قرار مصيري

52 8 0
                                    

#قصة_نار_غيرته_أحرقتني
#عواطف_العطار
كانت سالي تجلس على كرسيها المتحرك منتظرة والدها الذي اعتاد أن يأخذها يوميا من الجامعة بعد انتهائها من المحاضرات وذلك لخوفه الشديد عليها ...
اخبر الطبيب أنها سوف تقدر في يومٍ ما ان تسير على أقدامها ولكن هذا لن يحدث إلا إذا استطاعت هي مساعدة نفسها في الاستمرار على العلاج الطبيعي و ان تتهيأ نفسيا لهذا...
لذا ظلت سالى لمدة خمس سنوات في جلسات العلاج الطبيعي دون أي تطور ملحوظ و هذا بسبب فقدانها الأمل و الثقة في أن تعود للمشي مرة اخرى ، لذا اخبر الطبيب والدها بأن العامل نفسي وليس عضوي ولكن مع هذا لم يستسلم والدها ابدا.....
- اعتذر يا حلوتي ، تأخرت عليكِ قليلا...
- لا عليك يا أبي ، كنت أدون بعض الملاحظات من زميلي عادل التي كانت تنقصني في المحاضرة الاخيرة...
رفع الاب رأسه لينظر للشاب الواقف مبتسما و يمد يده للترحيب ، فرحب به و قال
- شكرا لك يا بني ، لقد تعبناك معنا...
- لا عليك يا عمي ، لقد اعطيت رقم هاتفي لسالي في حالة سؤالها عن أي شيء بالمحاضرات ...
- انه من متفوقين الفرقة يا أبي..
- بارك الله فيك يا ابني و حفظك ، شكرا لك...
ودع عادل الاب و سالي و رحل ...
كانت عيون سالي تلمع و هي تنظر له بشكل لفت انتباه الأب ، في النهاية هو يعلم ابنته جيدا ، انها تبدو مختلفة...نظرتها...ابتسامتها... خجلها....
كان الأب غير محب اختلاط ابنته بالشباب ، اولا لانه يغار عليها و يحبها و يكره لها السوء ، ثانيا خوفا من كسر قلبها .....فهي ذات اعاقة و نادرا ما تجد من يتقبل صحبتها ...
تنهد الأب دون الحديث عما يجول في خاطره و امسك بالكرسي من الخلف و اكمل الطريق نحو المنزل متحدثا معها عما حدث في يومها....
كانت الأيام التالية يلاحظ الأب انشغال سالي بالساعات أمام الهاتف ، رغم انها لم تكون عادتها ، ولكن هناك العديد من الرسائل و العديد من الردود و الابتسامات و الشرود...
كان هذا يمزقه ، هذا مرفوض و لكن ماذا إن رفض ما تفعله؟ و فعل مثل الطبيعي واذ هاتفها و منعها من تلك المهزلة ... لالا انها مريضة. ... يكفي انها خسرت قدمها بعد الحادث...إذا فعل هذا... سيحطم ابنته...أنها سعيدة انها مرغوبة كأي فتاة طبيعية و ليست كتلك الحالة...
إذ منعها سيمزق آخر خيط في ثقتها في نفسها.... لا لن يحطمها... فدعها تحب مثل أي مراهقه في سنها...حتى وإن كسر قلبها.... لن يكون هو السبب... لن تلومه لانه ضيع فرصتهاا الأخيرة في أن يحبها أحد...
و لما لا؟؟
لما لا يكون يحبها حقا و يقبل بها كما هي؟؟
تنهد و نظر للجريدة و تظاهر بأنه لم يفهم شيء و أن تلك التصرفات عادية....
________
كان عادل يسير مع سالي و هي تحرك كرسيها المتحرك و يسير هو بسرعة مناسبة للكرسي حتى لا يحرجها...
علم عادل من سالي ان بامكانها العودة مرة اخرى للسير و لكنها لم يكن لديها الثقة الكافية لذا...
اتفق معها ان ينتظر والدها اليوم ليطلب الإذن منه ان يذهب معها في جلسات العلاج الطبيعي ليشجعها ...
وكانت سالي متحمسة كثيرا للفكرة...
جاء الاب وتحدث معه عادل عما اتفقا عليه ، كان الأب مشوش قليلا هل يقبل ام لا؟
ان الشاب جيد يريدها حقك ، يرغب في أن تعود افضل ... لما لا...
- حسنا يا بني لا مشكلة...
ابتسم عادل ، واخذت سالي تسقف بحماس طفلة و تتحرك في كرسيها بسعادة ، مما أشعر الأب ببعض الطمأنينة تجاه عادل ...
- اه يا بُنيتي ، لو نجح الامر ، وعادت صحتك كالسابق ، لن أندم أبدا على قراري بأن تستمري مع هذا الولد...
مرت الأشهر...
مرت ١٠ أشهر...
و بالفعل عادت سالي للسير و لكن بعكاز حديدي و لكن بمفردها ،تذهب و تعود بمفردها....
كان هذا كافيا ليجعل الأب يطير فرحا و كأن الحياة كلها قد عادت مرة اخرى له ، وكأن الشمس أشرقت في وجه ابنته مرة أخرى...
وأقام حفلا بسيطا في المنزل بتلك المناسبة ودعا فيه كل أصحاب و زملاء ابنته في الجامعة و عادل بالطبع....
-------------
وقفت سالي بعكازها فرحة للغاية و بدأ الجميع في المباركة لها لشفائها ، إلا أن عادل كان واقف متجهم ، غير مبتسم ، كاشر الوجه ، والغضب يملئ عينه...
تقدمت سالي نحوه قائلة
- ماذا بك ؟ ، هل حدث شيء؟
نظر لها نظرة احتقار لم تفهمها في البداية و ظلت تنظر له منتظرة الإجابة عن أسئلتها
- من هذا؟
وأشار بإصبعه نحو شاب ما في الصالة...
- انه زميلي بالجامعة..
- حقا!!
- نعم، ماذا هناك؟؟
- هل من الطبيعي أن يقبل والدك زملاء رجال لكِ؟؟؟
- ماذا؟؟؟ ، وما المشكلة ؟ ، انه كأخي وانا لا اخفي عن أبي شيء وهو يعلم أخلاقي..
- اخلاق!!! ، نعم اخلاق!! ، أخلاق أسرتك غريبة..
- ماذا؟ ماذا تقصد؟؟
- أعني انه يعلم بهذا و يقبل لانك فقط صريحة معه و تحكي له كل شيء ، كان من المفترض أن يكسر رقبتك....
- ولما يفعل هذا؟ ،ثم انه يعرفك انت ايضا!!
- انا؟ ،هل تقارن بيني و بينه؟ ، انا وانتِ مختلفان عنه ، ثم هل تقصدي انك تتعاملي مع كل الرجال مثلي ؟؟
- لالا اقسم لك ابدا ، انه مجرد زميل لي فقط ، اما نحن فنحب بعضنا و سنتزوج الامر مختلف و لكن اقصد.
- (قاطعها) لا لا يكفي تبرير ، قلتي ما يكفي ، سأذهب..
- ماذا ؟ ، لماذا؟؟ عادل هل تمزح؟؟ انه يوم مميز لي...
- حقا ؟ دعيه هو يحتفل به معكِ انتِ ووالدك إذا....
ثم تركها و ذهب امام ذهول من تصرفه ، ذهبت للحمام و اخذت تبكي و تقتل نفسها من التأنيب و الجلد الذاتي و انها مخطئة...
وانتهت الحفلة و ظلت تراسله دون فائدة وكلما رد عليها وجه لها الاهانات
انها غير مهذبة
و أن والدها يسمح لها بأشياء غير مقبولة
وأنها كاذبة
وغيره و ظلت تحاول و تحاول الدفاع عن نفسها ، و الكثير من البكاء المكتوم....
مر الأمر و تصالحا بعد ثلاث ايام من العتاب و البكاء و لقوتها لم يعرف والدها بشيء و لم يلاحظ بكائها...
لاحظ تورم عينها و اخبرته انه بسبب السهر للمذاكرة و الإمتحانات ، كانت بارعة في تمثيل انها بخير ،ورغم احساس والدها بالعكس إلا أنه كان يراها تبتسم و بخير لذا كذب احساسه و ترجمة انه قلق أب على ابنته لبس اكثر...
--------
مر شهرين اخرين على سالي ولكن اصبحت تمشي الان دون عكاز و لكن ببعض من الحذر ، لازالت تحت العلاج و الملاحظة...
ولكن رغم هذا كان عادل قد تغير معها كثيرا ، كان يعاملها بلطف كثيرا اثناء مرضها و لكن الان أصبحت موضع اتهام دائم و اي شيء وكل شيء اصبح لسبب ما و كأنها دائما مذنبة
و كان هذا ينعكس على صحتها و لكن كانت تحاول ألا تعود لنقطة الصفر بعد أن وصلت لتلك النقطة في تقدم صحتها ....
_______
بدأت سالي بالاشتراك في نشاطات وفعاليات طلابية والتي كانت صعبة سابقا بسبب مرضها اما الآن فأصبح الأمر أسهل...
ولكن أصبح الأمر أشد مع عادل ...
هو لم يغار من نجاحها ، بل يغار عليها من اي شيء ، اي شخص ...
حتى صديقاتها أصبحوا موضع اتهام ، اذا تحدثت معهم قليلا يغضب و يخبرها انها تحبهم اكثر منه...
كان يحبها لدرجة التملك ، هي لي أنا فقط...
لذا كانت كلما سطعت في مكان ما ، يغضب ، لأنها ستكون قريبة من العديد من الأشخاص وهو يريد منها أن تكون له فقط...
كان يحبها بجنون و بغيرة كالنار، التي تكاد أن تحرقهم سوا...
الكثير من الصراخ و البكاء و التبرير و كل شيء ...
أصبح الوضع النفسي لكلاهما صعب...
اصبحها كالنار و البنزين ، إذا اقتربا اشتعلا...
و لكن من كثرة الحب ، من كثرة الحب كان يقتل كلا منهم الأخر...
مرت الحال هكذا ٦ اشهر من النيران التي لا تهدأ حتى حدث ما كانت تخاف منه سالي...
_____
تشاجر كلاهما في يوم شجار كبير جدا ، حول انها اصبحت منحرفة و قليلة الأدب ، وانها يجب ان تسمع كل حرف يقال لها منه ، وأنه سيعيد تربيتها مره اخرى لانها غير مهذبة ابدا....
دافعت سالي عن نفسها و تلك المرة طلبت الإنفصال و لكن فاجئها بضربة قوية افقدتها الوعي...
لا تعرف لمتى ظلت فاقدة لوعيها...
ولكن عندما استيقظ وجدت نفسها مربوطة بكرسي و قدمها مرفوعة و مربوطة بكرسي مقابل لها و هناك مسافة بين الكرسين لتسمح لها بفرد قدمها بشكل جيد...
نظرت حولها و كانت في مكان لا تعلمه ، ولكن وجدت عادل يتقدم نحوها...
- عادل...عادل انجدنى...فك قيودي...
- سأفعل حبيبتي لا تقلقي ، سأفعل....
- حسنا هيا الآن...
- ليس قبل هذا...
نظرت سالي ليدي عادل فإذا به يحمل شاكوش كبير الحجم ، يكفي تكسير غصن شجرة...
نظرت له و الدموع في عينيها وتقول
- انت لن تفعل هذا، لن تؤذيني ، لا يمكن أن تفعل هذا.
- عندما كنتِ مشلولة ، كنتِ لي وحدي... أنا فقط... والآن اصبحتي للجميع...وانا سوف اعيدك لي مرة اخرى.....
- لا لا لاااااااااا
صرخت سالي و هو يرفع بالمطرقة بكامل قوته ثم هوى بها على ركبتها ....
صرخت وهي تسمع صوت تكسر اقدامها الاثنتين و الألم لم يعد محتمل ....ثم فقدت الوعي...
عندنا استيقظت كانت بالمستشفى و كان بجوارها والدها يبكي بحرقة و عادل لجواره يبكي ...
نظرت لعادل بصدمة و هو يقول
- الحمدلله استيقظت ، الحمدلله يا حبيبتي ، نعلم ان الاصابة كبيرة ولكن الحمدلله ان السيارة لم تتسبب في موتك...
نظرت له بعيون خاوية ، ثم قالت لوالدها بضعف
- اريد كوب ماء...
قام الأب مسرعا ليخضر ابنته كوب ماء من خارج الغرفة ،
وجهت سالي نظرها نحوه و قالت
- لن اعود لك ، ولو كنت آخر رجل على الكوكب ،ولن تكون ملكك...
- أنا أحبك ، فعلت هذا لأنني احبك ...
-صرخت كسرت قدمي لانك تحبني ...
-نعم ، احبك بجنون ، انتِ لي انا فقط أتفهمين؟
دخل الأب وهو يحمل كوب الماء و ينظر لعادل بغضب و بجانبه الطبيب و ممرض ،
قال الطبيب: هذا ما حدث إذا؟ ، لم يكن حادث سير...
نظر للممرض و قال أمسك به جيدا حتى تأتي الشرطة...
- لا ، لست مجرما...أنا أحبها... احبها....
- وانا اكرهك اكرهك ، اذهب .. و سأسير مرة اخرى يا عادل و لكن بدونك ، بدون اي شخص ، بمفردي...
سأقف مرة أخرى ولكن مفردي أسمعت ، بمفردي....
#تمت
#عواطف العطار

قصص العاشرة مساءًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن