عتمة الظلام

15 6 5
                                    

سأحدثك عما حدث .

لقد كنت أراقب ذلك الفتي منذ سنة مضت أعلم أنه من المخطئ أن يراقب أحد من عالم الظل أحد من بني البشر قبل أن يبلغ العمر القانوني لوجوده مع الفرد المميز، وأن إذا علم أحد ذلك سوف يلقى حتفي وعقابي بعدم الظهور مع قريني من البشر، ولكنني لم أكن أريد أن أفعل ذلك فقط فعلت ذلك لكي أطمئن أنه بخير ويبقى سالما، حالما ابقى بجانبه وأعينه على حياته تلك.
لكن لم أفعل ذلك عن قصد لقد عدت إلى المنزل كعادتي، ووجدت شيئا يتكلم وكأنه يتكلم في أذناي، لقد كان ذلك الفتى يحادث نفسه في غرفته، لم يكن هناك أحد بجانب غادرته عائلته ولم يكن له عون في هذه الحياة، حتى الاصدقاء لم يحظى بهم، رغم أن الجميع يعلم أنه شخص جيد.
كانت هذه كلماته في تلك الليلة حتى أن عيناي جفت من البكاء، وقتها قررت مراقبته خوفا من أن يهلك نفسه.
اندهشت مريم فهي لم تكن تعلم أن ياسر يراقب عالم البشر منذ سنة لقد علمت مؤخرًا ذلك بعدما أخبرها ياسر قبل بضعة أشهر وقد حذرته من ذلك، قاطعت تلك النظرات كلمات ياسر قائلا.
نعم لم تكن تعرف مريم بهذا الأمر وقد عرفت مؤخرًا وحذرتني، لكن خوفي الشديد على ذلك الفتى هو الذي أدى إلى ذلك.
وقد حدث اليوم بالفعل لقد كنت أراقبه وقد ذهب إلى مكان عند الهاوية لكي ينتحر لم أكن أملك شيئا سوى إنقاذه، قفز من ذلك المكان وقفزت ورائه من عالمنا لإنقاذه وقد فعلت، لكن مريم قد تبعتني بدون قصد إلى هناك واصطدمت ساقها بذلك الفتى وكاد أن يغمى عليها من المكان، لم أكن اقدر أن اتركه فذ ذلك المكان خوفًا من أن يصاب بأي مكروه، وعدت به إلى منزله وها هي المصيبة التي أملكها هي هاتف ذلك الفتى.
اندهش خالد من كلمات ياسر لم يكن يعرف ما الذي أتى بهم إلى هنا بعد تلك القصة، ولكن نالت كلمات ياسر إعجابه، ثم صمت قليلا وقال.
_ ليه جيت هنا عايز إيه ؟
مريم قالت ليا أنك خبير في أدوات عالم البشر والتكنولوجيا بتاعتهم .
اندهش خالد بعدما علم الطلب الذي يريده ياسر من دون أن يطلبه ثم قال .
_ أنت عايزني أفتح ليك التليفون بتاعه ؟
هز ياسر رأسه قائلا أيوه.
وقف خالد وبدأ يسير حول المكتب بإتجاه كرسي ياسر ثم وضع يده على كتف ياسر.
أرتبك ياسر ظنًا منه أنه سوف يمسكه بيديه، ثم تابع خالد حديثه قائلًا.
_ هسألك سؤال يا ياسر وبعدها هحدد إذا هساعدك وإلا هقولك تمشي.
_ أنت قررت ليه تساعده وتنقذه وترجعه البيت؟
إبتلع ياسر نفسه، ثم قال: أنا هبقي كداب لو قولتلك مش علشان نفسي، بس هقولك اللي حسيته وقتها.
انا بس هختصر كل الكلام اللي ممكن يتقال، في حاجه واحدة بس، لأنه يستحق ذلك يستحق أن يعيش الحياة كما أرادها.
ابتسم خالد ابتسامة لياسر لم يبتسمها من قبل وشعر أن ذلك الفتى الطائش الذي عرفه سابقًا لم يعد يفكر في نفسه كما كان سابقًا، ثم اتجه نحو المكتب وقال .
_ أنا هساعدك ولو احتجت أي حاجه أنا هنا، ثم أمسك بالهاتف وبعد لحظات قام بفتحه وأعطاه لـ ياسر.
بدأ ياسر يتصفح هاتفه وبدأ يرى حسابه على بعض المواقع ثم وجد آخر منشور نشر كان قبل محاولة إنتحاره، قرأه وذهل منه ثم قال بصوت عالٍ.
كان عايز حد يساعده ويقوله لا بلاش ويحل اللغز اللي هو واضح من الكلمات.
نظرت مريم وخالد له بإندهاش ثم قالا في نفس واحد كلمات إيه ولغز أيه.
ثم بدأ ياسر يقرأ بصوت عالٍ:
الجميع يظن أنك ذلك الجميل الذي في الصورة .
لكنك تعرف نفسك جيدًا تعرف ما مررت به، تعرف الأخطاء التي اقترفتها طوال حياتك، تعرف جيدًا ما أنت عليه في هذه الحياة؛ وما هي الحقيقة التي لا يعلمها أحد سواك.
في الحقيقة تجد نفسك بين ظلام جسدك الذي لن ينحل بكل ضوء الحياة وأنك سوف تبقى بذلك الظلام إلى النهاية، ذلك الظلام سيبقي أثرًا حتى الموت، لازلت أحاول إخفاءه عن الجميع وإذا خرج هذا الظلام للخارج حل الليل على العالم ليصبح في سواد كامل حتى تلك النجوم والقمر لن تضيء بمقدار عود ثقاب تشعله في عتمة الظلام.
لذلك يجب أن تعرف الحقيقة وأنه يجب عليك المغادرة قريبًا، يمكنك الانتظار لحلول الليل في تشرين الثاني الموعد عما قريب .
رغم ذلك ورغم تلك الرسائل التي كتبتها عندما يحين الوقت لن يفهمها أحد الجميع يقرأ ولكن لا أحد يعرف ما تخفيه الكلمات فقط على كلٍ لا يهم دعنا نبدأ من اليوم حالما ننتهي نترك آثرًا جميلًا أو البعض من الظلام لتحل اللعنة، عليك معرفة ما تخفيه الكلمات.

اندهش الجميع من تلك الكلمات، ثم نظرا خالد ومريم لـ ياسر نظرة إندهاش.
خاف ياسر من نظراتهم، ثم قال مسرعًا.
_ والله ما عملت حاجة.
ثم قالت مريم بضحكة .
هو ياسر العبيط هيبقى ده لما يكبر، وتقول كلام حكم زي كده لا لا ياربي مستحيل .
ثم ضحك ياسر وخالد ثم قال ياسر.
مريم احترميني حتى قدام إبن عمك، ثم يا ستي مالي أنا مالي.
قاطع تلك الكلمات خالد قائلًا
_ياسر أنت لازم ترجع التليفون ده مكانه.
بس أحنا لسه معرفناش سبب الانتحار.
قاطعت مريم ذلك الحديث والله انت فعلاً عبيط يا ياسر أنت لو ركزت في الرسالة هتعرف أنه حياته كلها غلط ثم مش انت قولت يا ياسر أن الدنيا جايه عليه جامد.
ضحك خالد وقاطعه ياسر.
لاحظي أنك بتتكلمي عني فخدي بالك بقى يا مريم، ثم اي الدنيا جاية عليه جامد ثم مش هو ده اللي مستغربة أنه بيكتب كلام فصحي أنت نفسك مش هتعرفي تكتبيه.
مريم ولازالت الضحكة على شفتيها قائلة.
_ بس بس أنت نسيت نفسك ده أنت ساقط اصلا عوالم أرضيه قبل كده.
قاطع خالد ذلك الحديث.
_ بس بس أنت وهي انتوا هتعملوا مشكلة وإلا إيه، يلا يا ...
وقبل أن يكمل خالد كلامه عم الصمت المكان فجأة وبدأ ينظر الجميع لبعضهم، ثم قالت مريم مرة أخرى .
_ أنا قولت جلاب المصايب.

خفايا لا ترىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن