أنا مش مصدق عنيا ، حد يجيب لنا اسم العربية الحمرا اللي منطلقة زي المدفع ده ، انتبه الى صيحة صديقه الذي تابع –ده مش مدفع ده قطر مبيقفش في محطات .
اقترب منه صديقه ليناوله المنظار فينظر عن قرب إلى هذه السيارة الحمراء التي تناور بمهارة وخفة تتقدم الجميع وتنطلق كسهم مصوب بدقة الى هدفه لينتبه إلى صديقه الذي لكزه بخفة : سراج انت شايف اللي أنا شايفه .
عبس بغرابة ليتمتم بضيق وهو ينظر عن كثب : اسمها ايه العربية ، متسجلة باسم ايه ، شوفي لي قرارها يا هارون .
نظر هارون إلى الورقة التي ناولها له أحدهم ليهتف بتعجب : اسمها أنوشكا .
التفت إليه بحده ليصيح : إحنا هنهرج ، في حد هيسجل اسم عربيته في سبق باسم واحدة .
ضحك هارون بخفة : يمكن بيحب أنوشكا .
رمقه سراج بامتعاض : مش ناقصة خفة ، عاد ينظر من خلال المنظار الصغير إلى السيارة التي تقترب من اجتياز خط النهاية ليندفع المعلق صارخًا : مش ممكن ، العربية الحمرا كسبت ، العربية اللي ظهرت من تحت الأرض فجأة اكتسحت الكل ، أنا بسألهم في الكنترول اسمها ايه بيقولوا أنوشكا ، ايه أنوشكا دي .. منين جات لفين رايحة ، منعرفش المهم إنها كسبت .
توقفت السيارة بعد أن دار قائدها بها في دورات متتالية في فرحة تملكت منه على ما يبدو ليسأل هارون وهو يتابع ما يحدث بجانبه : هنعمل ايه ،
تمتم سراج بهدوء : شكله يستاهل إننا نشوفه مرة تانية قبل ما نتفق مع حد تاني ، لو طلع كويس هنمضي معاه .
عبس وهو يكمل : بس لازم يغير اسم عربيته ، قال أنوشكا قا..
صمت وهو ينظر بترقب إلى السيارة التي توقفت ليُفتح باباها ويخرج منها قائدها المرتدي بدلة خاصة بالسباقات بلون سيارته الناري ليرفع الخوذة عن رأسه فيهتف هارون بصراخ : مش معقول .
اعتلت الصدمة وجوههم ليتمتم هارون متابعًا : ده طلع أنوشكا بجد .
التفت سراج إليه ليخطف الورقة من بين أصابع صديقه لينظر إليها يقرأ محتوياتها بسرعة ليهمهم بعدم تصديق : دي فعلًا أنوشكا .
***
__ أنا مش عارف انت معترض ليه بس ، ده ثالث سباق نحضره وهي بتئوش كالعادة .
رمق هارون بنظره نارية ليتمتم من بين أسنانه : عاوز سراج الوهيدي على آخر الزمن يتفق مع واحدة ست تبقى المتسابق بتاعه ، ليه الرجالة خلصت !!
زم هارون شفتيه بضيق : وايه المشكلة ، لو الست دي أحسن من الرجالة منتفقش معاها ليه .
صاح بضيق : بقولك ايه يا هارون ، شغل بلاد بره والست زي الراجل ده مبيمشيش معايا ، أنا مش هتفق مع أنوشكا دي لو هموت .
ابتسم هارون بخبث : خلاص أتفق أنا ، هو انت هتتجوزها يا سراج ، إحنا عاوزينها تبقى المتسابق الخاص وتراعها شركتنا ، رمقه بغضب فصمت قبل أن يستطرد – صحيح هو أنا مقولتلكش مش طلع اسمها أنوشكا بجد .
عبس بعدم فهم ليضحك هارون بمرح : مش اسم شهرة ولا دلع اسمها أنوشكا في شهادة الميلاد والبطاقة ، أكمل وهو يغمز له بعينه - وعلى فكرة متمتش التلاتين ومرتبطتش قبل كده .
ابتسم ساخرًا : وهي دي هترتبط إزاي وهي عاملة فيها راجل و بتسابق معاهم .
رفع هارون حاجبة باعتراض : لو دي مرتبطتش مين يرتبط أنا ، انت مبتشوفش يا سراج ولا ايه ، دي البت طلقة .. صاروخ زي عربيتها ، الاتنين في وضع الانطلاق على طول .
صاح بحدة : ما تحترم نفسك يا أخي وتبطل عك في الكلام .
رقص هارون حاجبية : انتي بتغيري يا بطة .
قبض سراج على تلابيبه في حركة مفاجئة : بطل يا بني آدم الطريقة دي ثم أغير على ايه ومين هي تقرب لي حاجة ، انت عارف كويس إني مبحبش الكلام ده ، فاسكت ومتنرفزنيش أكتر من كده .
أومأ هارون بموافقة قبل أن يصرخ بفرحة حقيقية وهو ينظر إلى ساحة السباق من خلف كتفي سراج : اوووووووه ، اكتسااااااح يا سراج ، أنوشكا اكتسااااح .
التفت سراج بمفاجأة وهو ينظر إلى السيارة التي اجتازت خط النهاية قبل البقية لتدور في دوائر فرحة تتراقص بخفة وكأنها تعلن عن أنوثة من يقود زمامها قبل أن تتوقف لتخرج منها قائدتها تحيي الهتاف وفريق عملها الذي اقترب منها يهنئها بسعادة اجتاحتهم جميعًا فتخلع خوذتها عن رأسها فينساب شعرها مهفهفًا حول وجهها ، وضحكتها تملأ وجهها فيعبس هو بغضب ملأ أوردته ثم يشيح بعيدًا قبل أن يقرر مغادرة المكان بأكمله
***
توقف في ركن بعيد عن الجميع يراقب الاحتفال المقام ويكتظ بالمدعوين يهنئون من تقف أمامه ، ترفع رأسها باعتداد وكبرياء ، يرمقها من بين رموشه ويقيم هيئتها الأنثوية الرائعة والتي تخالف تمامًا ما ترتديه عادة في السباقات ، فستانها الخفيف بألوانه الزاهية ، منسدل يغطي جسمها بالكامل ما عدا ذراعيها المكشوفتين ، مضموم حول رقبتها فيظهر كتفيها العريضين ، شعرها مرفوع للأعلى في تسريحة منمقة وزينتها هادئة كما توقع ، فهي بسيطة للغاية ، تماثل بساطة فوزها في كل السباقات التي شاهدها فيها .
سحب نفسًا عميقًا وهو يراقب حديثها الهادئ ابتسامتها اللبقة وحركة يدها الرقيقة التي تشير بها وهي تتحدث ليبتسم تلقائيًا حينما ابتسمت، وجد نفسه منجذبًا لها ، يريد أن يستمع إلى ما تهمهم به إلى الآخرين فيسمعونها باهتمام أثار انتباهه فترك مكانه أخيرًا وهو يقرر أن يقترب منها يريد أن يعلم عنها أكثر مما يرى ، يريد أن يكتشف ما خلف هالتها الساطعة .. ما تخفيه وراءها ، ما السبب الذي دفعها تتخذ هذه الهواية كعمل وتعلن عن انتمائها لصنعة الرجال .
لم ينتبه أنه اقترب إلا حينما استمع إلى صوت هارون المرح يتمتم ببساطة جانب أذنه : انت شرفت أخيرًا ، أُقف شوية هيعجبك الكلام أوي ، رمقه بطرف عينه ليتبع هارون وهو يغمز له بإشارة وقحة - وصاحبة الكلام كمان .
زفر بضيق ليتمتم من بين أسنانه : يا بني بس بقى انت دماغك دي اتجاهها شمال بس ، مافيش أي اتجاهات تانية .
ضحك هارون بخفة : أيوة عاوزة ظبط زوايا ،
ابتسم سراج بسماجة : دمك خفيف أوي الصراحة .
رفع هارون راسه باعتداد : طبعًا هو فيه زيي .
__ ده من رحمة ربنا بينا ، حرك هارون حاجبيه بإغاظة ليهتف بجدية : تعال أعرفك بقى ، عشان انت لو محدش زئك مش هتتحرك
تمتم وهو يدفع كف صديقه الذي قبض على مرفقه : مش عاوز اتعرف ، اوعى متزؤنيش يا بني آدم .
ابتسم هارون بلباقة وهو يتمتم له بخفوت : بطل معافرة بقى ، هو أنا اللي جبتك لغاية هنا ولا انت جيت برجليك .
هم بالصياح فيه ليقاطعهما صوتها الذي خرج واثقًا جادًا : انتم بتتخنقوا ولا اية ؟!
ابتسم هارون باتساع ليعبس هو بضيق وهو يرمق صديقه بنظره نارية : لا طبعًا ، ده أنا حبيت أعرفك على باشمهندس سراج ، التفت إلى صديقه يزجره بعينيه يحثه أن يبتسم بلباقة في وجهها : ودي بقى بطلتنا النهاردة – أنوشكا .
أجبر نفسه على الابتسام ليمد يده اليها يهتف باعتزاز وعنجهيه : سراج الوهيدي .
ابتسمت بلباقة لتصافحه بجدية : أهلًا وسهلًا بحضرتك ، تشرفنا .
سحب نفسًا عميقًا قبل أن يزفره : مبروك .
رمقته من بين رموشها : على ؟!
عبس قليلًا : على الفوز المتكرر ، ده ثالث سباق تفوزي بيه ، بقيتي مرشحة بقوة للوصول إلى النهائي .
__ آها انت تقصد كده ، لا أنا مش متعودة أفرح أوي إلا لما أوصل للى أنا عوزاه ، ألقتها ببساطة ليرمقها بجدية ويسأل بفضول – ايه هو بقى اللي انتي عوزاه .
نظرت إليه لتهمس بسلاسة شديدة : إني أفوز في النهائي ، ساعتها بس هقولك الله يبارك فيك .
ابتسم ساخرًا : امم مش شايفة إنها ثقة زيادة شوية .
هزت كتفيها : والله سميها زي ما انت عاوز ، ثقة .. غرور ، مش مشكلة ، أنا مؤمنة بنفسي وقدراتي .
رفع حاجبه بإعجاب طفيف بدأ يداهمه ليهتف متقمصًا تعبير شهير : يا سلام .
نظرت إليه بتحدي ليهتف هارون من خلفه بمرح : عارف لو قلت يا سلام دي تاني يا ولد .
انطلقت ضحكاتها مغردة من حولهما لتزيدها جمالًا وتأسر نظراته التي تعلقت بها رغمًا عنه ، ليكمل هارون بمشاكسة : أمووووت يا هووووووووه فلتسقط بنت سلطح بابا ، سيطرت على ضحكاتها بصعوبة لتهمهم بتبرم – وبعدين معاك يا هارون .
تنهد بافتعال : كده هارون هيروح في داهيه وهو مبسوط .
تمتمت برقة : بعيد الشر عنك ،
__ لو الشر كده أنا مستعد من بكره .
ابتسمت باتساع وتجاهلت حديث هارون لتهتف : تشرفت بمعرفتك يا باشمهندس لتشير بأطراف أصابعها : سلام يا هارون ،
وضع هارون كفه على قلبه ليهمهم بخفوت شديد : هييييييييييييييييييييييح .
التفت إلى صديقه ليسأله : ايه رأيك بقى ، أقنعها تمضي معانا .
رمقه سراج بغضب قبل أن يزمجر فيه : انت بتستهبل ، بذمتك ده أسلوب رجل أعمال وصاحب بيزنس ، ده انت لو واقف بتعاكس البنات في الشارع مش هتعمل كده .
لوى هارون شفتيه بضيق : يا عم انت ايه ، مبتفصلش عن الشغل والبيزنيس ، مبتضحكش لله كده ، افصل هتموت ناقص عمر بسبب النكد اللي انت حابس نفسك فيه .
هدر بخفوت : هارون قلت لك ميت مرة ملكش علاقة بيا وبحياتي واسلوبي ، أنا حر يا أخي .
رقت عيناه قليلًا ليضغط برفق على كتفه : أنا خايف عليك ، اللي انت فيه ده مش صح ، افصل يا سراج ، خد أجازة من الهم ، وبطل تحاسب نفسك على ذنب ملكش يد فيه .
ارتسم الألم بملامح سراج مليًا ليهمس بسخرية مريرة ارتسمت بابتسامته : أومال ذنب مين يا هارون .
هم هارون بالحديث ليشير إليه بالنفي : خلاص يا هارون ، أنا ماشي ، سلام .
راقبه يختفي من أمام نظره ليزفر بقوة وإحباط ألم به لثوان قبل أن يبدأ بالتمايل على نغمات الأغنية الصادحة بالأجواء يهز رأسه بحركة متناغمة ليتجه بخطوات واسعة إلى ساحة الرقص يقتحمها ويقترب من بعض الفتيات اللائي يرقصن ، يغمز بعينه في شغب وابتسامة مرحة ترتسم على شفتيه ، فتستجيب إحداهن لينغمس في رقص لا هوية له وكأنه ينفصل عن وجود يرفضه !!
***
تعالى الهتاف باسمه وهو يجتاز خط النهاية بسيارته السوداء التي أصدرت عجلاتها خطين متوازيين يدلا على سرعتها الفائقة ، دار بسيارته قبل أن يتوقف بها ويترجل منها متبخترا بفوزه الساحق لأحد أهم سباقات السيارات
خلع خوذته ليبتسم باتساع وهو يقف منتشي .. فرحًا ، قبل أن يندفع إليه صغيره منطلقا نحوه يناديه ثم يقفز متعلقًا برقبته فيحمله إليه يقبله وهو يستمتع بفرحة صغيره به ، ليختلج قلبه برفرفة مميزة تعلن عن حضور نصفه الآخر التي اقتربت منه تبتسم بفخر عيناها مكللتان بالسعادة لأجله ليضمها إلى صدره مقبلًا رأسها وهو يستمع إلى تهنئتها الهامسة بفوزه
رجف جفنيه والذكرى تعاوده بقوة ذكرى آخر احتفال له بالفوز وحفل كبير كان نجمه الأول ، زوجته تتعلق بساعده في فخر ويقربها منه بشغف كان يتوق للانفراد بها فغادرا متعجلين يهمس لها بأنه سيريها تفوقه في سباق خاص لها ، لينطلق بسيارته في سرعة لطالما ترجته أن يخفف منها ويا ليته استمع لها لم يكن حدث ما حدث .
ركن رأسه فوق مقود سيارته يحاول أن يبعد ذكراه الأليمة بعيدا ، يحاول السيطرة على أنفاسه المتسارعة ، قلبه الذي سيتوقف من كثرة خفقانه وعقله يرسمها أمامه من جديد وكأنه يعيشها ثانيةً ، يتذكر فقدانه السيطرة على مقود سيارته التي اندفعت تدور حول نفسها إلى أن ارتطمت مقدمتها بحائط خرساني يفصل اتجاهين الطريق فتطير بسبب سرعتها إلى الاتجاه الآخر وتسقط منقلبة على رأسها قبل أن تأتي سيارة أخرى فتصطدم بها .
ارتعد جسده كفيه يرتجفان وبرودة تحتل عظامه فلا يستطيع الفرار منها ، ترجل من سيارته بعد أن صفها أمام منزله الصغير المكون من طابقين، بخطوات متعثرة تدل على بعثره مشاعره تحتقن عيناه بدموع كثيرة توقف عن ذرفها حتى لا يهيج أحزانهم من جديد ، اعتلى السلم ليتوقف امام أولى الغرف يفتح بابها بهدوء وينظر إلى الطفل النائم بسلام داخل فراشه فيتنهد براحة شملته وهو يطمئن على وجوده الصاخب في حياته ، تحرك بخطوات بطيئة ليركع أمامه يلامس خصلاته برفق قبل ان يقبل جبينه بحنو وهو يغمض عينيه مستمتعًا برائحته الطفولية المحببة ، رفع رأسه وهو يستشعر وجودها تتوقف أمام باب الغرفة ، تهمس بسخرية : أخيرًا عدت .
أغمض عينيه بصبر بثه لأوردته قبل أن يستدير واقفًا ينظر إليها من علو يراقب ملامحها المتشنجة كفاها القابضان على ذراعي كرسيها المدولب الذي كان هو السبب في جلوسها عليه إلى الأبد !!
***
![](https://img.wattpad.com/cover/334553687-288-k417966.jpg)
أنت تقرأ
نوفيلا .. أنوشكا
Romanceأنا مش مصدق عنيا ، حد يجيب لنا اسم العربية الحمرا اللي منطلقة زي المدفع ده ، انتبه الى صيحة صديقه الذي تابع -ده مش مدفع ده قطر مبيقفش في محطات . اقترب منه صديقه ليناوله المنظار فينظر عن قرب إلى هذه السيارة الحمراء التي تناور بمهارة وخفة تتقدم الجميع...