5

482 22 15
                                    

و ها هي الليلة المنتظرة، حفل توزيع جوائز الاوسكار

و في غرفته أمام المرآة كان واقفا يسدل خلفه غروره كذيل طاووس مزركج بزخارف و تفاصيل لا عدد لها ولا حصر، كان ينظر إلى ذلك الانعكاس الذي خلفته هالته المتلألأة على تلك المرآة و كأنه ينظر إلى احدى عجائب الدنيا السبع، كظمآن في الصحراء عثر على كأس مياه ، او كشخص عانى من فقر متقع طوال حياته ليعثر فجأة بين ألواح الأرضية في كوخه المهترئ على كنز لا يقدر بثمن،

لطالما كانت من عادات ذلك الفاتن الابيض امضاء ساعات امام المرآة ينسق كل خصلة من شعره الناعم الأصيل، ليمرر يده عبر حقوله محركا اياه باهتزاز سريعا ليفتن نفسه بنفسه

امتد نظره الى رقبته الطويلة البيضاء و التي تزينها شامة بنية صغيرة أشبه بأولى نجوم الليل التي تحمل ثمينات أماني معجبينه و بعض الحاقدين و الثمالى، ثم رموشه السوداء الكثيفة التي تجتمع حول حدقته البراقة جاعلة من مظهرها زهرة ليلية متفتحة في عبق الليل كنجرس أو زنبق غض.

و رغم كل المعجبين من حوله، و كل من يعشقه و يتعبد طريقه؛ إلا أن لا واحد منهم معجب بريو أكثر من ريو نفسه

و لن يحبه أحد بقدر ما يحب نفسه، كان يحب نفسه حد الثمالة، حد غرام الشياطين او الجن العاشق، ربما كحب إبليس للشجرة التي أسقطت آدم على الأرض من فوق قبب السماء.

إنه ريو، خليفة الجمال و الجنس، الذي -في رأيه- ان الجنس هو صلب الانسان و حقيقته التي لا مفر لها منخ ولا مخبأ، هي تلك الخقيقة التي يدور كل شيئ حول اخفائها او تغطيتها بمساحيق تجميل من معاصير الزيف و التصنع و حسن التعامل الاجتماعي اللامنطقي، كلها في نظره تصرفات تافهة، فمن المستحيل اخفاء الشمس ببعض الغيوم او سراب ضباب في الأفق.

كان يظن نفسه اله اغريقيا خالدا، يجعل من أفروديت مجرد نكتة تجاهه و من عشتار مضرب مثل للوضاعة و الصغر،

ادار بخفة جانب وجهه الأيسر ليلقي نظرة من عيونه عليها بينما يفكر، قد يتماشى مع هذا الزمان جيدا، لكنه ليس المناسب له، ربما في الأساس هو ينتمي الى زمن الفراعنة حيث الاله و العبيد... ليجعل من كليوباترا جارية له و من نفرتيتي خادمة لأوامره،

كم هو واقع بالحب!! بحب نفسه

تصادمت تلك الافكار ببعضها و امتزجت مرارا و تكرارا آخذة مساحات شاسعة على جدار تفكيره الواسع؛ حتى تكسرت قطع صغيرة متبلورة كزجاج مرشوق بالرصاص عندما دقت فيكي الباب
" ريو، السائق في الأسفل ينتظرك " تحدثت وقد بدا على صوتها محاولتها الجاهدة لضبط نبرته، ثم صوت كعبها الذي اخذ يبتعد

امتدت يد ريو الى زجاجة العطر الزرقاء التي تدندن لحناً ما امام تلك المرآة، ثم رفعها الى امام رقبته، و جعلها تهمس بنفحات جريئة من رائحتها لتهطل على عنقه بخفة، ثم أعادها لتجلس في مكانها مجددا شاكرة كل شيئ على كونها جزء من التحفة الفنية الحية أمامها،

خلف الكواليسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن