مناجاة بالهاتف

7 1 0
                                    

انقضت الساعات الأولى من الليل ثقيلة كئيبة قائمة السواد

على قلب لميس الهاني ..

وتقلبت لميس في سريرها الدافيء الوثير وكأنها تتقلب على شوك ونار .. وراحت ترمق آلة الهاتف الجاثمة على الطاولة الصغيرة قرب السرير بعينين تغمرهما الدموع : ترى هل يتصل بها عصام كما وعد ؟ .

وعادت الى الساعة المشدودة في معصمها تلقي عليها نظرة حائرة ولهى فإذا بالساعة تشير الى التاسعة والنصف . عصام قال أنه سيتصل بها في الساعة العاشرة .. أمامها إذن نصف ساعة .. نصف ساعة ؟.. وهل تستطيع لميس أن تصبر نصف ساعة ؟ . ستصبر وستصرع الوقت بالمطالعة.

وامتدت يدها الى تحت الوسادة تخرج كتاباً ضم بين صفحاته قصة عاطفية  مزينة بالصور والرسوم ، وفتحت الكتاب وحاولت القراءة إلا أنها لم تستطع أن تفقه كلمة مما تقرأ ، وراحت تستعرض الصور والرسوم : هذه صورة شاب يعانق فتاة ، يا له من موقف رائع ، ترى هل تنعم هي يوماً بمثل هذا الموقف ؟ ترى هل تقف مع عصام يوماً وقفة هذه الفتاة قرب حبيبها ؟.. وهذه صورة أخرى ، صورة تمثل فتاة وقد ألقت برأسها الى صدر حبيبها ؟ ليتها هي في موقف هذه الفتاة ، تستطيع أن تلقي برأسها الواهي الى صدر حبيبها عصام .

وراحت تستعرض الصور والرسوم وأفكارها منصرفة الى عصام ..

ومضت الدقائق ، ونظرت إلى الساعة فإذا بها تشير الى العاشرة إلا دقائق خمس .. خمس دقائق بينها وبين صوت الحبيب .. ولكن هل يفي عصام بوعده ؟ هل يتصل بها ؟ أم تراه يخلف الوعد ويتركها عرضة للهواجس والألم والدموع !

وسمرت لميس عينيها بعقربي الساعة تراقب العقربين ..

وإذا بالساعة تشير الى العاشرة ، فتصاعدت نبضات قلب لميس، الساعة العاشرة الآن ، هل يتصل عصام بها ! اجل هو سيتصل بها ، من المؤكد أنه سيتصل بها .. ولكن هاهي الساعة تشير الى تمام العاشرة ، لو أراد الاتصال بها لا تصل بها الآن ... هو لن يخاطبها هاتفياً ، لا لن يتصل بها .. أجل سيتصل بها ...لا ، أجل .

ورن جرس الهاتف .

واشتد القلق بلميس  ، وعادت نبضات قلبها الى الارتفاع .

وسمرت عيناها بآلة الهاتف . وبيد باردة مرتجفة واهية ، رفعت سماعة الهاتف الى اذنها  وهمست:  (آلو .. من ! )

وتهادى صوت عصام في اذنها : « من ! لميس! )

وهمست : أجل أنا لميس يا عصام !.. من أين تتكلم !

وتمتم عصام عبر الاسلاك : أنا في سريري الآن ، إنني اتكلم من غرفتي في دار ام ابراهيم.

و همست لميس، وقد بدأت تستعيد هدوءها : أتكون ثمة آلة هاتف في دار ام ابراهيم يا عصام ؟

وقال عصام : أجل ، نحن الطلاب تعاونا على دفع نفقات الهاتف ، ام ابراهيم لا تستطيع ان تدفع نفقات الهاتف، لذلك فقد تبرعنا ، أنا والزملاء بدفع النفقات ، هذه هي المرة الاولى التي أرفع فيها سماعة هذا الهاتف إلى اذني يا لميس، أما زملائي فهم لا ينفكون عن التحدث عبر اسلاك الهاتف منذ أن تطأ أقدامهم عتبة هذه الدار . إنهم الآن ينتظرون انتهاء حديثي معك ليخطفوا سماعة الهاتف من يدي .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 29, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

هل تتذكرين؟                ♕ᗪO YOᑌ ᖇEᗰEᗰᗷEᖇ♕حيث تعيش القصص. اكتشف الآن