المرايا

126 17 4
                                    

المرايا
نظرت للمرآة وانا اصفف شعري استعدادا للذهاب للجامعة... إنه اليوم الأول ولا أريد أن أتأخر...
تلك الشقوق التي على المرآة اعدت عليها ، لم يراها احد غيري على أي حال ، فقد طلبت من ابي مرارا ان يقوم بتغييرها لشقيقها الكثيرة والتي لا تسمح لي برؤية نفسي او وجهي...
ولكنني عرفت مع الوقت أن تلك الشقوق في عقلي فقط ، كلما سمعت كلمة مؤذية او حدث لي فعل سيء ، تزداد الشقوق...
كانت المرة الاولى عندما رأيت تلك الشقوق وانا في الصف الرابع الابتدائي، عندما اخبرني المعلم بأنني غبية ...
عدت يومها ووجدت شقا صغيرا يظهر في الجانب الأيمن للمرآة و من بعدها  ازدادت الشقوق ،
عندما اخبرني اخي بأنه لم يتمنى اختا مثلي...
أو عندما اخبرني ابي ان بنت عمتي افضل مني و انه يشعر بالعار لانجابي...
او عندما صاحت امي نادمة لخلفة البنات التي لا تفيد وانني بلا نفع...
ظل الشقوق تزيد في المرآة و لكنها لم تصل أبدا لوسط المرآة...
اقصد ان الشقوق كانت في جوانب المرآة و تزداد صعوبة إلا أنها لم تصل لقلب المرآة و لم تتحطم المرآة أيضا...
تركت مشط الشعر  وأنا أتنهد ثم امسكت بحقيبة ظهر وتوجهت الى باب المنزل و ودعت امي وذهبت...
دخلت باب الجامعة في مرح و سعادة ، كنت اتمنى ان اصل لهذا اليوم منذ فترة طويلة...
وها أنا الآن هنا...
دخلت لقاعة المحاضرات و جلست في أحد المدرجات...
كنت مركزة انتباها في المحاضرة جدا ، لست لأنني متفوقة ، ولكن لم اتعرف على صديقة بعد تشاركني ضحكات وراء مدرجات الجامعة...
وعند الانتهاء من المحاضرة خرجت من القاعة ، وسرت متوجهة نحو الكافتيريا ؛ لأتناول فطوري و انتظر حتى موعد المحاضرة القادمة....
وهناك تعرفت على مجموعة من الفتيات برفقتهم مجموعة من الشباب ، كانوا هم ايضا معي في نفس الكلية و كنت سعيدة جدا لتعرفي بهم
مر الوقت و خلال تلك المدة أعجبت بأحد الشباب الموجودين ولكن بالطبع لم اظهر هذا ظللت صامتة ، فقد مررت بعلاقات حب فاشلة و تضررت كثيرا ، حتى ان بعض أصدقائي قالوا انني اصبحت مريضة نفسيا من قلة الحب و عقدي النفسية وانا صدقت ما قالوه لي...
مر الوقت ، حتى جاءت مكالمة هاتفية لهذا الشخص و قام مسرعا و تركنا ثم بعد فترة عاد و حمل اشيائه مسرعا و رحل...
سألت أحد أصدقائه فقال ان احد اقربائه قد توفاه الله...
حزنت لسماع هذا الخبر و طلبت من صديقه ان يعطيني رقم هاتفه لارسل له التعازي...
وبالفعل اخذته و لكن شعرت بالحرج من الإتصال لذا سجلت الرقم و ارسلت له رسالة عزاء على (واتساب) ...
ظللت انتظر ردك بفارغ الصبر ، لم اراه الا مرة واحدة...
يبدو انني جننت...
ارسل لي بعد ثلاث ايام ، يشكرني لذوقي و بعد ذلك بدأنا اطراف الحديث ...
في البداية كان قليلا ثم أصبحت المحادثات بيننا طويلة لا تنتهي حتى اصبحنا اصدقاء…
وثقت بيه جدا رغم قلة معرفتي به ،لكن الكثيرون شكروا به امامي و مدحوا فيه لذا شعرت بالاطمئنان،
ثم..... أخبرني بعد فترة طويلة انه معجب بي...
هنا شعرت بالخوف مرة أخرى ، أن تتعرض للخذلان مرة أخرى ورفضت رفضا قاطعا و اخبرته اننا اصدقاء فقط و حكيت له علاقاتي السابقة و ظللت ابكي بحرقة قلب مكسور....
كان يسمع ، ربما أحببت الحديث لأنه كان يسمع ، لم يكن يسمعني احد ابدا ، كان كلامي للآخرين كلاما تافها ، إذا كنت اسكت ، كان الكتمان اسلوب حياة و البكاء في ظلمات الليل موهبة ، لذا كان مختلفا ، كان يسمع ...
مر وقت طويل بعدها و استطاع إقناعي بأن نرتبط بشكل روتيني وأن شعرت ناحيته بأي شيء سيؤذيني لنعود اصدقاء ..
كان يحبني جدا و كنت احبه ايضا...
لكنه أخبرني اما انا خفت ان اخبره...
لكن افعالي كانت تفعل ، كنت احاول ارضائه بأي شكل....و مر وقت طويل جدا ، مر عام و نحن سويا ، كان يحبني جدا و كان يفعل الكثير لي..
حتى انني كنت اشعر بأن الله عوضني عن كل ألم شعرت به يوما...
اصبحت اكثر اشراقا و اصبحت اللباس الملابس الزاهية الملونة ، اضع مستحضرات التجميل و اضحك و عودة عملي ودراستي ، كانت وكأن الحياة تأخذني بين أحضانها ....
ولكن….
لكل حريق بداية ، شعلة صغيرة تبدأ لتحرق كل شيء...
بدأت تلك الشعلة عندما كان يغار عليّ بشدة ، يزعجه اقتراب احدا مني ، تزعجه صديقاتي و اهلي و عملي ،
كان يحبني ولكن بتملك...
انا ملكه وحده فقط...
بعد أن كان يمدحني و يمدح شكلي و ملابسي ومظهري..... اصبحت قبيحة و تحاول استعراض جمالي و شكلي ، كأنه يتهمني بأنني ألفت انظار الاخرين...
لكن الحقيقة أنا كنت سعيدة بنفسي ، سعيدة الإشراقي....سعيدة الجمالي الذي كان قد دفن منذ سنوات ، سعيدة لانني لاول مرة حقا سعيدة...
قبل بدأ مشكلاتنا كانت مرآتي أصبحت سليمة بالكامل ، لا خدوش لا ندوب ...
ولكن من بعد تراكم مشكلاتنا عادت الشقوق والخدوش أسوأ من ذي قبل...
كان بقدر حنانه معي ، كان يقسوا بشدة في غضبه ، حتى انني اظن انه يكرهني من أعماق قلبه
و كأنني عدوته الدوده و لست حبيبته ،
ثم يعود كسابق عهده...
و يغضب و يعود و يغضب و يعود...
و في كل مرة ينكسر بي شيئا...
أصبحت امرآتي أكثر سوءا من ذي قبل...
أكثر سوءا من المدة التي سبقت تعرفي عليه...
حتى جاء اليوم المشؤوم الذي من بعده كرهت مرآتي و كرهت كل المرايا
كنا نمزح معا و كان يوما جميلا و كنا جالسين نخطط معا لحفل خطبتنا الذي سيكون في اقرب وقت...
كنت سعيدة جدا و بدأت أرسم في خيالي شكل حياتي مع اكثر شخص احببته و تكثر شخص أحبني في الكون...
و التقطت صورة لي جميلة ، كانت ابتسامتي بها اجمل ابتسامة في الكون ، ابتسامة فتاة على وشك أن تدخل الجنة ، ان تملك كل شيء ....
ثم قمت بتنزيل الصورة على احد مواقع التواصل الاجتماعي.....
لا أعلم ماذا حدث؟؟
لكنه اخبرني انه لم يُعد يريدني بعد الآن!!!
نعم...
وأنه يكرهني كثيرا ...
وانني مريضة مجنونة جعلت حياته جحيم ، وانه يتحمل الكثير معي و يتحمل غبائي و يضطر ان يفعل ذلك لأنه يحبني ....
وانني لم اكن الفتاة التي يحلم بها يوما ابدا ..
فأنا فتاه غير مهذبة .....فتاة مريضة و كاذبة.... احب استعراض جسدي و شكلي....
فتاة عاهرة.....
وأنه نادم على حبه لي ،
ثم اغلق جميع وسائل التواصل به و الهاتف وكل شيء...
حاولت الاتصال به كثيرا لأفهم ماذا حدث؟
لكنه أخبرني بأنه لا يريدني والا أتصل به ابدا!!!...
اتعرف احساس انك تطير تطير ، ثم فجأة تُقص اجنحتك فتسقط من السماء الأرض مرة واحدة ...
هو لم يفكر في مناقشتي؟
لم يفكر بالحديث معي حتى!!!
فقط حطم قلبي و رحل...
يومها كنت في عملي و عدت للمنزل وانا ابكي طوال الطريق ، شعرت بأنني تحطمت بالكامل ، شعرت وكأنني سأموت...
ثم جلست على كرسي أمام مرآتي إلا أنني لم أنظر للمرآة ابدا...
ظللت ابكي وانا استند على حافة التسريحة واحاول مسح دموعي ولكن بلا فائدة ....
وبعد فترة لا أعرف مقدارها استطعت ان اهدأ قليلا ...
وهنا رفعت رأسي للمرآة....
كانت صدمتي اكبر مما اتحمل....
المرآة كانت سليمة بالكامل و لكن....
انا!!!
انا محطمة...
نعم انا....
لمست وجهي المشقق و بدأت في النظر ليدي و ذراعي وقدمي بجنون و أنا أرى تشققات في كل جسدي ...
ثم رفعت رأسي للمرآة و أمعنت النظر...
كان هناك ثقب كبير في صدري ناحية القلب و خرج من الثقب شقوق عريضة و كبيرة بطول جسدي ...
انهارت في البكاء وانا اقول...
لا.....لا ...لقد تحطمت....لا....لماذا؟؟؟....لماذا انا؟
لا لا لقد تحطمت....
لم أعد جميلة ....لم اعد اي شيء….لا يوجد احد يحبني….لست شيء ….لست اي شيء…...لقد تحطمت...ااااه....لقد تحطمت....
تمت..

عايزة رأيكم في القصص القصيرة❤️

قصص العاشرة مساءًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن