ذكرى أول قبلة

28 1 0
                                    

الليل هادئ ساكن، عاطر النسمات.

ومحلة رأس ہيروت ، تغرق في احضان الليل البهيم على هناءة و سلام ۰۰۰ وهجعت العيون. وسكن الشارع الطويل الممتد من شارع الحمراء إلى الجامعة الأميركية و هدأ و نام ، فما هناك همسة ولا حركة ولا صوت ..

وفي دار أديب الهاني الجاثمة في الشارع المطویل عند المنعطف الوديع ، في تلك الدار الأنيقة الفخمة المنتصبة بين الأشجار الوارفة الظلال أربع عيون ساهرة لم تعرف طعم النوم ، أربعة عيون يقظى في غرفة فسيحة الأرجاء ، فاخرة الرياش ، أنها عيون لميس الهاني وهدى حاتم ، فالطالبتان النجيبتان لم تعرفا طعم الرقاد، انهما مستلقيتان على السرير الوثير تدخنان وتتحدثان ..

وطاب لهما التدخين فراحتا تشعلان اللفائف وتدخنان وتنفثان الدخان في الفضاء فيتصاعد كالضباب، خيوطا بيضاء تنساب في فضاء الغرفة على مهل..

ومضت الطالبتان في أحاديثهما وهما تدخنان .. فراحت هدى حاتم تروي لصديقتها الوفية قصص مغامراتها وتجاربها العاطفية ، وهدى، حرسها الله ، جربت الحب أكثر من مرة ، ولاقت منه المصائب والويلات ، وبكت و ذرفت من الدموع الكثير على مذابح الهوى والغرام ، أما لميس الهاني ، فقد كانت بعيدة كل البعد عن أسرار الغرام ، لم تكن لميس الهاني قد أحبت بما في كلمة حب من معنى عمیق ، كانت لميس قد صادقت الكثيرين من الطلاب الا انها لم تكن لتشعر بأي عاطفة نحو أحدهم ، لم تكن لميس الهاني لتدرك حقيقة الحب ولا لتكشف کنهه قبل أن تتعرف إلى عصام النجار .. وراحت الصديقة الوفية تشرح لها ما خفي عنها ، راحت هدى تروي لصديقتها لميس كل ما مر بها من احداث واخطار وصعاب في ميادين الحب والهوى والغرام...

ونفثت هدى حاتم دخان اللفافة في الفضاء وهمست : الحب جميل رائع فتان یا لميس ، ليس ثمة لذة في الحياة تضاهي لذة الحب ، ولا هناك نور أشد سطعا وأعمق وهجا من نور الحب، الحب ينير القلب إلا أنه يرهق الخيال ، ويضئ البصيرة الا انه يعمي البصر.. وللحب سيئاته يا لميس، وقد قيل فيه:«درهم عسل على قنطار من حنظل »... الحب سعادة يا لميس ساده التفاهم والوفاق والوصال واللقاء...وهو شقاء ما بعده شقاء إذا عرف الخصام والنفور والبعاد ... عندما أحببت في المرة الأولى كنت في الثالثة عشر من عمري ، كان حبي يومذاك حب أطفال ، كان ذلك كما أذكر من خمس سنوات ، وكان ابن جيراننا فتی يكبرني بسنوات قليلة ، كان هو في الخامسة او في السادسة عشرة من عمره ، وكان يزورنا من حين إلى آخر وکنت استعين به على ايضاح بعض ما يشكل علي فهمه في اللغة الفرنسية وكان كما يبدو خبيثا فقد تعرف إلى فنون الحب وخفاياه ، وذات يوم فيما كان يجلس قربي ، وکنا وحدنا في الدار ، أمسك بيدي يشدها بقوة وحرارة .. ولا أعلم ما هي تلك القوة التي الصقت يدي بيده فلم أحاول أن أسلخ تلك اليد عن يد ذلك الفتى ، ولعل سكوتي شجعه فاقترب بشفتيه من خدي وطبع قبلة عميقة لاهبة حمراء ، ما زالت تحرق خدي حتى اليوم .. وارتجفت ، وصبغ الخجل وجهي ، كل وجهي ، بلونه القاني الاحمرار ، كنت قد سمعت من بعض الرفيقات بالقبلة ، إلا أنني لم أكن قد ذقت طعمها بعد .. وحاول تقبلي مرة ثانية ، إلا أني دفعته عني واجهشت بالبكاء ، ولماذا بكيت ؟ لست أدري .. لماذا دفعته عني وأنا في اشتياق إلى المزيد من قبلاته ؟ لست أدري .. تلك القبلة كانت الأولى في حياتي .. أما القبلة الثانية ، فلها قصة لا تختلف عن قصة القبلة الأولى .

هل تتذكرين؟                ♕ᗪO YOᑌ ᖇEᗰEᗰᗷEᖇ♕حيث تعيش القصص. اكتشف الآن