الفصل التاسع عشر

948 33 5
                                    


صراع.

‏تبلَّد إحساسي فما عدتُ أرتجي
حبيباً، ولا أخشى الذي كان ضَرَّني

وأغلقتُ بابي، واعتزلتُ أحبتي
فلا الهجرُ أضناني، ولا الوصلُ سَرَّني

‏‎
ولا الشوق أشجاني ولا الوجدُ زارني
ولا الطيف أغراني ولا العطر غرّني

رحلت بفكري واسترحت لوحدتي
وودعت حزنًا كان بالأمس غمّني
(منقول)

❈-❈-❈

وأثناء انشغالها بجلي الأواني صضحا صوت رنين هاتفها بالنغمة المخصصة للرسالة
التقطت منشفة صغيرة ومسحت كلتا يديها ثم اتجهت بخطوات واسعة باتجاه الطاولة التي وضعت عليها الهاتف منذ قليل فتحت الرسالة لتقرأ ما بداخلها
وكانت عبارة عن: مدام زينة أنا آسف جدا على اللي حصل مني لما تبقي قاضية كلميني علشان اشرح لك وجهة نظري.
ظفرت بقوة ثم حذفت الرسالة وألقت الهاتف بعنف واستدارت تكمل ما كانت تفعله لكن رغما عنها فضولها راحا يلح عليها في سبب تلك الرسالة وما يريده منها ذلك الغريب.
تزاحمت الأفكار في رأسها بين حديث والدتها ورسالة ذلك البغيض ومعاملة زوجها العنيفة لها منذ تلك الحادثة.
هزت رأسها بعنف كي تطرد تلك الأفكار وتصفي ذهنها الذي بات يؤلمها في الآونة الأخيرة وغمغمت بصوت خافت: وبعدها لك بقى  يا زينة إيه اللي بيحصل معاكي الفترة دي بس أكيد في حاجة غلط.

❈-❈-❈

استيقظوا من نومهم وتفرقوا فمنهم من أدى فريضة الضحى ومنهم من يجهز الفطور ومنهم من ينظف المنزل.
وما هي إلا دقائق حتى اجتمعوا على طاولة الفطور يتناولون طعامهم في صمت.
فهتف الحاج سعد بصوته الرخيم: بصوا بقى  يا جماعة احنا لازم نتكاتر على عمار ونقنعه أنه يعمل الإشاعات والتحاليل لازم يفوق لنفسه مش هنسيب الإحباط ياكله بالشكل ده.
أومأ محمد زوج عزة مؤيدا حديثه
هو رجل قليل الكلام.
بينما عزة تحدثت بإصرار: بابا صدقني اللي عمار بيعمله ده أكبر غلط وصدقني لو فضل راكب دماغه بالشكل ده هيئزي نفسه وهيئزي كل اللي حواليه كمان زينة اشتكت لي النهاردة الصبح في التليفون أنه بيعاملها وحش هي البنت زنبها إيه بس يا بابا؟
ارتشف رشفة صغيرة من كوب الشاي خاصته وأجابها بهدوء: ما لهاش زنب زينة يا بنتي هي بنت أصيلة وهتستحمله انت عارفة قد إيه هم بيحبوا بعض.
لوت عبير شدقها بحنق مغمغمة بصوت وصل إلى مسامعهم: ما هو واضح أهو بدليل انها اشتكت وهو يعني اللي هو فيه ده بايده ماهو غصب عنه يا جماعة حطوا نفسكم مكانه واحد لقى نفسه بين يوم وليلة مش بيتحرك ولا قادر يخدم نفسه هيتعامل طبيعي كده عادي أكيد لأ طبعا.
صمت الجميع فكلهم  يعلمون أنها على حق.
قطع صمتهم صوت الصغيرة التي استيقظت للتو وهي تفرك عينيها بكلتا يديها هاتفة بصوت خافت: صباح الخير يا جدو صباح الخير يا خالتو صباح الخير يا ماما و بابا.
رددوا خلفها تحية الصباح ثم أشار لها الحاج سعد كي تأتي إليه وهو يفتح ذراعه: تعالي لحضن جدو يا ديدة يا قمر انتي.
ركضات الصغيرة تلبي دعوة جدها الذي أغدقها بقبلات كثيرة ثم حملها فوق ساقيه وراحا يطعمه بنفسه.
هتفت عزة بلهفة: هاتها يا بابا وكمل آكل وأنا هاكلها بعدين.
هز رأسه نفيا مردفا بإصرار؛ لا ازاي دي فريدة تاكل واحنا نتفرج عليها هو أنا عندي أغلى منها برضو.
هتفت الصغيرة بصوت خافت وصل إلى مسامع جدها: يا سلام ولاتين يعني هي برضو بتقول ان حضرتك بتولها انها أغلى حد عندك.
قهقهة الجد بمرح ثم قرص وجنتها بخفة: انتو الاتنين حبايبي يا قردة يا صغيرة ودلوقتي يلا خلصي أكل عشان نطلع نطمن على خالو عمار.

في غياهب القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن