتوا قبل كده ؟
تعجب سامر من ذلك السؤال، ولم يفهم علاقته بذلك التحقيق
فأجابه بالنفي
- متأكد
- ايوه طبعًا
- يوم الاثنين، اثنين يناير بين الساعة تسعه وعشرة كنت فين؟!
- كنت مع مراتي
طلب أشرف حضور بتول
سألها عن مكان زوجها وقت وقوع الجريمة توترت بتول قليلًا  ونظرت لزوجها قبل أن تؤكد على كلام سامر بأنه كان معها...
أطلق أشرف سراحهم بعد ذلك التحقيق...
_____________________
عاد كل من بتول وسامر إلى منزلهم
سألت بتول زوجها بتعجب ظهر آثاره على وجهها
- هو إيه اللي بيحصل دا يا سامر، ليه كل التحقيقات دي؟!
هو بجد حاتم عمل كده؟! وليه يدخلك في الحوارات دي؟!
أنا مش قادرة استوعب
اقترب سامر من بتول يحتضنها وهو يقول لها
- متشغليش بالك، الموضوع انتهى
حاول كل منهم تجاوز ذلك الموقف
حتى خلدوا للنوم ف سمع سامر صوت طرقات على الباب، ذهب ليرى من الزائر في ذلك الوقت... لكنه وجد أخر شخص قد يخطر على باله، نظر سامر وراءه ليتأكد أن بتول لم تستيقظ
ثم هتف في الواقف أمامه
- انت ايه اللي جابك هنا ؟
- ايه اللي جابني ؟! ، جاي اشوفك عملت ايه بالعربيه اللي اجرتها من الورشه ؟
اقترب أشرف منه يهمس بغضب
- وطي صوتك
- مش هوطي صوتي ... العربيه اللي انت اخدتها صاحبها ممسوك في قضيه قتل و..
قطع سامر كلامه ليردف بنبره تهديد
- اسمع انت هتمشي من هنا ..انا لا شوفتك ولا انت شوفتني دا لو مش عايز اللي مشغلك يعرف انك بتأجر العربيات اللي في الورشه من وراه... والله واعلم اخدت عربيه الراحل ورحت عملت بيها ايه مش جايز انت اللي قتلتها ؟!
- بقولك ايه انا مش هروح في داهيه لوحدي .. لو حد عرف انا هقول كل حاجه
قالها ذلك الفتى ثم غادر من أمام سامر، ظفر الأخير بنزق واغلق الباب، وسار متجهًا لغُرفة مكتبه
غفلًا عن تلك الواقفة خلف باب غرفتها واضعه يدها على فمها
لتمنع شهقاتها
وغيمة كثيفة من الأفكار تكونت في رأسها...
مَن هذا؟!
وعن أي سيارة يتحدثون؟!
هل لزوجها فعلًا علاقة بتلك القضية؟!
ف هو في ذلك اليوم جاء متأخر عن معادهم أكثر من ساعة، ولكنها لم تشئ ذِكر ذلك أمام اَلشُّرْطِيّ حتى لا تُدخل زوجها في مشاكل وهي متأكدة بأن لا شأن له بتلك القضية، ولكن الآن وبعد ما سمعت... هل أخطأت عندما كذبت؟
وجدته يدخل غرفة مكتبه وظل بها قُرابة الساعة ثم عاد لغُرفتهم،   ف ادعت هي النوم ولكنها لم تتذوق منه شيء تلك الليلة حتى الصباح، ذهب سامر لعمله وبقت هي مع صوت عقلها التي لم يهدأ مُنذ أمس... تذكرت دخوله لغُرفه مكتبه والفترة التي قضاها فيها فقررت أن تذهب إليها وتبحث بها، لا تعلم عن ماذا ولكن عن أي شيء يَهْدَأ عُنفوان أفكارها؛ ظلت تبحث فلم تجد إلا اوراق خاصة بعمله لم يلفت انتباهها غير ذلك اَلدُّرْج المغلق، بحثت عن المفاتيح كثيرًا ولكن لم تجدها
انتظرت مجيء زوجها التي لاحظ تغير حالتها ف سألها وهو يضع كف يده على وجهها
- مالك يا بتول ؟ ، مش عجباني من الصبح ، انتِ في حاجه تعباكي ؟
هزت رأسها نافيه وهي تحاول الابتسام له
- انا كويسه ، شويه ارهاق مش اكتر
قالتها، وبداخلها تلوم نفسها، كيف سمحت لنفسها أن تُفكر في ذلك؟ هي أكثر شخص يعرف سامر، يعرف حنو قلبه، كيف لها أن تعتقد أن له علاقة بموضوع كهذا؟!
ف قررت أن تُعرض عن تلك الأفكار، ولكن اولًا ستفتح ذلك اَلدُّرْج لتُثبت لنفسها خطأ ظنها
انتظرت حتى غط سامر في النوم وأخذت المفاتيح من جواره، ذهبت لغرفة المكتب وفتحته....
_____________
فتح سامر باب مكتبه بعنف
ف أجفلت بتول، ووقعت تلك الأوراق والصور من يدها، ظل ينظر لها بثبات ثم مال ليجمع تلك الأوراق "مذكراته" وما بها من صور واقترب يضعها مكانها بِالدُّرْجِ بجوار بتول تلك التي شلت الصدمة- مما قرأته منذ قليل- حركتها فظلت واقفة كالتمثال لا يتحرك بها سوى سيل دموعها، اغلق هو الدرج واقترب منها يمسك يديها ويهمس لها
- ما ينفعش تفضلي صاحيه لحد دلوقتي ، هتتعبي
نطقت هي بصوت متقطع واهن وهي تُشير على الدُرج
- ايه دا ؟! ، ايه اللي انت كاتبه دا يا سامر ؟... الكلام دا مش صح،مش كده يا سامر ؟..... انت ... انت مقتلتش .. مقتلتش يا سامر مش كده ؟!
مسح دموعها وهو يتحدث بطريقه غريبه عليها جعتها تشعر أن الماثل امامها ليس الا مريض نفسي ... مريض نفسي خُدعت به كل ذالك الوقت
- هما كانوا يستهلوا يموتوا ، متزعليش عليهم ، دول اخدوا حاجه ما يستهلوهاش مش من حقهم ما تعبوش عشانها .. وغيرهم تعب وما اخدش حاجه ، وكان بيتعذب بنجحهم .
وضعت بتول يدها على فمها من الصدمه
واستمر سامر في الاسترسال بثقه ، ثقه منافيه تمامًا لما يقول
.... قص عليها ما عَنىٰ منه في طفولته من تنمر بسبب ضعفه الدراسي، كان يقضى الليالي في المذاكرة ولا يُحصل شيئا وكيف كان يرى زملاؤه بمجهود بسيط يتفوقون عليه... كان لا يَلقى لذلك بال في البداية ولكن ما كانت تفعله والدته به من عقاب هو ما جعله هكذا يكره نجاح أي شخص،
نزلت دموعه وهو يقصّ لها كيف كانت أمه تقوم بحبسه لأيام، كيف كانت تنهال عليه ضربًا، كيف كانت تتفنن في عذابه وهي تلقى عليه سيل من المقارنات بينه وبين اقرنائه المتفوقين والناجحين... وانه أستمر على ذلك الحال حتى دخل الجامعة وتوفيت هي... وقرر أنه سيُعاقب كل من يراهم لا يستحقون النجاح
مسح دموعه وعاد لثباته وهو يقول لها
- كل اللي كانت بتقارني بيهم كانوا بيحققوا نجاحهم بالغش والكدب والخداع ، مفيش حد فيهم تعب في اللي وصله ، محدش فيهم يستحق النجاح دا ....عشان كده اي حد بينجح من غير ما يتعب ..لازم يتعاقب
ابتعدت بتول عنه وهي تحرك رأسها بدون تصديق قائله
- انا مش مصدقه،مش مصدقه اني اتخدعت فيك يا سامر
...انت مين عشان تحدد أن الشخص اللي قدامك نجح بعد تعب ولا لا ؟
أنت بتشوف النجاح ومش شايف اللي ورآه... وحتى لو من غير تعب أنت مالك... ليه تركز مع نجاح اللي حواليك وتشوف مين تعب ومين ماتعبش، لو كنت ركزت مع نفسك كنت حققت كل اللي انت عايزه
سكتت قليلًا قبل أن تردف بانكسار
- دا أنت حتى اتجوزتني عشان أنا أقل منك وعندي إعاقة وحد مش ناجح... مش دا اللي أنت كاتبه عني وأنك اخترتني عشان تفضل شايف نجاحك في مراية ضعفي...
قطعها سامر عندما اقترب منها يضُمها إليه وهو يهمس بهدوء
- بتول، أنا بحبك... أحنا ننسي كل حاجة ونكمل حياتنا أنا محتاجك ، وانتِ محتجاني... لازم ننسي كل دا
في صباح اليوم التالي استيقظ سامر ليجد بتول جالسه على الأريكة في صالة منزلهم... ذهب لها وجلس أمامها، مسك يدها يُقبلها، كان وجهها خاليًا تمامًا من أي تعابير
نظر لها وهو يُردف
- بقيتي أحسن مش كده...
منعه صوت جرس منزلهم من الاسترسال في الحديث... نظر لبتول بشك للحظات ثم ذهب وفتح الباب ليتأكد ظنه وجد رجال الشرطه أمامه... اطاعت بتول صوت ضميرها واتصلت  بالشرطه واخبرتهم بكل شئ ولكنها لم تجد المذكرات في الصباح ولا تعلم اين اختفت... نظر سامر لها بغير تصديق انها فعلت ذالك فوجد حالتها تبدلت، ف وجهها الخالي من التعبير تحول، ليمتلئ بالشفقه والحزن وغابت عيونها خلف امواج دموعها وهي تراه ورجال الشرطه يضعون تلك الاساور الحديديه في يده ويأخذوه ويرحلون
_________________
في مكتب أشرف
جلس سامر أمامه بثبات وهدوء غير لائق بشخص متهم بقضايا قتل
نفي سامر علاقته بأي شيء يخص تلك القضايا قائلًا
- حضرتك عندك دليل على كلامك دا؟!
- مراتك شهدت عليك
- بتول أعصابها تعبانه اخر فترة... وطلبت منها كذا مرة نروح لدكتور ورفضت... بأمارة أنكم مالقتوش المذكرات والصور اللي قالت عليهم
ظل أشرف ينظر له للحظات قبل أن يمسك سماعه الهاتف ليطلب من مختصين الطب الجنائي أخذ عينه منه لمطابقتها (ب عينه القاتل التي وجدوها بالجثة) توقف عندما سمع سامر يُردف
- أنت إيه اللي مخليك متأكد أن إلى ماتوا أربعة بس... ما يمكن اكتر من كده... بس ك عادة البشر مش بياخدوا بالهم غير من الكام واحد اللي بيلمعوا بس، الباقي مش بيتشاف
ضيق أشرف عينيه ينظر للجالس أمامه دون فهم
- قصدك إيه؟!
- قصدي يريت تخلصوا كل الإجراءات وتسيبني امشي... مش هينفع اسيب بتول لوحدها أكتر من كده

تم إجراء التحليل البصمة الوراثية والتي جاءت نتيجتها صارمة لأشرف... ف نتيجة التحليل... سلبية!!
.
.
.
يُتبع

حكايات من واقع آخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن