حل الظلام مستعجلا هذه الليلة، كأنه يترقب مخفيا ما بجعبته، دب الصمت أرجاء المكان وراح كل لسبيله، انطفأت الأنوار وانطفأت الأصوات وراحت الأجساد كل في طريقه، اقفل الرجل بابه وسحب زوجته:- اشتاق إليك كل لحظة، دليني إلى سبيل الخلاص- كم أنت شقي- جمالك علمني أكثر من هذاابتسمت بغرور وانسلت من بين يديه وهي تحرك جسدها بإغراء لتشتد حاله أكثر وأكثر.. وتشعر هي بسعادة بالغة.. لم ينتظر لحظة حتى انقض عليها وأخضعها لحبه، سحب كل شيء يحجب الحب عنه وبدأ يتغزل بكل معاني الحب التي يعرفها ولا يعرفها، يمد يديه لكل ذرة فيها، يشرب الحب من مصدره، همس بصوت مرتعش كلاما لا يفهمه إلا من هم في حالها.. استسلمت تماما وغطته بأنوثتها وحبها ليبدأ الحب يشتعل فيهما... وسط أنفاسهما المتقطعة وصوت الشهوة الذي غطته ستائر الصمت، بدأ صوت تصفيق خفيف يتسلل إليهما، يزداد شدة في كل لحظة، وقف الرجل الأسمر غاضبا مترقبا ماهذا الصوت وما مصدره، ليصل إلى نظره ظل يحدق فيه ويقول بصوت يكاد يشبه دق الطبول:- يعجبني أداؤك دوماابتسم ابتسامة سمع صوتها كحفيف أفعى، لم يصدق الرجل، كيف أتى هذا الشيء إلى منزله وكل الأبواب موصدة، وقبل أن يتخد قراره وينقض عليه سمعه مجددا:- ظهرت لأنك استدعيتني- ماذاقالها والغضب يحوط بأنفاسه، ويسري في عروقه النافرة.. مستعدا لينقض على هذا الغريب يرديه قتيلا...- الخاتمأشار الغريب ليدي الرجل الأسمر وأكد له مجددا..- يتم تحريري حين يلبس أحد الخاتم، وأنت كذلكشد الغريب إصبعيه وأصدر فرقعة خفيفة ليحول الغرفة البالية لشيء آخر، كأنها جناح في قصر عظيم، كأنه بيت من عالم آخر.. ليعيد فرقعة إصبعيه مجددا وتعود الغرفة على حالها، كالحة قاتمة بالفقر والغضب... مستدركا أضاف الغريب..- لا تقلق ظهرت لأجلك. لأحقق لك أمنياتك..اشتد الخوف، وبدأت مشاعر الطمع تعرف طريقها إليه، نظر حوله لغرفة تكاد تشبه مكب نفايات بأثاثها القديم البالي، وتلك اللوحات الشاحبة ألوانها، مطموسة التفاصيل كأنها صورة لحياتهم، تأمل طويلا وهو يسأل بصوت قوي:- من أنت، وماذا تريدضحك الغريب وهو يوقد النور من عدم ويظهر نفسه، ليجده يجلس على حافة السرير فجأة، يحني رأسه أرضا وهو يقهقه بصوت مسموع، ويكمل حديثه:- لست من النوع الذي تُسر بمعرفه، فانسى أمر من أكون.ورفع رأسه والتفت يسارا لتقع عيناه على عيني الرجل الأسمر ويبتسم ابتسامة ماكرة كالثعالب:- مجددا، ظهرت لأجعلك من الأسياد..طمع لعين اِلتمعَ في عينيها ورغبة زائغة تطوف حول أفكارها تدفعها دفعا للقبول، وقبل أن ينطق زوجها بحرف قالت بصوت واثق، بلكنة يغلفها الطمع:- لو الأمر مربح نحن موافقان، ولكن حدد ماذا تريد بدقةقاطها الزوج مستدركا بصوت مستعجل ترنُّ فيه أجراس الحذر، لاهثا من خوف يسود قلبه:- دعنا نفكر قليلاوقف الغريب تاركا قصاصة صغيرة على السرير وهو يقول بصوت يغلفه الهدوء والثقة:- العنوان هناك. حررني من لعنتي، وسأحررك من فقرك، وكل مخاوفك.ضحك بصوت عالٍ، وصفّق مرة واحدة ليجعل النور يتلاشى معه وقبل رحيله رمى نظرة ليس لها إلا معنى واحد أدركاه سريعا: - تلك فرصة لن تعوض أبداورحل.. لم يدركوا كيف جاء وكيف رحل.. سارعت الزوجة وهي تنقض على الورقة لتقرأ مافيها، وبجوارها الزوج يحاول استيعاب الأمر...ضجيج كريه ماكر احتل أفكاره، سدّ كل أبواب العقل وأحاله إلى حيث يهتدي الشر دوما. حيث الطمع سيد الكلام..نظر لزوجته المنتشية من أحلامها العظيمة، أحذه شعور الخسة إلى حيث يحلم. إلى أرض هو سيدها، حيث يملك كل ما يريد، وكل ما لا يريد. واشتد به الطمع حتى ذروته. ليأخد القصاصة من زوجته ويبدأ في قراءتها متسائلا..- ما هذا الشيء اللعين الذي أتعامل معهتأمل الخاتم وبدأ يتمعن تلك النقوش الدقيقة، وذلك الوهج الغريب... كان مرتعبا.. ولكن خبث النزوات أشد من خوفه..تأملا طويلا ولم ينجح في تركيز أفكاره المتمردة والوصول بها إلى بر الأمان. خاطبها سائلا:- ما العملكانت الزوجة حاسمة موقفها- إفعلهاتصفح عيونها جيدا لحظات قليلة، ودس الورقة بعدها تحت المخدة وسحب الغطاء ليسدل ستائر عينيه ليفسح للظلام مجالا راجيا الرحيل بنفسه لأرض الأحلام التي كانت بعيدة المنال هذه الليلة..
لا تنسى التفاعل
أنت تقرأ
في الجحيم | للكاتب سفيان ل
Fantasíaأحيانا تُفرش الأرض بكل الخطايا تحت أقدامنا.. ليكون المفر الوحيد أمامنا يقودنا إلى الجحيم !