الفصل الأربعون والأخير

2.3K 53 14
                                    


لحظات عصيبة.

تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكِ الصَوْمَ سَيّدَتِي
أما علِمتي بأنّ الحُسن يُفطرُنا ؟

تمشين بالارض فِطراً للأنام بما
لا تملكين فليت الله يعذرنا

إن استترتي فان الحسن يفضحكِ
و الحبُّ مهما تصدّدنا سيفضحنا

كأنك البدر غيماتٌ تضلّله
لا تحجب النور، هذا النور عذّبنا

حتى سكوتك اغرانا لان له
عينان تعقد بالاهداب السننا

ان التفتّي يميل الكل ميمنةً
و ان رجعتي رجوع الطرف ارجعنا

تقضين بالناس ما تبغين جالسةً
و كلنا نبتغي سجناً و يسعدنا

لله توبي اما تخشين عاقبةً
إنا دعونا وربُّ الكون يسمعنا

يا رب كم قد نوينا الصوم و اعترضت
و حسنها يا اله الكون افطرنا

(الحارث الخراز)

❈-❈-❈

ارتسمت أمارات الغضب جليا فوق قسمات وجهه قرع الجرس بهستيريا
فاستمع إلى صوت والدته يأتي من الداخل: ما بالراحة يا اللي بترن الجرس هو أحنا يعني كنا قاعدين ورا الباب.
وما هي إلا ثواني حتى فتحت له فرمقها بنظرات مستهجنة وولج إلى الداخل
سارة بضع خطوات ثم نادى بصوته الجهوري: عبير يا عبير تعالي هنا.
تبدلت ملامح وجه والدته عندما أبصرت هيئته فخشيت أن يكون قد استمع إلى حديثها مع زوجته فراحت تفكر بسرعة في حل يخرجها من تلك الورطة لكن شعرت بأن عقلها قد شل فاجفلت على سؤال ولدها لزوجته: عبير أنا عايز اعرف إيه اللي كان بيحصل من ورايا من أول ما اتجوزنا؟
فتحت فاهها لتكذب عليه لكنه حذرها بنظراته مستطردا حديثه: واوعي تكدبي يا عبير لأني أنا بعرف من عينيكي اذا كنت كدابة ولا لأ.
صمتت قليلا ثم انفجرت في بكاء مرير يمزق نياط القلوب وكأن كلماته لها أشعلت فتيل الحزن بداخلها فقد كبتت حزنها لبضع أيام.
رمق والدته بعتاب ثم دنا منها يجلبها بين أحضـ انه وهو يمسد فوق ظهرها صعودا وهبوطا ويغمغم لها بكلمات معتذرة
ثواني وأبعدها قليلا عن حضـ نه وراح يمسح دموعها بأطراف أنامله ثم سألها بلهفة: بقيتي أحسن دلوقتي؟
أومأت له عدة مرات بالموافقة.
فجذبها فوق أقرب أريكة وجلس بجوارها ثم أحاط كتفها بذراعه كي يؤازرها ويستحثها على التحدث بارياحية: احكي لي بقى كل اللي حصل بالتفاصيل.
أخذت نفس عميق وزفرته على مهل ثم راحت تقص عليه كل ما حدث من والدته وحديثها اللاذع لها ناهيك عن توبيخها باستمرار.
وبعد أن انتهت هب رؤوف واقفا يجذبها من يدها كي تقف معه هاتفا باختصار: لمي هدومك احنا مش نقعد هنا ثانية واحدة وحسابك معايا بعدين عشان خيبتي علىا حاجة زي دي أنت هتفضلي لحد أمتى تتهاني وتتبهدلي وتسكتي.
شعرات والدته بالحقد من تلك الفتاة فدنت منه تصرخ في وجهه: هتسيب أمك لوحدها وتصدق مراتك يا رؤوف يا خسارة تربيتي ليك وتعبي عليك.
ابتسم بسخرية ثم هتف بجدية ممزوجة باللوم: حضرتك وعدتيني أنك تعاملي عبير زي بنتك عشان كده أنا وافقت أنها تعيش معاكي هنا وحرمتها أنها تكون زي أي زوجة لها بيت لوحدها وعشان كده المكان اللي مراتي ما تحترمش فيه يبقى ما يلزمنيش وأنت يا أمي هتقعدي في بيتك معززة مكرمة واللي أنت عيزاه هيجي لك لحد عندك وطبعا أنا هشقر عليك كل يوم أما مراتي فملهاش قعاد هنا تمام؟
فتحت فاهها لتعترض لكنه لم يسمح إذ جذب زوجته باتجاه غرفتهما وبداخله بركان كبير
فلو لم تكن تلك المرأة والدته التي أنجبته لكان حسابه معها عسير.

في غياهب القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن