الفصل العاشر والأخير

321 34 21
                                    

ضمها بنظراته ؛ ربت عليها بأهدابه في حين خانته الكلمات ولم تنصفه قوته امام جروحه والامه فأسدل عينيه بصمت مودعاً وكأنها اخر ما اراد ان يراه قبل موته ..
ومع ارتخاء جسده بين يديها وثقله الذي زاد في حضنها أطلقت صيحة عالية في الفضاء وتمسكت فيه اكثر ترفض التخلي عنه كما تخلت عنه قوته ..

حاولت امعان النظر بقوتها وهي تمرر يدها على ظهره لتعالج جروحه ؛ همست راجية من بين دموعها : فالتشفى ارجوك ..

نظرت الى جروحه التي بدأت توقف نزيفها وتلتئم رويداً رويداً فابتسمت من بين دموعها ثم مررت يدها فوق الطعنة التي وجهها جيفري الى بطنه مستشعرة ما ألَّمَ به من وجع فتحررت دموعها تخالط دماء جرحه وهي تعالجه
ولما خفت جراحه وشعرت بجسده يستعيد شيئاً من دفئة رغم تعبه وارهاقه أخذته معها ؛ حاولت سحبه بعيداً عن ذلك المكان ؛ بعيداً عن القرية وكل ما يمت للبشر بصلة ..

شعور بالألم أحس به ينخر في جميع أنحاء جسده ؛ إرهاق شديد يتملكه يمنعه حتى من فتح عينيه لكنه قاوم تعبه وضعفه ليفتح عينيه ولو بقدر بسيط
الرؤية غير واضحة أمامه وكل شيء يبدو ضبابياً ؛ جفاف شديد في حلقه يود لو يحصل على رشفة ماء تبلل ريقه ، لكنه لوهلة شعر بالعجز .
أسدل عينيه من جديد وازدرد رمقه يحاول ان يتماسك ؛ فتح عينيه الفاترتين بهدوء من جديد فبدأ خيالها يبدو أكثر وضوحاً امامه .

تجلس بينما توليه ظهرها ؛ شعرها الأسود الطويل ينساب بنعومته على أكتافها في حين يتحرك جسدها بخفة كأنما تنشغل بأمر ما
حرك شفتيه بهمس خفيف لم يصل الى مسامعها لكنه تمكن من رؤية زاوية وجهها وهي تعمل بتركيز أفقدها الادراك لاستعادته وعيه
تأمل عينيها الزرقاء الواسعة وهي تتلألأ كما لو انها بحر انعكست النجوم على سطحه فزادته جمالاً وتألقاً
بشرتها البيضاء الصافية إلا من بعض الخدوش الخفيفة ، شعرها الليلي الذي ينزل بنعومته على وجنتيها المتوردتين من البرد فتزيحه بأطراف أناملها بضجر ..

أبعد نظراته عنها وفرقها في المكان حوله ليستوعب انه في الكهف الذي كانا يعيشان فيه ؛ وهذا ليس حلماً جميلاً تزوره فيه خيالاتها !
اتسعت عينيه بذهول واعتدل بجسده بسرعة كانت كفيلة لتجعل الامه تزداد وهو يشعر كأن جسده سيتمزق من حركته

التفتت اليه حالما سمعت صوته فهرعت بسرعة نحوه تمسكه من كتفيه تساعده على الاستلقاء من جديد وهي تتحدث بقلق : لا يجب ان تتحرك كثيراً فلازال جسدك في مرحلة التعافي !!

نظر اليها بذبول ثم اعاد نظره الى جسده ؛ صدره العاري حيث جردته من قميصه وتلك الضمادات التي لفت وسطه وصدره وظهره وحتى ذراعيه
كل مكان في جسده مصاب وملفوف بضماداتها حتى رأسه يشعر به مضمداً على جبينه فوق عينيه
عادت اليه اخر ذكريات ما حدث هناك وكيف سقط عاجزاً منهكاً حالما تحول لذئب وما فعلته هي ؛ اخر ما يذكره مشهد موت الصياد وهو يحاول القضاء عليه !

" ضوء القمر | Moonlight " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن