بالباقي لبان

328 33 7
                                    


أهلا وسهلا يا صديقي، كنت أعلم أنك ستأتي، ولكن ما كنت جاهلة به؛ هو موعد قدومك، سأرفاقك لدقائق، وربما لسنوات إن ظل الكلام عالقا بذهنك، في جلستنا هذه سنتحدث عن الإبتلاء، إذن سنتأدب فنحن في حضرة قضاء الله وقدره، هل سبق لك وأخذت من البائع علكة بما تبقى لك من أموال؟ ما هذا السؤال الأحمق؟ وكأنني أسألك هل سبق لك استنشاق الهواء؟ سأروي لك ماذا يحدث في كل يوم لنا، نذهب بأموال لنشتري بعض الأشياء التي تُسعدنا وتَسعد بها معدتنا جدا، ونشتري بعض المقبلات التي تروق لنا، ومياه غازية بنكهة ربما لا يحبها سواك، ثم تذهب لتحاسب البائع فيخبرك في كل مرة أنه لا يمتلك فراطة، ويطلب منك بكل حب أن تأخذ بالباقي علكة، فتقبلها وأحيانا تسعد بها، تأكلها فور رحيلك، وأحيانا تبقى معك أيام وشهور وربما سنين، ولكن سيأتي وقت وتنتهي صلاحية هذه العلكة، كذلك الحياة، فحياتك بدون ابتلاء كزائر هبط إلى مصر؛ ولم يأخذ بما تبقى له من أمواله علكة، أعطاك الله نعيم يروق له عقلك وقلبك وليست معدتك، فلماذا لا تقبل منه بعض الابتلاء الذي يرفعك درجات في نعيم الجنة وتطلب منه العفو ليزيدك نعيم، وكن على يقين أن الإبتلاء مهما طال أجله سينتهي، كما تنتهي صلاحية العلكة، أعلم أنك راضٍ ولكنك أحيانا تبكي وكأن اليأس تمكّن منك إثر كلام الأنام، يا صديقي لقد تكلموا على الله، أتطمع أن لا يتكلموا على عبدٍ لله، هم البشر الذين تحدثوا عن خير خلق الله كلهم، تحدثوا عن الرسول قالوا شاعر وساحر، وهو من جاء ليخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة، كن كالشمس يا صديقي؛ إذا عبدها أحد طلعت وحرقت رؤوسهم ولم تنزوي لأحد، وتغرب وكأن شيئا لم يحدث، فهي لم تهتم بمن عبدها ولا بمن قال عنها حارقة، أريد أن أطرح عليك سؤالا، هل تتذكر مخترع الرصاص؟ أو مخترع القنبلة؟ لا تتذكرهم رغم أنهم سبب خراب هذا الكون، حسنا، هل تتذكر مخترع التلفاز؟ أو مخترع الحاسوب؟ لا تتذكرهم رغم أنهم سبب التطور الناشئ في الكون، ومن العجيب أن العالم لا يذكرونهم في حديثهم ولا يثنون عليهم، أتعلم لماذا؟ لأنهم البشر، يتذكرونك في الذم والمدح دمت أمامهم، اقبل الإبتلاء وابتسم، فلقد اصطفاك الله من بين جميع الخلق، لتكون صاحب الإبتلاء الذي يقربك منه، اجعل من ابتلاءك طريق للجنة، ولا تجعله بابًا يزورك الشيطان منه، وأخيرًا تذكر "أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه" سأنتظر قدومك لتقرأ تلك السطور كلما ازدحمت عليك الدنيا.

_ راتيل سعد.

هدوء العواصفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن